Saturday, May 30, 2009

مكان


انا فى المكان حيث تركنى الرب و رحل .. و لم يعد بعد ليأخذنى

انا فى المكان حيث عطشى يرويه الظمأ .. و أشتهائى يشبعه الجوع

انا فى المكان حيث الظلام نور لى .. و البكاء هو ضحكاتى

انا لم أذهب هناك و هو لم يأتى .. تقابلنا لأن قصتى تشبه قصته .

-1-

ننتظر فى نفس المكان و نقرأ نفس الجرائد .. نتبادلها .. يجلس بجوارى منتظراً دورى حتى يأخد دوره . يعانى من مشكلة اعانيها و لما علم اننى لم اتخلص منها و اتيت للعلاج .. ارتاح و تنفس بهدوء معلناً سعادته بأنه ليس الوحيد . اضحك فتنهمر دموعى , اضمه الى صدرى معلناً تضامنى معه .

-2-

منتظرين فى العيادة , اتكأ على الأريكة و اخبرنى بأن عمله غير مرهق لا يؤرقه لكنه أصبح ممل و الملل يخنقه . كما يقول " انا سعيد جداً بعملى و فخور به , ابتكر انا طريقة جديدة كل شهر , اراقب و اتابع و ابتكر و اقوم بالتنفيذ . استغنيت عن مساعدىّ و أقوم  بالعمل بمفردى لمزيد من الأثارة و لكن ... و لكن آه من الملل . "

انهى فنجان القهوة و طلب ويسكى بالصودا و طبق سجق شرقى مزة . نظر الى و أكمل كلامه " كل شهر نفس العمل , عملية واحدة . تصل الىّ الصور و البيانات على الميل . اقوم بطباعتها و ادرس الموقف و ابدأ فى المراقبة حتى أفهم كيف يمكننى سرقتهم . اسرقهم و ابعث بسرقتى مشفوعة بالصور . اخر الشهر أذهب الى البنك فأجد ان رصيدى قد زاد " . صدقت على كلامه بأن طريقة العمل لا تتغير . أكمل " الشهر الماضى كانت الخطة بسيطة . فالولد الذى يجب على سرقته كان بطل سباحة , ابواه كانا حاضران نهائى بطولة السباحة . و كالعادة الولد - كان عنده 8 سنين على ما أتذكر – بعد المباراة , دخل غرفة الملابس للتغيير و لم يخرج . انتظراه والداه بالخارج و لما تأخر دخلا اليه , هههههههههههه , فوجدوه و قد تكسرت يداه و رجلاه . هههههههه .. فكرة بنت لذين . انتهت قصة بطولته و تحطمت امال والديه الى الأبد .. موجود هو الأن فى المستشفى يجلس و يتحرك على كرسى بعجل , ههههههه " ..

ضحكت كثيراً و قد أعجبتنى الفكرة .. بسيطة و سهلة و تستحق مكافأة فوق المرتب الشهرى . اخبرنى انه حصل بالفعل على مكافأة . أكمل حديثه بعد أن طلب كوب من الحلبة الحصى حتى يتطهر من أثار الخمر " اما اكبر مكافأة حصلت عليها فكانت من سنة تقريباً , طفلة صغيرة عمرها 3 سنوات ملائكية الوجه " . طلبت توضيح منه ( يبدو انه محترف و قد استفيد من خبراته ) . اخبرنى " والد الطفلة و والدتها قد ظلا محرومين من الخلفة لمدة 7 سنوات و قد ذهبا الى كثير من الأطباء الا ان الله لم يشأ لهما الى ان جاءت تلك الطفلة بعد 7 سنوات من الأنتظار . طفلة صغيرة جميلة ملائكية تحب النظر الى وجهها , سبحان من صور فعلاً , اية من أيات الله . اوكل الىّ ان اسرقها . اخذت الأوامر و بدأت فى المراقبة و لما خرجا من عند الطبيب بعد ان اخبرهما انهما لن يستطيعا الخلفة مرة أخرى , نفذت خطة بسيطة و سهلة . ماء ملكى , حمض كبريتيك مركز , هههههههههه , ستظل تلك الطفلة مشوهه الى الأبد , كل مرة سينظرا فى وجه تلك الطفلة سيبكيان الى الأبد . هههههههه "

