Monday, September 29, 2008

جدى

-1-

لم يغير جدى عاداته يوماً واحداً . يصحو كل يوم مبكراً . يضىء نور الصالة و يدير جهاز الراديو على أذاعة مونت كارلو ليسمع الأخبار أثناء أعداده الأفطار . يخرج العيش البلدى من الثلاجة و يضعه فى فرن البوتاجاز . يخرج " قالب " جبنة قريش و طماطم . يهرس الجبنة و يقطع الطماطم الى قطع صغيرة و يخلطهما . يضع قليل من النعناع و الزيت عليهما . يقشر فص توم , يبلعه قبل الأفطار . يُخرج العيش من الفرن و يجلس على الترابيزة ليتناول أفطاره .

جدى تبدو عليه امجاد مجد قديم . بقايا وسامة مازالت عالقة فى ملامحه . طويل القامة و عريض , جسده ممشوق ممشدود ,  شعره أسود , يرتدى البدلة الصيفى " بتاعة عبد الناصر " و النظارة الشمس الريبان الأصلى . يمسك عصاه كجزء من الفخامة و ينزل بعد الأفطار ليتابع أعماله . جدى يملك ثلاث محلات , واحد للفول و الطعمية , و اخر للكشرى و الثالث مسمط . و ثلاث جراجات فى الحى الذى نسكن فيه احدهم بجوار محطة البنزين التى يملكها . ينزل كل يوم يتفقد احوال المحلات و الجراجات , يعود متأخراً أخر اليوم . نفس الروتين كل يوم الا يوم الأحد الذى يملك عاداته الخاصة .

-2-

يسافر أبى كثيراً . من الأثنين الى الخميس من كل الأسبوع . فنذهب الى بيت جدى لنبيت هناك حتى يعود . فى أيام الدراسة يوقظنى جدى بعد أفطاره حتى أذهب الى المدرسة , اما فى الصيف فيوقظنى لكى أذهب معه لنباشر الأعمال . أعود منهك من تلك اللفة الكبيرة على المحلات و الجراجات . ندخل البيت فتضحك جدتى و تسئلنى عن اخبار الشغل فأجيبها بأن كله تمام . يفهمنى جدى بأن لا اكون " طرى مع الستات " و انه ينبغى عليهم عند عودتى فى ميعادى المعروف أن يكون الطعام ساخنا ليوضع على السفرة مباشرة عند دخولنا . و هو ما يحدث فعلاً . لم تتأخر جدتى و أمى عن ذلك يوماً واحداً .

فى الصيف أخرج مع جدى لكى نباشر الأعمال . كنت وقتها لم أُكمل العشر السنوات . و كنت اشعر بالسعادة نتيجة للأحترام المبالغ فيه من العمال . فانا حفيده الأول و علامات الفخر المرسومة على وجهه واضحة جداً . يجرى العمال فى الجراج لأحضار كرسيين عند دخولنا و " اتفضل يا سعادة الباشا الصغير " . اجلس فى هدوء الباشا فيجرى أخر لاحضار " حاجة ساقعة للباشا الصغير " و كوب الشاى الأصطباحة لل" باشا الكبير " . ناكل أكلة خفيفة جداً فى احدى المحلات أثناء اللف و ينتهى بنا المطاف اخر اليوم  عند صديق جدى الحج مصطفى صاحب ورش الخراطة . نجلس عنده حتى ميعاد العودة الى المنزل .

-3-

يختلف هذا الروتين يوم الأحد , يوم الرب . يصحو جدى متأخراً ساعة عن ميعاده . لا يفطر . يوقظ البيت كله لنذهب الى الكنيسة . نعود بعد الكنيسة الى البيت . يوم الرب . تتجمع الأسرة كلها . أمى و خالاتى و خالى الوحيد . كل خالة بزوجها و أولادها . ترجع خالاتى و اولادهن مع جدتى الى البيت يطبخن فى أنتظار الأزواج لحين عودتهم من العمل . لا نعود انا و جدى مباشرة بعد الكنيسة الى البيت بل ننجز بعض المهام أولاً . تعود الزوجات الى البيت و نذهب أنا و جدى الى السوق لشراء الخضار والفاكهة و اللحوم و الطيور " او الزفر " كما كان يسميه .. لأن من يحدد غذاء يوم الأحد هو جدى .

جدى , كما تخبرنى جدتى : كان معجبانى و حليوة , لذا فهو يمارس تلك المعجبانية الأصيلة على البائعات فى السوق . فأم جمعة العجوز السوداء بائعة الفجل و البقدونس و الجرجير و الليمون , كما يقول لها جدى , تزداد حلاوة كل أسبوع !!!! . اما فتحية , المزة الأصلى كما أراها انا , بائعة البصل و الخس , فهى تجعل جدى يندم كما يقول لأن الشرع فى المسيحية لا يبيح التزوج من امرأتين !!! يا قطة انتى . و لانه أبن نكتة فجميع بائعى السوق ينتظرونه لألقاء اخر نكتة على مسامعهم . اتعجب كثيراً من أين يأتى جدى براحة البال تلك . و اتعجب اكثر من الاختلاف البين فى شخصيته . فالعاملين عنده يهابونه و يخافونه لحزمه و شدته و مع ذلك هو لا يتورع أن يلقى نكتة على مسامع صبى القهوجى الذى يحضر له الليمون و هو جالس عند الحج مصطفى . ننهى جولتنا عند " الخُضرية " و نذهب الى أبو جرجس صديق جدى بائع الفاكهة . نجلس عنده قليلاً نشرب الليمون و نأكل سندوتشات الجبنة بالطماطم . ننهض و يخبره جدى بأن يجهز الفاكهة المطلوبة و سيرسلنى جدى اليه بعد ساعتين لأحضرها . لا يدفع جدى ثمن الفاكهة بل يمر عليه ابو جرجس أول كل شهر و يجلس معه فى البنزينة " ياخد واجبه " و يأخذ ثمن الفاكهة عن الشهر الفائت لأنهم اصدقاء و " ما بين الخيرين حساب " .

نعود الى المنزل حاملين الخضار و الزفر , فنجد ان السيدات قد انهين الافطار . يضع جدى ما يحمله على السفرة . تبدأ الخالات و امى تحت قيادة جدتى رحلة أعداد طعام الغذاء ما عدا السلطة لأن جدى هو من يقوم بتجهيزها . تبدأ عملية الأعداد و تستمر حتى مجىء الأزواج . و مع دخول اول زوج يبدأ جدى فى أعداد السلطة و يخرج زجاجات البراندى و العرقى و النبيت لكى يقوم الرجال بالمَز بالكبد و القوانص و قطع البفتيك قبل الطعام و لأنى كنت حفيده المفضل فكان دائماً " ينوبنى من الحب جانب " .

-4-

يوم السبت . يوم جدتى . يعود جدى مبكراً لتناول الغداء مع جدتى و الاولاد . يدخل ليستريح قليلاً . " ح-أيِل شوية " كما يقول  . يستقيظ بعد غروب الشمس . يرتدى ثيابه و ينزل الى السيارة . بيجو 504 . سيارة " المعلمين الكبار " فى ذلك الوقت . تنزل جدتى بعدها و يخرجا للنزهة . يعشق جدى النيل و التمشية على كوبرى " قصر النيل " . يركن السيارة فى أقرب مكان , ينزلا منها لتكون نزهتهما هناك على الكوبرى . يسيرا حتى التعب . ثم يختارا أى مطعم للعشاء . و يعودا متأخراً . ينام مباشرة استعداداً ليوم الأحد . خمس خالات و خال واحد  . اربعة متزوجات . خالتى الصغيرة و خالى مازالا يعيشا مع جدى و جدتى . خالى يعمل محاسب فى أحدى الشركات و خالتى دكتورة تدير صيدلية احدى المستشفيات .  نجتمع مرة فى الأسبوع جميعاً . و نبيت انا و أمى عند جدى من الأثنين الى الخميس . لم يحدث شىء يعكر صفو حياتنا . لم يحدث أن ضربنى جدى الا مرة واحدة و بسبب الحج مصطفى .

