Friday, June 18, 2010

الجسد

التعس المدعو داميان:

مواطن فرنسي حكم عليه في الثاني عشر من مارس/آذار سنة 1757 بأن يدفع غرامة معنوية وهي الإقرار بذنبه علنا (قتل أبيه) أمام الباب الرئيسي لكنيسة باريس. وقد تم حمله إلى منصة الإعدام، وهناك جرى قرصه بالقارصة في حلمتيه وذراعيه، وركبتيه وشحمات فخذيه، وحَملَ في يده اليمنى السكينَ التي ارتكب بها جريمته المذكورة، وحُرِّقتْ يدُه بنار الكبريت، وفوف المواضع التي قُرص فيها وُضع رصاص مذاب وزيتٌ محمي وقارٌ صمغي حارق، إضافة إلى شمع وكبريت ممزوجين معا، ثم مُزق بعدها جسده وقُطِّع بواسطة أربعة أحصنة، وتلفت أوصاله فيما بعد وذُري رماده في الهواء ( مات!!!).

---

يؤكد فوكو أيضا أن جسد داميان المعذب سيظل هو ذاته دليل الجسد الآخر الانضباطي، حتى عندما ينتقل من مرحلة التعذيب الماديّ المباشر، والمعروض جماهيريا إلى نوع التعذيب الآخر (الناعم) الموجه إلى روح هذا الجسد. فالسلطة هي السلطة دائما ما تنتج عملية البغي باستمرار (لا فرق بين هذا التعذيب الذي تعرض له داميان، او بين ما حدث لخالد)، حيث الجسد مستباح تقطع منه الأعضاء والأوصال عضوا عضوا، وبين هذا التعذيب الآخر المستحدث الذي تتعاون عليه المجتمعات الانضباطية المعقلنة.

ففي الحالين معا، يحلّ الجسد الانضباطيّ (العاهل، السلطان، الرئيس, الحاكم) مكان الجسد المعذَّب لتتأكد الجماهير الحاضرة لمجرى التعذيب كيف أنه حام وقويّ وحاضر على الدوام. ليس المستهدف إذاً من وقائع التعذيب ذاك الجسد المصلوب، وإنما منْ يحضر ويشاهد وقائع التعذيب في الواقع...

من هو المستهدف أساسا من عمليات التعذيب؟! وما فحوى الرسالة التي يحملها جسد المعذب فيما هو مصلوب على الجذع أو فوق مداخل الميادين؟! ومن المستفيد في المقام الأول والأخير بحوادث التنكيل اللإنساني بحق المعذبين؟!

يؤكد فوكو أن التعذيب هو في الأساس "مسألة سياسية وليست مسألة توازن يجب إعادته إلى المجتمع ... المسألة مسألة تفريق بين الفرد في الرعية والحاكم كلي القوة ...، [عبر] سياسة الترهيب، وإشعار الجميع وفوق جسم المجرم، بوجود الحاكم غاضبا، إن التعذيب لا يعيد العدالة إلى نصابها، بل يقوّي السلطة".حيث تنغرس في نفسية الجماهير مشاعر الخوف والهلع. حيث لا تتعلق وقائع التعذيب في الغالب بالعمل على سيادة القانون وإنصاف المظلوم أو إحقاق الحق وإبطال الباطل، وإنما ترتبط بالعكس من ذلك تماما. فكما أن المستهدف ليس جسد المعذب الضعيف، كذلك ليس المستهدف من التعذيب إرساء قواعد العدل والإنصاف وإنما تثبيت السلطة وإدامة وجودها والأهم من هذا وذاك إشعار رعاياها بأنها لا تزال قوية وحامية وأن التعذيب يعد مصير كل من يخرج عن ربقتها ومن ثم يهابها الجميع!!!.

ان فوكو محقا إذاً في إشارته للتعذيب على أنه بمثابة "تقنية، فالموت التعذيبي هو فن إمساك الحياة في الوجع، وذلك بتقسيمه إلى (ألف موتة) قبل أن تتوقف الحياة على أشدّ حالات الفزع".

ثمة من يرى أن العنف "هو أول مصادر السلطة، وأول أدواتها وأكثرها وحشية ... وإذا كان من العنف ما هو مباشر معلن كالعنف الرسمي ... فإن هناك عنفا آخر مباشرا أيضا ولكنه خفيّ غير معلن تستخدمه السلطة ولا تجاهر به ... وهناك العنف الرمزي الذي يقوم على فرض دلالات رمزية معينة في حالات خاصة، وهو عنف تستخدمه السلطة وتتبرأ منه في نفس الوقت"

بيد أنّ وقائع التعذيب تنطوي على إشكالية تتمثل في علنيته. وبحسب فوكو أيضا، فإن هذا الحضور هو المشكلة، "ومشكلته أنه حضور ملتبس، إذ كثيرا ما ينقلب مسرح التعذيب، من العبرة إلى التعاطف، ومن الانتقام إلى التسامح مع المجرم، وخاصة عندما يعلم الشعب أن العقوبة جائرة، وأنّ الحُكم ظالم".