تأملته و هو يضحك و لم اتمالك نفسى . وقفت و انحنيت امام عبقريته , ظللت اصفق له حتى اوقفنى هو . و أجلسنى و طلب منى أن نذهب لنصلى العصر و نعود . تركته يذهب و اخرجت كتابى المقدس و بدأت فى قراءة سفر التكوين .

-3-

عاد و قد اشرق وجهه من الصلاة . اخبرته ان طريقتى فى العمل مختلفة عنه فأنا لا اترك الهدف حياً مثله . انا اتخلص منه مباشرة . أخبرته بتلك الأم التى أرضعت ابنها لبن مسموم و مات فى أحضانها و قد جنت تماماً و تعالج الأن . ضحك و أخبرنى بأنه فعلها بعد ذلك عندما قرأ الخبر فى الجرائد . أثنى علىّ و على فكرتى الأ انه اخبرنى بواحدة اطلق عليها تحفته الخالدة " التطعيم .. هههههههههه .. التطعيم يا أستاذ .. طفل جاء ليأخذ الجرعات المنشطة فتم حقنه بسرنجه ملوثة كانت لمدمن هيروين .. ثلاثة أيام متواصلة بثلاثة تطعيمات و انتهت قصته الى الأبد .. ههههههههههههه " . لم أتمالك نفسى من الضحك حتى أدمعت عينى . ظللنا نضحك حتى اوقفنى جرس الموبايل . كان أبونا يذكرنى بدرس الأحد عن سر الخلاص فأجبته بأنى قمت بتحضيره و لم انسى الموعد . نظر الى صديقى الجديد و سئلنى " عملية جديدة " ..اجبته : نعم , ابن الكاهن !! .

-4-

ظللنا نتبادل أطراف الحديث و الذكريات و انه بدأ العمل بأطلاق النار على الضحية و قتله بين يدى والديه الا انه مع الملل الذى أصابه قد طور طريقة العمل و بدأ فى ترك الضحية كعلامة أبدية للألم , ان يراه والداه دائماً امام اعينهم و قد اصبح بلا وجود . فتارة يحقن الطفل بفيروس نقص المناعة المكتسبة و يترك لأهله ورقة يخبرهم حتى لا يصاب أخرين بالمرض فمهما كان هو لا يحب الأذى , هو فقط يؤدى عمله . و تارة أخرى يقطع لسان تلك الطفلة التى تغنى فى الأوبرا و يرسله الى امها . و ثالثة يقطع يدين الولد الموهوب فى العزف على البيانو و يرسل اصابعه لأبيه . أما المرة التى اوجعت ضميره هى عندما قتل طفلة فى الصعيد و ادى ذلك الى اشعال فتنة دينية فهو يرى كرجل يؤدى فروض ربه أن الدين لله و الوطن للجميع . اكدت على كلامه بأن المؤمنين اخوة و انه لا فرق بين مسيحى و مسلم و اخبرته انى اراعى تلك النقطة جيداً " لأنه – كما تعلم يا صديقى – قد تثار بعض الحساسيات بسبب تلك الأحداث و الوطن و سلامته أهم شىء !! "

داهمنا الوقت و قد حان وقت صلاة المغرب , فطلبت منه ان نذهب الى الصلاة . تركنى فذهبت توضئت لأصلى المغرب و اخرج هو الكتاب المقدس و بدأ فى قراءة إنجيل لوقا .