-5-

جدى و الحج مصطفى أصدقاء منذ قدومها من الصعيد , لا يفترقا أبداً . لابد ان يمر عليه جدى كل يوم فى الورشة , او يمر عليه الحج فى البنزينة . فى رمضان , شهر الصيام الخاص بالمسلمين , نفطر مرة عند الحج و مرة يفطر عندنا الحج . علاقتهم غريبة و معروفة فى الحى كله . فمن يريد شيئاً من جدى تكون واسطته الحج و من يريد شيئاً من الحج تكون واسطته المقدس كما يقولون  . دائماً معاً فى الأفراح و المأتم . صداقة لم يفرقها الا الموت . موت الحج .

عندما علم جدى بوفاة الحج مصطفى , كان يتصرف كأن القيامة قامت . لم أفهم افعاله تماماً . لم أفهمها حتى الأن . فجدى أصر على ان يذهب الى الجنازة بنفسه . وقفنا على باب الجامع ننتظر . و ذهبنا ورائه بالسيارة حتى المدافن . و أقام جدى الصوان و اشرف عليه بنفسه . و وقف يستقبل العزاء على مدخله و هو يبكى . كانت تلك هى المرة الأولى التى أرى فيها " الحليوة المعجبانى " يبكى . مال علىّ جدى و اخبرنى بصوت متحشرج " لما تسمع كلمة الفاتحة , ارفع ايدك و قول أبانا الذى .. فاهم ؟ " . و لما اخبرته " دول مسلمين منقلهمش ابانا الذى , و احنا مالنا بيهم " . كانت تلك هى المرة الأولى التى ضربنى فيها و صرخ فى وجهى " اوعى أسمعك تقول الكلام ده تانى "  . لم أفهم  وقتها لماذا ضربنى و لماذا ينبغى علىّ ان اقول " ابانا الذى .. لشخص مسلم " . و لكنى ارضاءاً له كنت ارفع يدى و اتمتم بكلمات غير مفهومة اما هو فكان يتلوها بصوت عالى . بعد انتهاء العزاء , وقف جدى امام محمود ابن الحج مصطفى يشد على يده و يخبره و هو يبكى " اوعى يا محمود متحضرش جنازتى .. اوعى يا أبنى .. انا مكنش لىّ غير أبوك .. و لازم حد من ريحته يحضر جنازتى .. اوعى يا محمود " . و لأنى كنت حاضر تلك الواقعة , فقد أصبحت شاهد عليها .

-6-

تغير جدى كثيراً بعد هذا الحادث . لم يغير عاداته و لكنه تغير . لم يعد يمرح او يضحك . أصبح قليل الخروج و لم يعد يمر طويلاً على كل المحلات . أصبح مروره سريعاً و يجلس فى محطة البنزين كثيراً . تشعر بأنكسار فى نبرة صوته . لمدة شهور بعد الوفاة لم يقطع عادة المرور على ورشة الحج و يجلس مع أبنه محمود الذى لا يهتم كثيراً بتلك الزيارات كما لاحظت بل يسعى لأنهائها مبكراً . ثم انقطعت تلك العادة .

 فى اخر جلساتنا مع محمود , أنصرف مستئذناً لأنه سيصلى المغرب و يعود بعدها الى المنزل . تكرر الموقف اكثر من مرة . لم يكن الحج مصطفى يستأذن و ينصرف . بل كان يصلى فى الورشة . يفرش سجادته و يصلى المغرب و جدى منتظر ,  يحتسى الليمون . و لما ينتهى الحج من صلاته يسارع جدى بالقول : الله يتقبل يا حج . فيجيبه الحج : منا و منكم إن شاء الله . أنقطعت زيارة جدى بالتدريج و أصبح يكتفى أثناء مروره بالتحية فقط . زاد صمته و سكونه . مرارته فى الكلام أصبحت واضحة . ملامحه ازدادت حزناً و لم يعد يهتم بمظهره . لم يعد يلقى بنكاته أو يداعب ام جمعة . لم يعد ينعى حظه لصعوبة زواجه من فتحية . و كما قالت جدتى لى التى لم تعد تخرج من البيت : جدك خلاص كبر و مبقاش زى زمان .. أدعيله يرجعله راحة البال اللى كانت عنده .

تولى خالى عملية المرور و التحصيل و متابعة الأعمال . و كنت احياناً امر معه و لكن كثيرا ما أرفض لأننى أفضل المرور مع جدى . فخالى صموت قليل الكلام . لا يحب " الملاغية و المناغشة " و لا يجيد القاء النكات . لا يحب البذخ و الصرف على عكس جدى تماماً .

-7-

تتزوج خالتى من دكتور زميلها فى المستشفى . تترك المنزل و تذهب للسكن بعيداً بمدينة نصر فى شارع مكرم عبيد .  يترك خالى وظيفته كمحاسب فى احدى الشركات و ينضم الى احدى الرهبانيات الخدمية . دخل الدير و انقطع للدراسة و الصلاة . و اصبح يزورنا كل يوم أحد فقط . و تغير الحال تماماً . فبعد ان اعتمد عليه جدى فى التحصيل و متابعة الأعمال . أصبح لزاماً عليه مرة اخرى ان يباشر أعماله بنفسه . مما أخرجه قليلاً من حالة الحزن .

لم تنقطع طبعاً زيارته كل يوم احد لأبو جرجس . كنت أذهب لأحضر الفاكهة من أبو جرجس فى المواعيد التى يحددها جدى . فأبو جرجس هو من تبقى . زادت جلساتهم و طالت . كنت احضرها كل يوم احد بعد عودتنا من الكنيسة . كان مرض السكرى هو ما ينقصه . اصيب به و اصبحت خطواته ثقيلة . اسير معه كثيراً . مع الوقت عرفت الكثير من أسرار الشغل . كنت انزل فى اوقات كثيرة لأنفذ ما يطلبه و توصيل اوامره للعمال . أباشر كثير من العمل. أصبح يعتمد علىّ فى الكثير و كنت سعيداً بتحمل المسئولية . فى الصيف , أمر على المحلات و على الجراجات أعرف طلبات العمال و احتياجات المحلات . لم يكن التليفون المحمول قد ظهر , فقد كنت اكتب كل شىء حتى أصل الى محطة البنزين و اكلمه من هناك . لم أعد الباشا الصغير بل " الباشا " فقط . كنت فى ثانية ثانوى . و لكنى صرت الباشا . اعرف أسماء العمال و القابهم . ادفع للموردين و اقوم بالتحصيل الأسبوعى . ادفع الأجور و المرتبات . كنت سعيد بما أفعله لأنه كان يسعد جدى . حتى حدث ما حدث .

-8-

توفى أبو جرجس فى حادث أثناء قيادته السيارة . و كالعادة سارع جدى ليكون اول المعزيين و اخر المنصرفيين . فتح الكنيسة و المدفن , و تلقى العزاء . كنت بجواره . أساعده و انفذ ما يطلبه منى . حتى أنتهت صلاة صرف الروح . ثلاثة ايام و جدى يفعل كل شىء كأنه يجهز لموته هو . و عزى جدى جرجس الأبن و اوصاه بأن يحضر جنازته لأنه من ريحة المرحوم . و لان الحديث كان امامى فقد أصبحت شاهداً عليه .

تعب جدى كثيراً نتيجة للمجهود و لمرضه . و نُقل الى المستشفى .. اصبح كل شىء فى المحلات و الجراجات و المحطة تحت مسئوليتى أنا و خالى . انفذ اوامره و انقلها بحرفها . حتى عبر ازمته و لكنه لم يعد الى سابق عاداته . لم يعد ينزل او يباشر حتى اعماله . كل العادات للمرة الأولى تغيرت و لكن عادة يوم الأحد لم تتغير . كنا نجتمع كل يوم احد فى بيت جدى للغداء معه . كانت امى و جدتى هما من يشترين الخضار و الزفر و الفاكهة . كنا نذهب الى الكنيسة و يعود هو الى البيت بعد القداس بالسيارة و الف انا مع جدتى و امى لشراء الطلبات و ندفع ثمنها . دخلت الثانوية العامة و تغير الحال أكثر . لم أعد متفرغ للمرور على المحلات . لم أعد اذهب كثيراً للغذاء يوم الأحد معهم بأوامر جدى . بل يتركونى فى منزلنا للمذاكرة  . و يرسل لى الغذاء و طبق السلطة الذى يصنعه بنفسه الى البيت . كان جدى هو من يمر قليلاً . عيّن جدى احدى المعاونين له , عامل من البنزينة , مما عرف عنه نظافة اليد  . لم أعد اراه كثيراً و لكنه كان ينتظر و يدعو لى كل أحد أن يصبح الباشا الصغير مهندساً .

