Sunday, June 26, 2011

التيس

-1-

لانهما يعرفان "آماديتو" ، وعلى الرغم من عدم اهتمامه بالسياسة، هو مثل اى ضابط فى الجيش يكن ولائاً كلبياً، احشائياً للزعيم الاعلى، المنعم، ابى الوطن الجديد الذى يترأس منذ ثلاثة عقود مصائر الجمهورية وحياة الدومينيكانيين وموتهم...

يمكن للكولونيل ان يكون شيطاناً؛ ولكنه مفيد للزعيم؛ فكل ما هو سىء ينسب اليه، بينما ينسب الجيد الى تروخييو (الزعيم). هل هناك فائدة وخدمة اكبر من هذه؟ فلكى تستمر حكومة مدة ثلاثين سنة لابد من وجود جونى ابيس (الجنرال) يدس يده فى البراز. بل ويدس جسمه ورأسه اذا اقتضى الامر. انه يحرق نفسه. انه يستقطب كراهية الأعداء، واحياناً الأصدقاء. الزعيم يعرف ذلك ولهذا يستبقيه الى جانبه. ولولا ان الكولونيل يحمى ظهر الزعيم، لما كان بالامكان ضمان الا يحدث له ما جرى لبيريث خمينيث فى فنزويلا، وباتيستا فى كوبا، وبيرون فى الأرجنتين...

من رواية "حفل التيس" .. ماريو بارغاس يوسا

-2-

وأنت الآن مدعوّ، تاريخياً، لكي تفكّ هذه المماهاة بين سوريا وحزب البعث العربي الاشتراكي. فسوريا أرحب، وأغنى، وأكبر من أن تُختَزَل في هذا الحزب، أو أي حزب سواه. أنت مدعوٌّ، إذاً، إنسانيّاً وحضاريّاً، أن تكون إلى جانب سوريا، لا إلى جانب الحزب. أو أن تكون معه بقدر ما يندرج هو في سياق حركيتها، وبقدر ما يعمل على السموّ بها، مع غيره من أبنائها. ـ خصوصاً أنّ الحزب أُعطي فرصة طويلة ونادرة لكي يندرج في هذه الحركية الخلاّقة، عاملاً على السموّ بهذه البلاد الفريدة. غير أنّ التجربة تؤكّد فشله الكامل. لا تنفع المكابرة في ذلك، ولن تجدي القوة أو العنف في إثبات العكس. تتسع السجون للأفراد، لكنها لا تتسع للشعوب. يستحيل سجن الشعب. ولا تشير السجون السياسية إلا إلى الفشل. ولا تجدي القوة، مهما كانت، في قمع هذه الحقيقة أو طمسها.

بل إنّ الحزب في ممارسته السلطة طول هذه الفترة، أساء كثيراً إلى الهوية الثقافية السورية. قدّم على عروبة الانتماء للغة والثقافة عروبةَ الانتماء إلى «العرق» و»الدين»، مؤسِّساً لثقافة ذات بعد واحد، ينتجها مجتمع ببعد واحد. ثقافة ضيقة، اجتراريّة، تنهض حصراً على الضدية: «تكفير» المختلف وتخوينه أو نبذه أو تهميشه. عروبة حلّت محلّ اللاهوت.

(رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد).. ادونيس