-5-

عدت فرشم الصليب و اغلق الكتاب المقدس . طلبنا نعناع مغلى و ينسون . تنهدت ببطء و زفر هو زفرة حارة . أكملنا حديثنا حتى حان دورى . فوجئنا بأننا سندخل سوياً  . دلفنا الى غرفة الطبيب الذى استقبلنا ببشاشة و أشار الينا بالجلوس . و طلب منى الكلام فحكيت له اننى اعانى من الملل كما يعانيه صديقى . صدق صديقى على كلامى و اخبره انه على الرغم من الأبتكارات  التى ادخلها الا انه يعانى ايضاً من الملل . ضحك الطبيب و اخبرنا انه يعلم ذلك من الميل الذى ارسلناه نشتكى من الملل و أنه مر بهذه التجربة و انه بفضلها اصبح لا يشعر بالممل نهائياً الأن . بكى الطبيب و اخبرنا انه يشعر بالخوف و الترقب و الأنتظار و انه يفعل كل شىء بجوع حقيقى و شهوة فعلية لأنه يريد ان يعيش " فاهمين انا عايز أعيش "  . و أخرج مسدسه يريد ان يقتلنا و هو يصرخ فى وجهنا : اذهبوا و لا تعودا الى هنا مرة أخرى . اخرجت مسدسى و اطلقت النار على الطبيب فى هدوء . سقط الطبيب ميتاً . فوجئت بأن صديقى قد اخرج سلاحه و اطلق النار ايضاً على الطبيب . نظر كل واحد منا الى الأخر و ضحكنا . كانت تلك كما يبدو عملية مشتركة من ضمن تلك المهام الجانبية التى توكل الينا بخلاف عملنا الرئيسى.

صافحت صديقى الجديد و اخبرته انه لابد من لقاء فى القريب . اكد على كلامى بأنه هو أيضاً يريد أن يرانى و لكنه مشغول بعملية جديدة الأن و يتوق الى تنفيذها . تصافحنا و اذ به يطعننى فى رقبتى من الخلف فأسقط على الأرض . لا استطيع ان احرك و لا عضلة واحدة .

-6-

مال صديقى الجديد على و هو يقول " انا عارف انك تسمعنى و ترانى جيداً و لكن لا يمكنك تحريك عضلاتك .. الخنجر مسموم و ستعود لطبيعتك بعد سنة على اقصى تقدير , فكما تعرف لا ينبغى ان اترك شاهد خلفى .. سامحنى .. ربنا يحميك و يحفظك .. انا حبيتك بجد لهذا لم اقتلك .. انت الوحيد الذى صفق لى .. لقد طلبت لك الأسعاف و ستنقل الى المستشفى و بعدها سأكون سافرت الى الخارج و لن ترانى مرة اخرى " .. استدار و هو يزيل القناع من على وجهه . لم المح وجهه الحقيقى . اطفأ النور و هو خارج من الغرفة قائلاً " لأنه حرام الأستهلاك على الفاضى لغاية ما تيجى الشرطة و الأسعاف .. لابد من الحفاظ على البيئة " .

كنت أريد ان اصرخ فى وجهه بانه حمار و انى انا الأستاذ و لكنى لم استطع تحريك عضلاتى . صرخت فى أعماقى " صدقت انى لن اراك مرة اخرى .. انت حمار حمار .. انا سأعيش حتى لو ظللت سنة هكذا .. الم تفهم بعد يا حمار ؟ .. انا لا أشعر بالملل .. انا كنت هنا لأتخلص منك انت و الطبيب .. كانت تلك أيضاً عملية جانبية .. انا نجحت و انت لا .. انت لا تعرف .. لقد قتلت زوجتك و طفلك قبل أن اتى الى هنا .. السنا سارقو اطفال ؟ و قد ازدت علي الطفل زوجتك لأحصل على مكافأة كبيرة .. اما أنت فستنفجر بك السيارة ما أن تركبها .. الم تقل انت : انه لا ينبغى ان نترك احد خلفنا ؟ .. انا ساحيا .. اما انت فلا .. فأنا لا اترك الهدف حياً مثلما تفعل يا حمار .. انا اتخلص منه نهائياً "