-9-

نتيجة الثانوية . مهندس . يفرح جدى كثيراً . نجاحى يعيده الى سابق عهده . مكافأة اسبوع لكل العمال . تطورت و أصبحت " الباشا البشمنهدس " . امر بنفسى مع ذلك العامل . اعطى التعديلات التى يرغبها جدى . مكافأة لى منه , اسبوع سفر الى شرم الشيخ على حسابه . عدنا الى عادتنا القديمة . نمر مرتين او ثلاثة فى الاسبوع . نعاكس فتحية سوياً و تزداد ام جمعة شباباً !!! . نلقى السلام فقط على محمود كالعادة . و نمر على جرجس فلا نجده فى المحل بأستمرار . لم يحزنه ذلك كثيراً . فقد كان سعيداً بحفيده المهندس . نجتمع على سفرة واحدة , بناته و الازواج و الاحفاد . اصبح كرسىّ بجواره . يجهز جدى السلطة و المزّة بنفسه مع دخول أول زوج . أخيراً نسمع اخر نكتة يلقيها جدى و كانت نكتة كما سمعتها " نكتة حراقة " . يضحك ضحكته الشهيرة و " يطرقع "   كأسه بكأسى . فقد اصبح مسموح لى بالجلوس فى مجلسهم فقد " كبرت يا واد يا باشمهندس "  . يحضر خالى من الدير اخر واحد , على الغذاء مباشرة . تكتمل العائلة . و بسخرية رب العائلة , تدمع عيوننا من الضحك من جديد .

-10-

الأحد . نمر بأنفسنا نشترى الخضار و الزفر . بعد عودتنا الى البيت . يرسلنى جدى الى جرجس لشراء الفاكهة . " بطيختين حُمر مرملين " على حد قوله . نزلت الى جرجس و أخبرته بالطلب و انى من طرف جدى لأذكره بنفسى لأنه لم يرنى الا مرة واحدة .

عايز أيه ؟ .. بطيختين .

وزن جرجس البطيختين و ابلغنى بالسعر و طلب النقود . فذكرته بنفسى مرة اخرى و ان " عليه أن يمر على جدى فى البنزينة " . يجيبنى جرجس فى وضوح " اللى عايز حاجة ييجى ياخدها و يدفع تمنها , احنا مش بنبيع شكك و مش حروح أعدى على حد , بلاش قرف و وجع دماغ . "

و لأن الموقف أصبح محرج . اخرجت ما معى من نقود و دفعت ثمن البطيختين . وعدت الى المنزل مصدوم صامت مذهول مما حدث . دخلت و وضعت البطيخ على السفرة . خرج جدى من غرفته . دخل المطبخ و التقط السكين الطويلة . يشق الاولى نصفين و يتذوقها فلا تعجبه . يشق الأخرى , أسوأ من الأولى . يلعن جدى و يسب فى الكيماويات التى خربت الفاكهة و الخضار . يطلب منى " معلش انزل هات أتنين تانى و قوله ياخد باله المرة دى بدل ما اروحله و اهزئه , هههههه " . تلعثمت و أجبت  " اصل الفلوس ... " , جدى بغضب " فلوس ايه ؟ ... عيب الكلام ده , هو عارف من أيام أبوه , يعدى علىّ فى البنزينة و ياخد اللى هو عايزه " . أخبرته بأنى دفعت ثمن البطيختين و انه قال " اللى عايز حاجة ييجى ياخدها , و مش حعدى على حد , بلا قرف " . يسمع جدى كلماتى فى ذهول . تسقط السكينة من يده على قدمه فتجرحها . يذهب الى غرفته و يغلقها . لم يُعدّ السلطة كعادته و لم يخرج للغذاء متعللاً بأنه مرهق و لا يريد الأكل . يغلق جدى الباب على نفسه بقية اليوم , و لا يرى أحد .

-11 –

الخميس . يرن جرس التليفون . تجيبه أمى . و ما ان تسمع اولى الكلمات حتى تنهار فى البكاء . نلبس كيفما أتفق و نهرع الى بيت جدى لنتأكد من الخبر . توفى جدى . لا أصدق . ابكى كما لم أبكى فى حياتى . ما أن تدخل من باب الشقة  , تتهمنى خالتى الدكتورة مباشرة بأننى السبب فى موته . بأننى انا من قتلته . " قلتله ليه انك دفعت الفلوس , قلتله ليه انه مش حيعدى ياخد الفلوس من البنزينة ؟ كنت تسيبه يفتكر انه لسه عايش أيام زمان  " !!!  .

يجبرنى خالى بأن أقف بجانبه لتلقى العزاء على باب الكنيسة و المدافن و القاعة , حسبما اوصى جدى . أخبر أبى بوجوب ابلاغ محمود أبن الحج مصطفى و جرجس , لأن اذا كنا نسعى لتطبيق وصية جدى , فلابد من حضورهما الجنازة لأننى شاهد على هذه الوصية . لا يحضر محمود الجنازة لانه أصبح متدين كما فهمت و لا يجوز ان يدخل كنيسة . أما جرجس فقد قابله والدى و خالى صدفة و عاتبوه على عدم حضوره فاجابهم بأن " الدنيا تلاهى و الواحد مشغولياته كترت و مبقاش فايق لحاجة و لا لحد " . يَصدُر قرار بعدها بعدم الشراء منه لأنه حسب قولهم " قليل الأصل " .

بعد الأربعين , يجتمع مجلس العائلة للتصرف فى ممتلكات جدى . خالى , الراهب , لا يجوز له التملك او الأدراة او الميراث بحكم الرهبنة التى يتبعها . فلا يجدوا حل الا ببيع المحلات و الجراجات و المحطة , و تقسيم الفلوس . اتدخل بأنه لا ينبغى ان نبيع أملاك جدى , لأنى بحكم مرورى معه أعرف كل كبيرة و صغيرة و أستطيع ان اديرهم بمساعدة خالى . يسكتنى أبى و يطلب منى الخروج من المكتب .

-12-

ذهبت جدتى لتعيش مع خالتى الصغيرة . نجتمع 3 مرات فى العام . مرة فى العيد الكبير و الثانية فى الصغير و الأخيرة فى قداس الذكرى السنوية لجدى الذى يقيمه خالى . بعد عشر سنوات و وفاة جدتى تلاشت أيضاً تلك العادة و أصبحنا نجتمع مرتين فقط . و لما طلبت من خالى ان يعيد القداس رغبة فى احياء ذكرى جدى الذى لم يتبقى منها شىء بعد بيع كل املاكه , يجيبنى خالى بجملة جرجس " الدنيا تلاهى و المشغوليات كتير " . لم اطلب منهم طبعاً مقاطعة خالى كما فعلوا مع جرجس . و لكنى قررت عدم دخول هذا الدير مرة اخرى .

-13-

مات جدى من 20 سنة و لم يتبقى منه الا ذكريات جميلة قليلة و ثلاث صور لنا معاً , و سر طبق السلطة الذى علمنى إياه . لم يتبقى من املاكه , الا نظارته الشمسية الريبان و عصاه لزوم الوجاهة . حتى فتحية المُزة خانته و تزوجت بأخر .  حرصت على أن احصل على زجاجة النبيذ الأخيرة , و الذى كان يصنعه فى البيت . لم أشرب منها و تركتها لليلة فرحى . أرتدى كل فترة نظارته و امسك عصاه و أقف امام المرآة أضحك ضحكته , فأبكى . قررت أن لا أقطع عاداته . اذهب كل يوم أحد الى نفس الكنيسة , فلا أشعر بالرغبة فى الصلاة . قررت ان أصلى فى كنيسة أخرى لا أرى فيها وجهه مع المصلوب . امر على محمود لألقى عليه السلام فلا يتذكرنى ! . أم جمعة خالفت وصيته و لم تعد شباباً بل ماتت عجوز  و فتحية بعد زواجها لا تنزل السوق . اصبحت كل النكات قديمة لا تُضحك . باع جرجس محل أبيه الفكهانى و حولّه الى محل للوجبات السريعة , مليئة بالكيماويات التى يكرها جدى .