---

أنه : الخليع *

تعريف : هو الشخص الذي يُحل دمه ويمكن قتله دون قصاص. وفي العصور الجاهلية السابقة على ظهور الدولة الإسلامية كانت العرب تطلق لفظ "الخليع" على ذلك الشخص الذي "تخلعه" قبيلته وتسحب عنه حمايتها وبذلك يمكن قتله دون عقاب . أى انه الشخص الذى تخلعه دولته و تسحب عنه حمايتها .

التعريف من مقال " الحياة الجرداء " .. للدكتور خالد فهمى

لقراءة تدوينة "الخليع" كاملة اضغط هنا

---

Wednesday, June 16, 2010

الخير العام

"الحق الطبيعي"، الذي تعطيه الطبيعة، يعطي الإنسان كل شيء. أما "القانون الطبيعي"، الذي يصدر من طبيعة عقل الإنسان نفسه فهو يعَيِّن ويحدد الطريقة الأكثر ملاءمة للحفاظ على الحقوق الطبيعية وعلى رأسها حق البقاء. إن العقل يملي على الإنسان فكرة على درجة كبيرة من الأهمية، فكرة التنازل عن حقه الطبيعي الذي يعني حرية التصرف بدون قيود، والدخول مع الآخرين في حال من السلم، قوامها الكف عن الاقتتال والتحرر من الخوف. هذا التنازل عن “الحق الطبيعي” هو أساس الدولة. هو العقد الاجتماعي الذي يجعل قيام الدولة ممكناً.

في عرف جان جاك روسو، يتكئ العقد الاجتماعي, في مجتمع مثالي, إلى الرغبة الطبيعية لمختلف فئاته. على هذا الأساس, يختار الأفراد التخلي عن مصالحهم الشخصية مقابل الصالح العام للدولة.

فهو يرى أن تكون المجتمع حصل نتيجة لعوامل أقتصادية مثل الإختراعات وتطور عوامل الإنتاج وتقسيم العمل, ممّا أنشأ قيم "جماهيرية" جديدة ناتجة عن المقارنة مثل (الخجل والحسد والفخر..) وأهمّها هي (الملكية الخاصة) حيث يعتبر إيجاد هذه الفكرة منحنى تاريخي مهم في مسيرة البشرية.. سبّب ظهور (الملكية الخاصة) ظهور قيم أخرى مثل (الجشع، المنافسة، عدم المساواة،...) الشيء الذي أخرج البشرية من حالتها الأصلية "الطاهرة" وكنتيجة للملكية الخاصة إنقسم الناس إلى أصحاب أملاك وإلى عمّال لديهم، مما أوجد نظام (الطبقات الإجتماعية).

أدرك أصحاب الأملاك أنّ من مصلحتهم إنشاء "حكومة" لتحمي ملكياتهم من الذين لا يمتلكونها ولكنهم يعتقدون أنهم قادرون على الإستيلاء عليها بالقوّة، ومن ثمّ تمّ تأسيس الحكومة من خلال "عقد" ينصّ على توفير المساواة والحماية للجميع بلا إستثناء ، على الرغم من أن الغرض الحقيقى من إنشاء مثل هذه الحكومة هو تكريس "اللامساواة" والتي نتجت عن الملكية الخاصة ، الشيء الذي يراه روسو السبب في معاناة المجتمعات الحديثة.

بموجب العقد الاجتماعي وعلى شروطه، يدخل كل شريك، أي كل مواطن، في علاقة مزدوجة: علاقة مع الأفراد الآخرين تتعين بموجبها الحقوق المدنية، وعلاقة مع هيئة السيادة نفسها تتعين بموجبها الحقوق السياسية، وتفرض هذه العلاقة المزدوجة التزامات متبادلة.

الميثاق الأساسي الذي سيعبر عنه الدستور في أي نظام اجتماعي “لا يقضي على المساواة الطبيعية، بل إنه على العكس يقيم مساواة معنوية وشرعية لما استطاعت الطبيعة أن توجده من تفاوت طبيعي بين الناس، فيصبحون كلهم متساوين بالعهد الذي عقد فيما بينهم، وبحكم القانون، ولو أن بينهم تفاوتاً في القوة أو في الذكاء وتفوق المواهب .
تنجم عن العقد الاجتماعي إرادة عامة توجه قوى الدولة وفقاً للغرض الذي أنشئت من أجله، وهو الخير العام.......

إن ما هو مشترك هو الذي يؤلف الرابطة الاجتماعية.

إنه الخير العام.. هو الذى يؤلف الرابطة الأجتماعية و هو الذى يجبر المواطن على ان يتنازل عن جزء من حريته و مصالحه الشخصية فى سبيل الخير العام!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

---
الواد اتنازل عن كل حاجة حتى حياته فى سبيل الخير العام !!!!!!.. علشان المخبرين يعيشوا !!!!.