وصل الى مسامعى صوت الأنفجار . و اهتز موبايلى مرتين متتاليتين .. مساعدى يخبرنى ان الهدف كان فى السيارة ( عرفه من ملابسه ).. حاولت ان اضحك الا اننى فشلت فنزلت دموعى .. اتنفس ببطء شديد .. لقد أنهيت مهمتى بأقل خسائر .. سأحصد مكافأة كبيرة ما أن اقف على رجلى .. هذا الى جانب صلوات الكاهن التى ستلد زوجته اليوم أبنه ,, الذى خططت لقتله بعد عام , يوم عيد ميلاد الأبن ,  السنة القادمة سأقتل الأبن . ما ان يعرف الكاهن بما حدث لى حتى ستنهال علىّ صلواته و سيظل بجوارى فى المستشفى  . او لست انا خادم الرب الأمين ؟ . الحمد لله , كل شىء يسير حسب الخطة .. اما الأن فأمامى سنة من الراحة و الرعاية و الأستجمام .

---

انا فى المكان حيث تركنى الرب و رحل .. و لم يعد بعد ليأخذنى

انا فى المكان حيث عطشى يرويه الظمأ .. و أشتهائى يشبعه الجوع

انا فى المكان حيث الظلام نور لى .. و البكاء هو ضحكاتى .

انا لم أذهب هناك و هو لم يأتى .. تقابلنا لأن قصتى تشبه قصته .

انا فى المكان حيث احيا حتى الأن اما هو فلا ... لا تنسونى فى صلواتكم .

 

Sunday, May 24, 2009

عام الخنزير


يذكر لنا التاريخ أن بوذا رأى إعادة تنظيم الصين في قديم الزمان فاستدعى بمناسبة رأس السنة جميع حيوانات المملكة لكن لم يلب دعوته سوى اثني عشر حيوانا وهم  :
الفأر .. الثور ..  النمر ..  الأرنب .. التنين ..  الأفعى .. الحصان ..  الخروف .. القرد .. الديك .. الكلب .. الخنزير .
وفي مؤتمر القمة هذا ، كرّم بوذا ضيوفه – بحسب ترتيب وصولهم – فمنح لكل منهم سنة تسمى باسمه وهكذا وجدت الروزمانية الصينية التي تحمل طابع الحيوان والتي تنتمي إلى اسمه . والصينيون يؤمنون بأن أفضل السنوات وأرغدها في العيش هي عام الخنزير ..

يرمز الخنزير إلى الثّروة والعائلة والرخاء والسعادة والحظّ. يعد الخنزير جوهرة الأبراج الصينية؛ لأنه أمين ومستقيم. إذا وضعت ثقتك به لن يخذلك أبدًا. يحب عمل كل شيء بشكل صحيح. الخنزير مولود ليعطي، ليهب وليخدم الآخرين. لا يتحدث كثيرًا، ولكن عندما يقرر التحدث لا شيء يمكن أن يوقفه قبل الانتهاء من حديثه.

و تحسب الأبراج الصينية بالأعوام أى كل 12 عام يتم تكرار البرج . و بالحساب نستطيع أن نعلن ان عام 2009 هو عام برج " الثور \ البقرة " ...

و كل عام و انتم بخير و بعودة الأيام .

Saturday, May 16, 2009

البحث عن عيل رخم

انا جاهل و افتخر

---

-0-

فى أحدى اعلانات شركة موبينيل لخدمات المحمول , كانوا مصورين راجل تخين محاط بالشعب المصرى الفرحان و السعيد و المزقطط و الراجل بيصرخ و بيقول : افرحوا يا شعب مصر , موبينيل جابتلكوا اكبر و احدث شبكة محمول فى العالم . و لأن الشعب المصرى جاهل و بيهيص فى أى حاجة و هو مش فاهم و مسئلش نفسه ازاى شبكة محمول ضخمة تتغير بين ليلة و ضحاها فقد هاص الشعب و هلل . الا طفل صغير تخين , شد المذيع من القميص و سئله سؤال بالعقل كده مدمراً فرحة الملايين : عمو عمو , هى الشبكة القديمة راحت فين ؟ . فما كان من الجمهور الا انه صمت لاعنا سلسفيل الواد الصغير الذى دمر فرحتهم و فوجىء الشعب و اتكسف بأنه بيهيص على الفاضى لدرجة انه واحد علق و قال للطفل الصغير : انت عيل رخم !!!