مات جدى من 20 سنة و مازالت خالتى مقتنعة بأنى قتلته .  مات جدى و لم يتبقى منه الا صورته الكبيرة المعلقة على الحائط فى صالون بيت العائلة الذى لا نجتمع فيه الا مرتين فى العام . مات جدى و مازلت أشعر بالذنب من جراء كلمات خالتى . مات جدى و مازلت حتى الأن لا أعرف السبب الحقيقى لوفاته .

-14 –

أركب السيارة البيجو ال504 , التى أصرت أمى على الأحتفاظ بها . اعطتنى أياها . أذهب الى مدرسة أبنى لأحضره . يركب بجوارى مشمئزاً و يخبرنى أنه حان الوقت لكى نبيع تلك " الخردة " و نشترى واحدة أخرى موديل العام . أهز رأسى " ربنا يسهل " . أخبره بأنه سيذهب مع أمه ليبيت عند جده لأنى مسافر لمدة أسبوع . يمط شفتيه و يتمتم  " بلا وجع دماغ " . أنظر اليه فى صمت و أنطلق بالسيارة الخردة الى المنزل .



Thursday, September 25, 2008

بالمادة أصلى

لقد أتيح لى ذات يوم ان أبيّن لبعض الشبان كيف أن المرء يقوم بعمل دينى إذا ما تبنى عناصر الأرض و سما بها الى معارج الروح . و بعد بضعة أشهر , ذهب احد هؤلاء الشبان , و كان كيميائياً , الى ألمانيا ليتمرس بمهنته فى مصانع " باير ". و من هناك كتب الى خطيبته ما نصه : " يا للعجب ! انا هنا فى مختبرى , جالساً الى طاولتى امام الآنية الملأى بالمواد الكيمائية و العناصر الملونة , بين الأزرق و الأحمر و الأصفر و الأبيض . و فيما أقوم بأعمال المزج و التركيب , أفكر فى أقوال الأب بولاد و أرى ذاتى فى موقف الكاهن امام المذبح أحول تلك العناصر الى جسد المسيح نفسه الذى هو الأنسانية . لأن هذه الأدوية التى أهيئها سوف تصبح قدرات تحمل القيامة و الحياة الى الآلاف المؤلفة من المرضى و المحتضرين الذين سوف يبنون حقاً جسد المسيح . أرى أنى أقوم بعمل تقديس حقيقى : فطاولة الهيئة هذه هى مذبحى , و هذه الآنية هى كأسى , و هذه القصاع هى صينيتى , و إن عملى يحقق فعل تحويل العالم ليجعل منه قرباناً حياً لتمجيد الله " .

و لما حملت لى الفتاة تلك الرسالة و قرأتها , شعرت بفرح لا حد له , لأنى نجحت فى مساعدة ذلك الشاب و جعلته يحيا مسيحيته و صلاته فى صميم عمله , فى صميم مهنته . لقد دخل الله فى قلب حياته , حياة الباحث الكيميائى , فتحول عمله اليومى الى عمل دينى مقدس . و من خلال المادة أكتشف دعوة , بل تبينت له رسالة , رسالته , و هى أن يكون كيميائياً و كاهن الخليقة فى آن معاً و من دون تمييز .

و هذا أيضاً ما يحصل بالتمام حين تحول الطباخة المواد الغذائية الى أطباق شهية يقتات منها الأنسان . فثمة أيضاً عمل تحويل مقدَّس و مقدِّس , يصبح من خلاله الجماد و النبات صحة و فرحاً و مشاركة و حباً . أجل , ففى قلب المادة تكمن قدرات حياة و حب لا تحصى و لا تحد . و ذلك ما نتبينه من النار التى تشب من الصوان فى طقوس ليلة الفصح , على نحو ما كانوا أجدادنا يضرمون النار مستعينين بحجرين من الصوان .

ففى تلك المادة التى تبدو متينة لا حركة فيها , تكمن النار , أى ما هو أقرب الى الروح , و الأبعد من المادة , و الأشبه بعالم الله و النفس . ينبعث النور مما هو أقل الأشياء نوراً فى الدنيا , و أشدها ظلاماً و كثافة . إن قلب ذلك الحجر الجامد هو هيكل مقدس فيه شعلة تضطرم .

-------------

من كتاب " بالمادة أصلى " .

الأب هنرى بولاد 

Thursday, September 18, 2008

طريق الهداية

من خمس سنين كنت بروح الشغل بالميكروباص . كنت بصحى بدرى و انزل من البيت على الساعة 7 . أتمشى لغاية الموقف , اشترى علبة عصير و أقف استنى ميكروباص يكون فاضى . بحب أركب قدام جنب السواق . فكنت أستنى لغاية ما الموجود يمشى و أركب اللى بعديه من أول التحميل علشان احجز الكرسى اللى قدام . اول ما أركب و الميكروباص يطلع , اشرب العصير علشان أعرف أولع سيجارة فى الربع الأول من الطريق و واحدة تانية فى الربع الأخير . كله محسوب و بدقة , امتى تولع الاولى و امتى تولع التانية  . طبعاً كل يوم بيتكرر المشهد ده , خمس مرات فى الأسبوع . حفظت السواقين و فى سواقين حفظتنى و بقت تحجز لىّ المكان . فى سواق من اللى بيحجزولى حصل بينى و بينه  موقف غريب .

من خمس سنين كانت الفضائيات مش بنفس القوة و الكثرة و الأنتشار دلوقتى . فكنت بسمع الشيخ محمد حسنين يعقوب و الشيخ محمد حسان فى الميكروباص قبل ما يظهوا دلوقتى فى قناة الناس . اول شريط سمعته كان للشيخ محمد حسنين يعقوب . مش فاكر أسمه .. بس كانت داخلة الشريط قوية , صوت رعد جامد و بعدين صوت الشيخ يعقوب بيقول : " انت ما بتصليش ليه ؟ " . فكان السواق اول ما يطلع يروح مشغل الشريط و كان بيبدل مرة للشيخ يعقوب و مرة للشيخ حسان . و كل ما ينزل شريط جديد يروح جايبه و بما أنى بركب من أول الخط لقبل اخره بشوية فكنت تقريباً بأسمع الشريط كله . المهم , من كتر الركوب مع السواق ده , اتعرفنا على بعض . عرف انى مهندس و عرف أسمى و أسم الشركة و الكلام العادى ده . و بما أن أسمى لا يحمل أى دلالة دينية و مش داقق صليب لأنى كاتوليكى و كمان مش لابس لا سلسلة و لا خاتم و لا حتى ساعة فى أيدى . و سيجارتين الصبح كنا بندخنهم مع بعض و نحكى فى أى حاجة , الغلاء و المعيشة و امى العيانة و امه ست كبيرة و الأدوية الغالية و شقا طول النهار و الفلوس مش بتكفى و بنشتغل شغلانة و أتنين و بنتكلم طبعاً كأى اتنين رجالة عن النسوان و جسم النسوان و كل حاجة . و لأن الهموم و المشاكل مشتركة و الكلام واحد , فالراجل معرفش أذا كنت مسيحى و لا لأ . و لأن الفرض الطبيعى ان المسيحيين بيظهر عليهم حتى لو من الصليب اللى فى أيديهم , فالراجل محطش فى دماغه حاجة و هو أساساً راجل محترم و حبيبى يعنى . عشرة ميكروباص . كل الأحاديث شغالة و الشريط شغال يا اما بتاع الشيخ حسان يا أما بتاع الشيخ يعقوب . نسمع كتير و نتكلم . و كل ما الاقي السواق ده , أركب معاه كده و الحياة ماشية .

المهم , دخل الصيام بتاعنا و انا بصوم " طقسى كامل " , يعنى بصوم من 12 بالليل لغاية الساعة 4 تانى يوم أنقطاعى و بعدين أفطر على أكل بالزيت . و كنت لازم أقرأ الصبح المزامير أو الأجبية ** . و كتاب المزامير اللى معايا كانت نسخة شرقية و النسخة الشرقية كانت بالتشكيل و النص متبروز و حجمها صغير و فى غطاء جلد و مكتوبة بخط نسخ عربى أصيل . و كمان مش بحلق دقنى طول الصيام طول 45 يوم . و لأن اجازة الشغل سبت و أحد , فاول يوم شغل نزلته صايم كان يوم " الأتنين " . طبعاً الفترة اللى قبليها كنت سمعت شرايط كتير للشيخان .

ركبت الميكروباص و مولعتش سيجارة طبعاً . فراح السواق عازم علىّ بسيجارة على أساس انه أفتكر ان مش معايا سجاير . عزم على بسيجارة فقلتله شكراً . فالراجل أستغرب و سئلنى عن السبب , طبعاً جاوبته عادى : معهلش أصلى صايم . الراجل سكت لكن لأن اليوم كان " الأتنين " فربطها ربطة تانى خالص  و قالى ربنا يتقبل . المهم طلعت المزامير اقرأ و الراجل بص كده على الكتاب  فقالى : الله يفتح عليك . و راح موطى صوت الشريط شوية و كان الشريط اللى بقاله فترة شغال بتاع الصلاة و الصوم للشيخ يعقوب . خمس و أربعين يوم مش بحلق دقنى و دقنى عمالة تطول و كل يوم قاعد أقرا و صايم . الراجل ابتدا يحس ان الشرايط هى اللى غيرتنى و انه ربنا حيهدينى و ده شجعه كمان انه ينزل يجيب بقية الشرايط و يشغلها . و كان بيسئلنى : تحب أغيرها و أحط حاجة تانى ؟ . و لأن الرد لازم يبقى ديبلوماسى و ما ينفعش اقول حاجة لأنى مش متضرر و كمان مليش دعوة . فكنت برد برضه بطبيعية : بدل كلام خير و ناس بتاعة ربنا يبقى سيبه شغال ,  كله كويس . الراجل طبعاً اتأكد تماماً ان ربنا هدانى و بقيت أصلى و أصوم . و بعد ما كنا بنكت و نضحك و نتكلم على النسوان و الغلاء و القرف , بقيت اقرا " قرآن " و " اطلق اللحية " و كمان " بصوم " . مفيش اجمل من كده و الراجل تقريباً بقى فخور أنه هو السبب . كل ما يجيب شريط لأى من الشيخان يقولى : ده شريط بركة للشيخ فلان .. و ربنا يهدى الجميع . لغاية ما حصل اللى زود الطين بلة .

يوم الخميس و انا رايح الشغل و فى الصيام , اتصل بىّ أبونا على الموبايل . كان عايزنى .

أبونا : الو .. ايوة ازيك , معهلش صحيتك بدرى من النوم .

انا : لأ ابداً .. انا رايح الشغل . أمرنى ؟

أبونا : عايزك تدى الدرس بتاع بكرة.. ينفع ؟

انا : ينفع طبعاً .. و حضرتك عايزنى ادى الدرس عن أيه ؟

أبونا : عن الصلاة و الصوم و الصدقة

انا : ماشى .. يعنى درس يوم الجمعة و عن الصلاة و الصوم .. ماشى ححضره و ربنا يكرم .

ابونا : سلام .

انا : سلام .

و لأن السواق مش سامع غير صوتى و كلامى أنا و مش عارف انا بكلم مين . ففهم الموضوع بطريقته , فالحكاية فى دماغه باظت خالص لأنى فى نظره كمان بقيت بدى درس الجمعة !!! . و انا نازل يومها من الميكروباص قلتله سلام عليكم . راح قاللى : و عليكم السلام يا شيخ !!! .

طبعاَ انا مش كل يوم بركب معاه , اغلبية الوقت . الراجل لقيته بيحجزلى كل يوم و يقولى اتفضل يا شيخ , حصلت البركة . انا مكنتش فاهم الحكاية وقتها و ابتديت اتضايق و افتكرته بيسخر من دقنى . فأبتديت اقلل من الركوب معاه . خلص الصيام و اخدنا أجازة من يوم خميس العهد لغاية اتنين شم النسيم . طبعاً ليلة العيد حلقت دقنى و عيدت و انبسطت . خلصت الأجازة و نزلت يوم التلات الشغل , حالق و معايا العصير و علبة السجاير . ركبت معاه و أول ما ولعت السيجارة و أتكلمت معاه شوية  .. الراجل قعد طول الطريق يضرب كف على كف و  يقول : سبحان مغير الأحوال .. لله فى خلقه شئون .. يهدى من يشاء و يضل من يشاء , لا حول الله يا رب . انا أتخنقت جداً من كلامه و طبعاً حسيت انه بيلقح كلام علىّ . قبل كده افتكرته بيسخر منى لما كان بيقول : ادعيلنا يا شيخ , دعواتك يا شيخنا , ادعيلنا بالهداية يا شيخنا , الحاجات دى . و بعدين قلب و يقول : يضل من يشاء . فغضبت جداً منه و قلتله : لو سمحت أقف و نزلنى على جنب . فالراجل سئلنى : فى حاجة يا هندسة ؟ . جاوبته بغضب : مفيش , حنزل على جنب . فالراجل حس انه عك و هو فهم طبعاً . فقالى : معهلش يا هندسة أصلها دنيا سبحان الخلاق . بعد ما التزمت و بقيت بتصلى و تصوم , ترجع تانى ما ينفعش , التوبة حلوة و كويس ان ربنا كتبهالك و يا رب يكتبها لكل المسلمين  . مت طبعاً من كتر الضحك و قلتله : و أنت عرفت منين ان ربنا هدانى ؟ . رد : كان باين يا بشمهندس باين . و حكالى كل التفاصيل زى ما فهمها . قعدت أضحك و قلتله : انت عارف انا أيه ؟ . سكت و قاللى : يعنى أيه انت أيه ؟ . قلتله : انا مسيحى يا ريس . الراجل أتصدم صدمة جامدة قوى . طبعاً مش علشان انا مسيحى لكن أعتقد علشان الراجل بنى حاجات كتير على بعض و فى الأخر أتهدمت . المهم الراجل بعد ما فاق من الصدمة , قعد يضحك و يقولى : انت عارف انا افتكرت الشرايط اللى انا مشغلها هى اللى هديتك , و قلت ان الشيخ حسان و الشيخ محمد حسنين يعقوب هم السبب , سرهم باتع ,  الله يسامحك , خلتنى اشترى كل الشرايط , طيب و العمل دلوقتى , يعجبك كده ؟ على العموم , برضه ليك واجب عندى . سئلته : ايه الواجب ؟ . رد علىّ و هو بيعزم على بسيجارة : مش امبارح كان العيد بتاعكوا ... صح ؟ يبقى كل سنة و انت طيب و ربنا يعود عليكم و علينا الأيام بخير .

---

و كل سنة و انتم طيبين .

=======

** الأجبية : السبع صلوات المفروضة على الرهبان طوال العام و على المؤمنين طوال الصيامات . و هى موزعة حسب ساعات اليوم الطقسية . 

Saturday, September 13, 2008

المعلم عفيفى أبو ركبة


أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

ان القبض على هشام طلعت مصطفى و الزج به فى السجن و تحويله لمحاكمة " عادلة " , يسىء الى سمعة النظام و سمعة الحكومة و بالتالى سمعة مصر . أفرجوا عن هشام من أجل الحفاظ على فساد مصر .

---

أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

أن أنخفاض سهم مجموعة طلعت مصطفى الى أقل من خمسين بالمائة من ثمنه الحقيقى ,  أدى خراب بيوت ناس كتير و خاصة بيت صديقى رامى . أفرجوا عن هشام من اجل الحفاظ على فلوس رامى .

---

أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

إن كان من ساهم فى قتل 1000 شخص من الأبرياء غرقاً قد اخذ براءة , فكم بالأحرى من قتل " راقصة " عارية ؟ . فلتكن عقوبته واحد على الف مما أرتكبه الأخر . أفرجوا عن هشام من أجل الحفاظ على راقصات مصر .

---

أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

أن الحاجزين فى مشروع مدينتى من أبو المتر بخمسة الاف جنيه صاروا قلقين متوترين و مش مطمنين على مستقبل المدينة العالمية التى هى على أرض مصرية . أفرجوا عن هشام من أجل أطمئنان سكان مدينة مدينتى .

---

أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

اذا كان القاتل قد وضع المبلغ المتفق عليه فى البوتاجاز من أجل " تطهير المبلغ " بنار الفرن . فان القبض عليه يسىء الى تلك النار المطهرة . افرجوا عن هشام من أجل بوتاجازات مصر .