-2/1-  

حتى لا نضيع وقت فى مقدمات لا داعى منها , الخص ما سأكتبه فى كلمة واحدة : احنا دولة مسخرة و شعبها و مثقفيها بيعانوا من قلة ادب فوق الوصف و عندنا من البجاحة و الصفاقة اننا نبرر قلة الأدب دى بشجاعة تستحق التأمل !! .

-1-

علمياً

مع بداية ظهور انفلونزا الخنازير , خرجت علينا جميع التقارير بضرورة " القضاء " على عائل المرض و وسيط التحور من انفلونزا الطيور الى مرض قابل للأنتقال الى الأنسان ثم من أنسان الى أنسان و هو الخنزير . و لأن منظمة الصحة العالمية أعلنت أنه " قد يتحول " الى وباء , فقد نادى الجميع , مسيحيين قبل مسلمين , بضرورة ذبح " الخنازير " و التخلص منها كما تم من قبل مع الطيور ! . لحد دلوقتى شىء جميل . قعدنا أسبوع فى حالة ذعر و البيانات تصدر من " وزارة الصحة " و مع ظهور رئيس الدولة و المجموعة الوزارية و المقالات الصحفية التى كانت تكتب بضرورة الذبح و الخطر الهائل الذى ينتظرنا ( خد بالك ان الوزارة الصحة و الصحافة كانت بتقول إن كلامها مبنى على تقارير علمية !!! ) , خاف الناس الى درجة الرعب و التفكير فى لبس الكمامات و ضرورة ذبح " الوباء " و التخلص منه . ثم بدأ الحقائق تتضح و أن لا ضرر من الخنازير و لا داعى لذبحها , سخرت مننا منظمة الصحة العالمية و اتهمتنا بان كل ما نفعله جهل و أنه لا داعى لذبح الخنازير و انها قررت تغيير أسم المرض بسبب " جهلنا " , حتى ان عجوز شمطاء مهلوسة مخرفة زى بريجيت باردو أرسلت رسالة " مسخرة "  الى مصر تطالبها بوقف ذبح الخنازير .

قلة الأدب فى الموضوع , من أصغر طبيب بيطرى فى وزارة الصحة الى أكبر عالم بها , لم يخرج منها  دكتور واحد رخم يوحد الله او حتى يشرك بيه فاهم أى حاجة , يقولهم ليه ندبح ؟ او حتى قرأ تقرير واحد لمنظمة الصحة العالمية , او حتى يعتذروا للشعب و يقولولهم احنا كنا فاهمين غلط و الصح كذا و كذا . انما البجاحة و قلة الأدب وصلت لأتهام تجار الخنازير بأنهم لا يريدون التعاون !!! . حتى الصحافة مخرجش صحفى واحد رخم فى أى جريدة معفنة يقول يا جماعة احنا كنا بننشر تقارير غلط و لازم ننشر الصح او حتى نعتذر للناس عن جهلنا و اننا كنا منعرفش , لأ مفيش كده . الصحافة كأن شىء لم يكن و مكملة عادى و براءة الأطفال على صفحاتها .

احنا الدولة الوحيدة اللى على مستوى العالم اللى بتذبح الخنازير , احنا الدولة الوحيدة اللى شعبها فاهم المرض غلط لحد دلوقتى بسبب " عظمة علمائها و مثقفيها " , ممكن تقولى ازاى نستأمن الأطباء دول على حياتنا ؟ و ازاى ممكن تقنعنا وزارة الصحة انها عاملة كل الأحتياطات لحمايتنا من المرض و هى مش فاهمة المرض أصلاً ؟ لأ و بتكدب و تقول أن كل شىء مبنى على تقارير علمية !! .

-2-

دينياً

الصراحة انا لا أفهم رد الفعل الأسلامى . كثير من المسيحيين اصبحوا بيشوفوا الموقف الأسلامى بغرابة حقيقية . مسيحيين كتير و انا من ضمنهم بيبصوا لموقف المسلمين و يضربوا كف على كف . أى مسلم كان بيتكلم فى أى برنامج توك-شو , كان بيبتدى بالحمد و الثناء على نعمة الأسلام الذى حرم أكل الخنازير مما سينقذ المسلمين من الوباء و هو من دلائل عظمة الأسلام  . و كتير من اللى قالوا كده علماء و اطباء ( و هم على دراية بأن المرض بينتقل من أنسان الى انسان و مش من خنزير الى انسان ) , و كمان مشاهدين كانوا بيحمدوا الله برضه على نعمة الأسلام !!! الذى حرم من 1400 سنة اكل الخنزير  . الحمد و الشكر على نعم الله واجب على أى مؤمن سواء مسلم او مسيحى . لكن ....

لكن تحريم أكل الخنزير ليس " انفراد اسلامى " . أى مسيحى عارف بكل بساطة ان الشريعة اليهودية بتحرم اكل الخنزير من قبل الأسلام ب2000 سنة على الأقل . اى عالم دين اسلامى عارف انه اليهودية بتحرم أكل الخنزير . بالعكس ده فى الأسلام فى نص بيقول أن الضرورات تبيح المحظورات و ممكن السماح بأستخدام أى منتج من منتجات الخنزير و خصوصاً " الانسولين " لو فيه شفاء للمسلمين ( فى ازمة الدانمرك و الرسوم المسيئة .. الدول العربية التى قاطعت الدانمرك قاطعتها فى كل شىء ما عدا استيراد الأنسولين المستخرج من الخنزير ) . لكن فى الشريعة اليهودية لا يوجد هذا السماح .. أى أن اليهودية اكثر تزمتاً و تشددا من الأسلام فى مسئلة التحريم و مع ذلك , مسمعناش فى إسرائيل أن اليهود الأورتودوكس قالوا الكلام ده و لا نادوا بذبح الخنازير !! بل فى بعض الطوائف المسيحية بتحرم اكل الخنزير . الغريب ان هناك بعض الأديان الأرضية مثل التاوية و البوذية و الكونفوشسية تحرم اكل اللحوم من أساسه . معنى كده ان الههم الصنم كان أكثر حكمة و معرفة من ألهنا الحى الذى لا يموت و سبقه كمان بالتحريم !! . فقد حرمت تلك الألهة الأصنام اكل الطيور لأنها كانت عارفة انها حتصاب بأنفلونزا الطيور و حرم أكل الخنازير و أكل البقر و الجاموس علشان كان عارف أنها حتصاب بالحمى القلاعية و جنون البقر !! .

الغريب أن مفيش مسلم واحد رخم , سواء مواطن عادى او عالم او حتى طبيب قال يا جماعة بلاش الكلام , ده فى كذا و كذا , و ده شىء غريب . و مع احترامى لعامة المسلمين البسطاء , انا مش عارف ده اسمه جهل و لا تجهيل و تجاهل ؟ هل فعلاً المسلمين ما يعرفوش و لا تعمدوا اللعب على وتر الدين لتخويف المسيحيين و إرهابهم و السخرية من إيمانهم و خصوصاً ان الناس فعلاً خايفة و الوباء خطر جداً ؟ مفيش مسلم واحد رخم مثقف او عارف او فاهم يقول بلاش الكلام ده ؟