---

أفرجوا عن هشام طلعت مصطفى من أجل مصر .

أن تهديد دولة الأمارات بسحب السفير و سحب 20 مليار دولار من الأستثمارات فى مصر لو خرج هشام لهو عدوان سافر على السيادة المصرية و حقوق القتل للجميع . أفرجوا عن هشام من أجل مهرجان القتل للجميع .

========

الحوار الأخير للسيد هشام مع صاحب هذه المدونة

صاحب المدونة : جمهورك الحبيب اللى قاعد فى الرحاب و اللى بيحجز فى مدينتى و اللى أتخرب بيتهم فى الأسهم , بيسألوك .. ليه قتلتها ؟

هشام : انا مقتلتهاس .. ده جهل .. دى مغنية و رقاصة و منحرفة .... انت متعرفش ان ضربة المعلم هشام طلعت مصطفى تبقى " قضاء و قدر " ؟

صاحب المدونة : لأ , دى معروفة و زى ما هو معروف برضه فى قانون العقوبات فى المادة 5 بتقول " يخرج المتهم و يبرأ فى الحال أذا كان فى القضية سوزان " .

هشام : شفت بقى ,,, مظلوم و شرفك مظلوم .

صاحب المدونة : الرب يباركك , أمضى بسلام و سلام الرب معك , فلتحرسك الألهة .. أمين .

---

 

 

Thursday, September 11, 2008

كابوتشينو بالشوكولا و البندق

مدخل

فى أحدى الكافيهات , سمعت أحدهم يجيب أخر  بأن المنطقة المنهارة تسمى الدويقة جنب منشية ناصر . يصمت السائل قليلاً متذكراً و يخبره : أه , عرفتها , عرفتها .. دى منطقة بيئة طحن .. حاجة قرف أوى , ناسها بيئة و زبالة , كلهم حرامية و قتالين قتلة و عواطلية . عبيد يعنى . ربنا رحمهم و رحمنا .. أستريحوا من القرف اللى عايشينه و معيشنّا فيه .

--

-1-

" ... هذا السبب في وجود المذهب الصوفي في الإسلام حيث يرى الإنسان أنه في الأصل كان في الجنة ثم نزل للحياة الدنيا و يحن للعودة إلى الآخرة فوجوده حالياً هو اغتراب. "

--

-2-

فى اوقات كثيرة يكون البحث عن الكمال هو هدم للكمال نفسه . فى اوقات كثيرة يكون البحث عن كمال الصورة هو تمزيق كامل للصورة .. لأن فى اوقات كثيرة يكون البحث عن شىء , فى ذاته , هو محاولة لفقدانه .

--

-3-

صديقتى تخبرنى بأننى اصبحت " بيئة "  لانى لا أحتسى المشروب الجديد , كابوتشينو بالشوكولا و البندق . فتهدينى علبة صفيح مكعبة مكتوب عليها مستورد من انجلترا .. نجلس فى احدى الكافيهات , فتطلب " هوت - شوكلِت ويز نو اويل " ( كاكاو منزوع الزيوت – دايت يعنى ) , و لما أجابها الولد أنه مش موجود , طلبت منى الرحيل و ترك الكافيه لأنها و على حد تعبيرها " كافيه بيئة " .

--

-4-

فى لحظة زمنية – مكانية ما هاربة من قلب التاريخ , تنهار احدى الصخور الضخمة ** فوق منازل احدى احياء مصر العشوائية مما يحرم هؤلاء السكان من مشاهدة الجزء الثانى من برنامج " توك شو " الذى يعرض على قناة موجة كوميدى . ندخل الزمان و المكان و نخرج منه و لم نتعلم شىء . جدى مات قبل أن يدخل الدِش البيت . يا لخسارتك يا جدى !! .

--

-5-

"الاغتراب" مصطلح مشتق من الغربة ، و فى ترجمة أخرى لنفس الأصل الأوروبي "الاستلاب" المشتق من السلب ، هو تعبير عن حالة الإنسان العقلية عندما يدخل فى أى علاقة اجتماعية ، تجبره على أن يسلك لا وفق ما يريد بالفعل بل ما يريد الطرف الآخر فى العلاقة ، متوهما أحيانا أن ما قد سلكه نابع من إرادته الحرة ، ومن هنا يصبح سلوكه و وعيه الظاهرى غريبا و منفصلا عن إرادته و وعيه الباطنى ، بمعنى آخر يصبح الإنسان المغترب مسلوب الإرادة و الحرية و الوعى ، وما هو أسوء فى الاغتراب ليس فى تلك الحالة من القهر الخفي فقط ، بل فى القبول به وسعى الإنسان الحثيث للوقوع فيه ، والدفاع عن العلاقات الاجتماعية التى تخلقه ، و مدحها وقبولها وحبها والخوف من التحرر منها ، و اعتبارها الوضع الطبيعى السعيد والمرغوب فيه ، ومن ثم عدم الاستياء منه و لا الإحساس ببشاعاته ، برغم أن واقع الحال يؤكد أن هذا القهر الخفي ، يفجر بدوره رفضا خفيا عند نفس الإنسان المتكيف مع هذا القهر ، يتجلى لدى الإنسان المغترب فى سلوك مضطرب و وعى زائف و منطق معوج ، و كما يظهر هذا الرفض  فى صور مختلف الاضطرابات النفسية والعقلية وشتى الانحرافات السلوكية والأخلاقية المختلفة .

--

-6-

يتعجب صديقى من أن الجبل أنهار متأخراً و لم ينهار من زمن !! . فالتربة التى بُنى عليها هى حجر جيرى فوق طمى و طين " طمى ويز نو ووتر " ( تربة طينية بلا ماء – منزوع الماء ) طمى متماسك . و لكن نتيجة البناء و سقى الحدائق و الصرف الصحى , و نتيجة لأن التربة الجيرية مسامية فأن الماء يتسرب للطبقة الطينية و يردها الى أصلها طين سائب غير متماسك فتصبح التربة الجيرية كأنها معلقة فى الهواء و هنا تحدث الكارثة . و لما سئلته مستنكراً : يعنى هم مكنوش عارفين و سابوهم يبنوا ؟  . يجيبنى ساخراً بأنى ساذج و برىء و مش فاهم أى حاجة فى حياتى .

--

-7-

اخرج مع صديقتى فتخبرنى اننا لن نذهب لتلك الكافيه لأن مفيهاش " كاكاو ويز نو اويل " و لازم نشوف كافيه تانية . أضحك و اتذكر كلام صديقى و اخبرها : كافيه مفهاش " كاكاو ويز نو اويل " تبقى كافيه بيئة , و منطقة مبنية على " طمى ويز نو ووتر " يبقى اللى بيبنوا عليها ناس بيئة  !! . و ربنا يرحمنا .

--

-8-

أبحث دائماً عن الكمال و خاصة فى عملى . و لأن بعض الاحداث و المشاهد التى تمر امامى تدفعنى للتأمل فى " عدم إكتمالها " . تدفعنى للتساؤل لماذا لا تكتمل دائماً الأساطير ؟ . لماذا دائماً هناك من يعكر صفو الألهه و يجبرها فى لحظة زمكانية أن تكون عادلة و هى كما نعرف ليست من شيم الألهة !! .

السؤال و بصيغة أكثر وداً و حباً و تعاطفاً : لماذا لا يخرج هشام طلعت مصطفى براءة من القضية ؟ فالقبض عليه و الزج به فى السجن يخل بالصورة العامة , يهدم الكمال المرسوم فى ذهن الناس البيئة بأن هناك دائماً من هم فوق القانون حتى لو تسببوا فى وفاة 1000 شخص من الأبرياء , فما بالك بالذى قتل أنثى هى فى ذهن العامة ستدخل جهنم اكيد , كده كده ,  لأنها مغنية سافرة و راقصة عارية ***!! .

صراحة , أشعر بالأغتراب نتيجة للقبض على هشام و الزج به فى السجن و محاكمته . اشعرب بالأغتراب و عدم الراحة , فبصفتى انسان بيئة لا أصدق بأن دولتى التى جعلتنى بريئاً , ساذجاً و مش فاهم حاجة , و التى زرعت صورة ذهنية معينة عنها فى عقلى , تخل بهذا الكمال الذى اعتدناه منها , تخل به و تهدمه فى لحظة ما من التاريخ و تحاكم قاتل له نفوذ و مقرب من الألهة !! .

للأمانة , لا أرتاح لهذا الحدث و كل ما أتمناه الأن , ان تُفرج الألهة عن هشام حتى تظل صورتهم فى ذهنى كاملة , ان يخرج من سجنه بريئاً حتى تظل فكرتى عنهم ثابتة . فأنا , كما تعلمون عنى , أكره " عدم الكمال "  . و الزج به الى محاكمة " عادلة " يهدم هذا الكمال و هو ما يؤلمنى و بشدة !! .

--

-9-

إذا كان الألحاد هو ان تعلن أنك ستقف بمفردك فى مواجهة الكون بدون إله . فأن الأيمان هو ان تعلن انك ستقف بمفردك فى الكون فى مواجهة الألهة .

--

-10-

قصدت باب الكريم

كل سنة و أنتم طيبين



lililileli.mp3 -

 --

** تركت الجرائد عمليات التنقيب عن جثث السكان و أهتمت بخبر جعلنى أشمئز و بشدة . تركت الصحف و وسائل الأعلام الناس مدفونين و بدأت فى تقليل تغطيتها للحدث , و ذهبت الى المفتى تسئله : هل اللذين ماتوا شهداء أم لا ؟ . اجابهم المفتى بكل إيمان : شهداء !!!!!!!!!!!!!! . لا أدرى حتى الأن اهمية هذا السؤال فى هذا التوقيت .

*** كتب أحدهم فى أحدى المواقع بأن سوزان تميم تستحق القتل لأنها .. و لأنها .. و لأنها ..  ( أنتم فاهمين بقى ) .



Sunday, September 07, 2008

ليس دفاعاً عن رمضان !

من سنتين كنت اكتب فى احدى المنتديات , و كتبت موضوع عن رمضان و ذكرت انى كنت راجع فى يوم و عديت على عم احمد اهم بائع طرشى بلدى فى مصر و الشرق الأوسط , و رجعت البيت و فتحت الكيس و اتغديت ... عادى

دخل واحد و علق بغضب و أتهمنى " بأنى فاطر !!! " و املك من الصفاقة انى " اجاهر بأفطارى " و مش مكسوف و أنى بدل ما دارى نفسى " فخور قوى و انا بكتب الكلام ده ...

رديت عليه و قلتله :

فى آية فى القرآن بتقول " كتب عليكم الصيام كما كتب على اللذين من قبلكم "

انا بقى يا ولدى "اللذين من قبلكم " ...

---

انا بحب رمضان ... صحيح انه لا يمثل لى بالطبيعة اى تجربة روحية ... لكن انا بحب رمضان .

--

طبعاً ممكن نتكلم عن فوائد الصيام سواء الروحية او النفسية أو الجسدية لكن انا حكلمكم عن فائدة تانية خالص تخص الصيام برضه ..

زمان و انا صغير .. كنت بستنى رمضان علشان الأعلانات .. كان لسه الدش مظهرش .. و كانت أعلانات طارق نور دمها خفيف و زى العسل ...

زا زبادى زا زبادى .. جهينة .. جهينة , كل علبة فيها زبادى , يلا حط من ده على دى ... عايزك تحط من ده !!!.

 فاكرين الحاجات دى طبعاً . كانت الأعلانات دمها خفيف و كنت بحبها و مكنتش بحس ان فى أى أنتهاك لأى حاجة . لكن السنة دى بقيت مخنوق من الأعلانات .. أعلانات فيها أنتهاك رسمى لل" صيام " .. صحيح أن " صيام رمضان " ما يخصنيش .  بس مهما كان أنا بصوم , لينا صيام و بصومه و محبش حد ينتهكه و اللى مقبلوش على صيامى مقبلوش على صيام غيرى , و حكاية انتهاك الصيام دى مجننانى لأنه مهما كان نوع الصيام او الصائمين فهو فى الأخر يظل صيام  ..

--

أعلان " كاريير للتكييف "

للأسف مش لاقى الأعلان على اليوتيوب ... بس هو جايب أسرة قرفانة و حرانة و بينها و بين بعض مشاكل نتيجة " الصيام فى الحر " ... و بعد كده ييجى التكييف و يصلح كل حاجة  و بينهى الأعلان بجملة بتقول " و احنا كلنا بنشكرك كاريير الى خلا الصيام سهل السنة دى " !!!! .

--

أما الأعلان الى رفع ضغط دمى رغم انى مش صايم رمضان هو الأعلان التالى لكريم عبد العزيز ... أعلان عن " احدى المشروبات الغازية " ل" كريم عبد العزيز " . 



 

 

-

واخد بالك

ليلى شعير بتقول : الصيام السنة دى tres difficile  . ( صعب قوى ) .

و البنت بتقول : oh no  .. الجو مش gentille خالص . ( لطيف ) .

و طبعاً الكوكاكولا هى اللى حتنقذ الصيام  !!!! .  

--

و كل عام و أنتم بخير

أففف ... انا تعبان قوى , التدوين فى الصيام tres fatiguant   . ( مرهق جداً ) .

============

ملحوظة جانبية :

الدويقة و اللى منها ..

أى حد حيفتح بقه و يقول :

ده انتقام ربنا , او ليه ربنا بيعمل معاهم كده ؟ , او هم يستاهلوا علشان بيبنوا من غير تراخيص على حتة ما ينفعش عليها البناء , او دول عشوائيات و طبيعى يحصل كده , او ربنا عايز كده . او الأخوة بتوع الحكومة سبب كل المصايب ,  أو ان ده بسبب فساد الحكومة و الحكومة مقصرة , او الأخوة بتوع الشرطة و ان الشرطة هى المقصرة  . حديله على بوزه

لازم نستنى لغاية ما نفهم سبب الأنهيار و هل هو قابل للتكرار ؟ , و ايه نظام هضبة المقطم كلها برضه ؟ . كله لازم يتفهم جيولوجياً و بالعلم لأننا داخلين على كارثة بشرية و قومية و سكانية .  انما الفتاوى و الهجايص و لازم نلاقى حد يشيل المصيبة ..  ربنا و الحكومة و الشرطة , و نبسمل و نحوقل و القصة تنتهى , من غير ما نفهمها علمياً .

هل هى الطبيعة الصخرية للمنطقة و لا نتيجة المبانى و لا المياه الجوفية و لا نتيجة تدخل بشرى خاطىء و لا أيه بالظبط ؟ لأنها مش ناقصة غباء فعلاً ... و إلا ساعتها حيبقى بتوع التكييف و الكوكاكولا ليهم حق و حيبقى الصيام السنة دى tres difficile  و اللى حصل فى الدويقة ده مش gentille  خالص . و علشان نزيح الكارثة عنهم لازم الحكومة المسئولة تدي لكل واحد جهاز تكييف و ازازة كوكاكولا !!! .

---

 

Friday, September 05, 2008

عصير من غير سكر

" كل حاجة ممكن تكونى فكرتى فيها , انا عملتها , انا – الحمد لله - عملت كل حاجة , خروج و فسح و سينما و سفر , مفيش فيلم فوته و لا حته فى مصر مروحتهاش و مفيش حاجة معملتهاش , و دماغك متروحش بعيد طبعاً , هههه , أنا محترم جداً .

عارفه انا لى صحاب كتير و بنخرج و بنتفسح , فى منهم المتجوز و العازب زى حالاتى , و بتنقابل مرتين كل أسبوع , مع المتجوزين , مرة مع العيلة كلها , بينتقابل فى حتة نضيفة , هم و مراتاتهم و عيالهم الصغيرة , و مرة على القهوة رجالة لوحدينا . بتنكلم و نضحك و ننبسط , و مرات ده تشوف عروسه لده , و ده يلاعب أبن صاحبه , و دى تلاعب بنت صاحب جوزها , أكتر واحدة بحبها بنت شكرى , عندها 3 سنين بس زى العسل , تلعبى معاها , اخر شقاوة , ربنا يخليهاله , بأسم الصليب عليها زى القمر .

تاخدى سيجارة ؟ ... ملكيش فيهم ؟ , كويس ...