---

اما عن الكنيسة الأورتودكسية فحدث و لا حرج و نخص بالذكر الأكليروس من أصغر كاهن الى أكبر راهب. مع بداية الأزمة , ارسلت الدولة الى الكنيسة تطلب منها ان تساعدها و تقنع المسيحيين سواء المستهلك للحم الخنزير او المنتج له كالمربين او العاملين فى هذه الصناعة و خاصة انه اغلب المتعاملين بهذه الصناعة  مسيحيين . فما كان من الكنيسة بحكمتها !! الا انها اعلنت للدولة اعملوا اللى انتم عايزينه !! ... ترغى كثيراً الكنيسة و المسيحيين المصريين فى موضوع الاضطهاد و ان المسيحى مضطهد لكنه رغم الأضطهاد الا ان العلماء المسيحيين موجودين فى كل مكان فى العالم و اغلبية الأطباء و الصيادلة فى مصر مسيحيين ( بالنسبة طبعاً مش بالعدد ) . و كمان كل شوية يقولك مجلس المستشارين للبابا و المجلس الملى ( منهم دكتور صاحب شركة ادوية معروفة !!! ) .

مفكيش يا كنيسة كاهن واحد رخم يخرج يقول ليه ندبح و المرض ملوش دعوة بالخنازير ؟ . الكنيسة كان عندها فرصة لا تعوض لأثبات مكانة المسيحيين فى مصر  بالتدليل المباشر بأن المسيحى مش جاهل بل عالم و فاهم  و انه ما يضحكش عليه و كانت ممكن تحرج الدولة بأكملها  لو سئلت : ندبح ليه و منظمة الصحة مقلتش ندبح يا متعلمين يا بتوع المدارس يا وزير الصحة ؟؟ .  و لكن لأننا امام اكليروس مش فاهم أى حاجة مفهوش حتى كاهن يوحد الله خريج طب بيعرف يقرا و يكتب يقولهم منظمة الصحة مقلتش كده , انتم بتعملوا كده ليه ؟؟ .. جهل غريب و بجاحة أغرب .

الأغرب و الأغرب بقى انه لما اتفضحنا على مستوى العالم , مش يخرج عالم مسلم يقول بلاش الكلام ده و ما يصحش كده  او يخرج حد من الأكليروس يعتذر للمواطنين و يقولهم أسفين مكناش نعرف صح . لأ , دى البجاحة وصلت لأن البعض اتهم المسيحيين بالكفر و انهم اساس أى بلاء يجتاح العالم .. و طبعاً  رجعت الكنيسة لنغمتها المفضلة الا و هى انهم مضطهدين و ان ذبح الخنازير ما هو الا اضطهاد للمسيحيين ( اضطهاد ايه و انت جاهل مش فاهم حاجة .. عامة القانون لا يحمى المغفلين ) .

قلة الادب و البجاحة وصلت كمان انه بعد ما اتفضحنا , الناس , كعادة المصريين ,  خرجت تقول ما احنا قلنا من الاول بلاش الدبح , ما احنا كنا عارفين و محدش سمع كلامنا . يعنى قلة أدب و صياعة ملهاش حل .

اتحولت القضية بكل بساطة الى خناقة دينية بين المسلمين و المسيحيين . و .. و لا دول مكسوفين و لا دول مكسوفين من الجهل , بالعكس بيزيطوا زيادة كأن الموضوع عادى و مفهوش مشكلة , تحس اننا اخدنا على الجهل و بقى شىء عادى بالعكس احنا مستمتعين تماماً .

-3-

وباء يجتاح العالم .. و احنا فى العسل : وزارة الصحة مش فاهة المرض و الشعب قلبها خناقة دينية !! . احنا فعلاً عايشين على باب الله و على بركة دعا الوالدين . و الله العظيم , ربنا هو اللى بيسترها معانا مش أكتر و لا أقل .

انا مش بدافع طبعاً عن الخنازير , تغور الخنازير فى 60 داهية . لكن بجد .. مفيش واحد بس خرج يقول للناس " الشبكة القديمة راحت فين ؟ " , قصدى : ليه بتدبحوا ؟ ليه بتعملوا كده ؟ . مصر كلها مفهاش دكتور رخم واحد يقولهم انتم مش فاهمين المرض ؟ .. بجد حاجة اخر قرف .

مفكيش يا مصر عيل واحد رخم يبوظ الهيصة و الزيطة دى عليكى و يقول للناس و الدولة :

عيب كده .. كفاية جهل .. فضحتونا  !!!!! .

---

لم تنتهى ...