عارفه الواحد فى شغله مطحون طول الأسبوع , بنزل من سبعة الصبح , أرجع 7 و تمانية بالليل , علاقاتى بالناس فى الشغل تمام , الناس الى شغال معاهم , ربنا كرمنى و انا الى منقيهم , و متفاهمين مع بعض , هو شغلنا صعب , بتتعاملى طول النهار مع صنايعية و عمال , بس أنا منقيهم و الحمد الله , فمتفاهمين كويس , بنتشغل تيم  واحد , بس مش حقولك على الشقا , ههههه , برجع على 9 بالليل كده , خلصان .

طيب أجيبلك بيبسى ؟ ... ريجيم , مممم ... خلاص عصير من غير سكر .

بقولك بقى , برجع مش شايف , أمى ست طيبة جداً , بلاقى الأكل جاهز , بكلمهم قبل ما أوصل , الو يا ماما , أنا قدامى نص كده , تقوم علطول مسخنة الأكل , الله يخلى الموبايلات , أمال أنتى موبايلك إيه ؟ , ممم , نوكيا زيى , ههههههه . برجع مهدود , على الدُش علطول , أطلع اتعشى , و اخش الأوضة , أتفرج على الدِش لو فيه حاجة , او أقعد اقرأ , لغاية 12 و لا حاجة و أنام على طول , أنتى بتحبى القراية برضه زى ما فهمت ... و بتسهرى برضه ل12 , طيب كويس .

أنا أقرأ فى أى حاجة , بس بحب بالأكتر محمود السعدنى و نجيب محفوظ , أحمد عبد الله رزة , صنع الله أبراهيم طبعاَ , محمد مستجاب , إبراهيم أصلان , إيه ؟ ..... ههههههه , و بحب رفعت إسماعيل طبعاً ببذلته الكحلية التى تجعله فاتناً *  , قصص زمان دى , انا كبير صحيح بس مقدرش عن رفعت إسماعيل , بقية الحاجات بطلتها , رجل المستحيل و الكلام ده .

معلهش انا بحكى كتير , صدعتك , أحنا فى الأساس كتير بس أصدقائى المقربين , 3 , واحد سافر قطر , و التانى أتجوز و قعد فى الهرم , و التالت فتح شركة فى الغردقة , الدنيا بتتغير , شريف , صديقى الحالى , هو الى بحكيله , زمان كنا بنقعد نحكى , كلنا , بس دلوقتى الحاجات بقت اكثر خصوصية , فبحكى مع شريف بس , الواحد بيرجع من الشغل ساعات مخنوق , او بتحصل معاه مواقف تخلى الواحد يتعصب , بس لازم حد تحكيله , كلنا بنتقابل , و بنسافر , المجتمع مهم , كلنا بناخد اجازتنا فى وقت واحد , 7 أيام فى اخر شهر سبعة قبل صيام العدرا , نطلع الغردقة او شرم , رفيق مدير شركة سياحة , بيحجزلنا فى الفندق الى تبع الشركة , اللّمة حلوة , ميه و شمس و هوا , و اكل و رقص و فسح , بس احنا العزاب بتنتهى ليلتنا سكر , و المتجوزين فى احضان عيالهم .

انا ؟ ... انا صاحبت 3 مرات , الأولى كنت فى اولى ثانوى , اول مرة اشعر بالحب و الحاجات دى , انبهار جامد , كانت لدغا و كانت بتنطق أسمى بلدغتها , بتقول الره غين , كنت بموت , بس صغيرين بقى , و طبعاً مكملناش , و التانية فى الكلية , عادى بقى صحوبية كلية , و التالتة قعدت معاها 3 سنين , بس بعد كده , أكتشفت أن الكلام حلو , بس الأمكانيات طبعاً , كان لازم اركز فى الشغل , فباظت العلاقة , ابويا و امى و عمّاتى و خالاتى , كل شوية يجيبولى عروسة , عايزين يجوزونى , هههه , ابويا عاوز يجوزنى علشان عايز يشوف أحفاده ,  امى عايزه تفرح بأبنها قبل ما تموت , أنا مش كبير , صحيح فى صحابى متجوزين و مخلفين , بس كلنا صحاب , محدش بيسيب حد , و بعدين انا زى ما قلتلك , عملت كل حاجة , خروج و فسح و سفر , و سهر , كل يومين تلاتة بنروح القهوة بلاقى العيال , غير الأجازة كل أسبوع بنتقابل زى ما قلتلك قبل كده , يعنى مش ناقصنى حاجة , و الأرتباط ييجى براحته , كل شىء قسمة و نصيب و لا أيه الكلام ؟ , و لا أنتى شايفه أنى كبرت ؟ .

حولع سيجارة تانية ؟ ... بلاش !!! ... خلصان علشان خاطرك .

هى دى المشكلة , ايوه بأمانة , ميغركيش أنى شديد فى الشغل و ان كل حاجة موجودة عندى , عربيتى تحت رجلىّ و الشقة موجودة , بس انا مخنوق , مخنوق جداً , أمال انا بحكيلك ليه ؟ , مش عايز أدوشك معايا , دى تالت مرة نتكلم فيها بس .

 معهلش دموعى نزلت قدامك , ممكن المنديل الى جنبك ... ميرسى جداً .

انا لى صحاب كتير صدقينى , أغلبيتهم متجوزين و أحنا بتاع 4 لسه عزّاب , بنتقابل و بنحكى و بنتفسح , بس ... بس أنا وحيد , مش بلاقى حد أحكى معاه , إحنا كبرنا , بقعد مع شريف نحكى بالساعات و بيقف جنبى , بلعب مع بنت شكرى , و طول النهار فى الشغل مع الصنايعية , اليوم مشحون , و الأسبوع مشغول , و الأجازة فى العين السخنة أو العجمى , بس مش هو ده الى أنا عايزه , مش عارف , فى حاجة ناقصة , فى الأخر بروح و أقعد على السرير , بحس انى وحيد , مش لاقى حد أكلمه , زمان مكنتش حاسس كده , بس دلوقتى , مش لاقى حد أكلمه , و لا احكيله , أنا عايز بنى أدم أحكيله , بنى أدم يقولى كلام تانى , يبقى جنبى بس ما يكونش جنبى , مش عارف انا عايز أحكيله أيه , و لا أقوله أيه , بس عارفه , بحكى مع صحابى , مش عايز أحكى الحكى ده , و لا أقول الكلام ده , خلاص زهقت من حكى الصحاب , عايز كلام جديد , و ودن جديدة , كل صحابى ما ينفعوش , عايز حد يطبطب على , مش أيد رامى الطرشة , و حد يضحك معايا , بس مش ضحكة رفيق المجلجلة , عايز حد يتمشى معايا بس ميكونش شكرى بمشيته الجد , حد أعيط قصاده زيك كده , و يعيط معايا مش زى جرجس من غير ما يسخر منى و لا يتريق علىّ زى ما كلنا بنعمل فى بعض من زمان . زمان كنا لما حد تحصله حاجة , كنا بنتريق عليه لغاية ما يخرج من الموود , دلوقتى أنا مش عايز كده ...   مش عارف انا عايز مين و لا أيه , بس عايز إنسان جديد , انا مخنوق و وحيد , خلاص بجد , زهقت ..  سامحينى أنى بعيّط قدامك , ما يصحش طبعاً , بس الوحدة صعبة جداً , انا سعيد انك بتسمعينى ... و سعيد أكتر أنك مقدره موقفى , متشكر جداً إنك أستحملتينى .... ففففف .... بجد أنا أستريحت شوية ... , إنتى طيبة أوى , و بتسمعى كويس , و عندك طولة بال , و ضحكتك بتنورنى , أنا سعيد بمعرفتك .

بجد انا مبسوط قوى أنهاردة , و حطلب منك طلب معهلش .

شوفى انا لازم اسيبك حالاً علشان عندى شغل بكره , مفيهاش زعل , لازم انام علشان حصحى بدرى , لازم أطفيكى دلوقتى و أنام علشان حصحى 7 الصبح , بس انا عارف أنى لما أرجع حتكونى هنا , جنبى , و منورالى الأوضة , هههه ,  و لما أرجع بكره نكمل رغى ... فففف , ماشى , يلا تصبح على خير يا جميل "

===================

* رفعت إسماعيل : بطل سلسلة روايات ما وراء الطبيعة للكاتب أحمد خالد توفيق .