Tuesday, December 30, 2008

حصاد 2008




لأننا نعرف أن عكاشة لا يحب الهزار و لا يخلط الجد بالتهريج .. فانه لما أستوقفه الضابط فى الأشارة و سئله عن الرخصة لأنه كان مخالف مخالفة صريحة , أمسك الضابط بالرخصة و سئل عكاشة بغضب : و مين اللى طلعهالك و أنت ما تعرفش تسوق كده ؟ و لأن عكاشة كما قلنا لا يحب التهريج فقد أجاب الضابط بكل هدوء : امك .. كلمت امك و هى اللى طلعتلى الرخصة . انتهى الموقف كما هو واضح فى القسم , و لصالح عكاشة أيضاً , الذى أتصل بكبار المسئولين . أنهى مأمور القسم المحضر بالأعتذار لعكاشة عن ما بدر من الضابط !!! . و لما خرج عكاشة من القسم , صادف الضابط عند الباب . فسئله الضابط بغيظ شديد : واضح انك جامد , أتصلت بمين يا باشا علشان تخرج كده و أنت مخالف و تعديت على ضابط ؟ . و لأن عكاشة كما قلنا لا يخلط الجد بالهزل , فقد اجابه بكل هدوء : أمك برضه .. كلمتها , صِعب عليها انها بعد ما طلعتلى الرخصة , اتحبس .. فخرجتنى !!! .

--

لا أعلم صراحة لماذا تذكرت هذا الحادث و أعتبرته هو اهم حدث لهذا العام . فهو يمثل السلطة . سلطة تقهر اخرى . و سلطة تقبل الأنسحاق و الانقهار ( أذا جاز التعبير ) امام سلطة أعلى . القهر و السحق و الذل . ثنائية السحق \ الأنسحاق .. القهر \ الأنقهار .. الذل \ الأنذلال .

بدءاً من حريق مجلس الشورى مروراً بنهى رشدى وصولاً الى كارثة الدويقة و نهاية بالكساد الأقتصادى المقبل . كل حادث منهم يظهر ان هناك سلطة ما تمارس نفوذها على " المقهورين " , حتى لو كان المقهور هو من أصحاب سلطة سابقة .

نهى مارست سلطة ما على شاب كان يملك يوماً " سلطة على جسد الأنثى " . أنهيار الأسواق المالية , هو ممارسة لسلطة السوق و قهرها لسلطة ما كانت تسيطر على أسواق المال و الأعمال , هى " سلطة الفساد " . سلطة السوق \ المال قهرت سلطة الفساد التى كانت تتحكم يوماً ما فى السوق . الأيديولوجيات الكبرى انهارت امام حقائق صغيرة , حتى السلطة الدينية , انهارت تماماً . لم تعد المرجعية الدينية تستطيع تفسير حقائق الحياة , أضرابات العمال و بالأخص 6 ابريل انهت أحتكار نظرية " أرادة الله " السالبة للحريات و للحقوق التى كانت تتبناها السلطة الدينية لتفسير ما تفعله السلطة الأكبر . المؤمن البسيط الذى كان يرضى بالأنسحاق امام " قدرة الله " , السلطة الأعلى , طاعة و محبة و طلباً للغفران و للستر و الأمان , لم يعد يثق فى سلطته الدينية ( اذا سلمنا انه مازال يثق فى الله !! ) , لأنه لم يعد يجد المغفرة لأنها – السلطة - تُكَفر البسطاء ( راجع ما كُتب عن حادث الدويقة ) و لم يعد يجد الستر نتيجة للفساد و لم يعد يجد الأمان ( راجع ما يَحدث فى الأقسام ) .

نحن امام طوفان من السلطة و السلطة المضادة . يستطيع أمين شرطة او ضابط صغير أن يهينك و يتعامل معك على أنك " من ضمن زبالات البشر " و يحولك الى مادة للتندر و للتسلية . و يستطيع عسكرى صغير قادم من طرف أحد اللواءات بصحبتك الى احدى الأقسام لينهى لك معاملاتك , ان يهين و يهدد هذا الضابط أو الأمين بكارت صغير يخرجه من جيبه عليه أسم اللواء الذى هو واسطتك . حتى فى عالمنا الصغير , الأفتراضى , الفيس بووك و التدوين . جروبات الفيس البووك المتعارضة و المتضاربة و المختلفة فى كل شىء و التى تصفى حسابتها و أختلافتها بنظام الردح و فرش الملاية و تلقيح الكلام . التدوين أصبح ساحة فكرية قوية لمختلف التيارات و لكن لأننا أدمنا السلطة , فكل من يختلف معك تستطيع و بكل سهولة كما قال لى صديقى : أن ترزعه تدوينة تهزئه فيها و تسخر منه كمان . العمال المقهورين بالأضرابات التى انجزوها أصبح لديهم سلطة انزلت رئيس الوزراء و المؤسسة ( من المفترض انهم أصحاب السلطة الأعلى ) للتفاوض معهم . أسراء 16 سنة صاحبت دعوة 6 أبريل , حركت السلطة من مكانها خوفاً من حدث ما قد تسببه تلك الفتاة التى حتى لا تملك سلطة الخروج من البيت دون أذن والدها .  أنتخاب أوباما بدلاً من المحافظين الجدد هو دليل على سلطة شعب مقهور يُرسَل أولاده لكى يموتوا فى العراق .

كارثة العبارة , الغرقى المصريين على السواحل الأيطالية , موتى الدويقة , حوادث التحرش الجماعى , , حذاء منتظر , انتهاك الأعراض فى الأقسام , قتل سوزان تميم , حرائق المصانع , أرتفاع الأسعار , وصول أوباما الى البيت الأبيض ,  سوق التعليم ,  أضرابات العمال , المؤسسة الدينية , حتى أنهيار الأسواق العالمى و الكساد الأقتصادى , لو حللت أى منها ستجد نفسك أمام ثنائية من السلطة و السلطة المضادة  .


السلطة تقوم و تسقط . تكذب و تصدق , تختفى و تظهر . تنتقل من طبقة الى طبقة , من طبقة كانت تحكم الى طبقة كانت مقهورة . تتبدل من يد الى أخرى , من يد كانت تملكها الى يد أصبحت تملكها . يسيطر عليها ذويها و يتحكم فيها المحرومين منها . سلطة لم تعد دليل قوة و ستار فساد , بل تتهم الجلاد و تشير اليه و تُنصف الضحية ( تذكر عماد الكبير ) . تفضح الفاعل صاحب السلطة و تستر المفعول به المقهور . سلطة جاءت للبعض فأستغلوها بطريقة صحيحة و لأخرين أستغلوها بطريقة خطأ . السلطة تروح و تجيىء .. فلا أحد - في واقع الأمور- يمتلكها . و ستجيىء يوما فى يدك لعلك تجيد استخدامها !!! . سلطة ستجىء نتيجة كسر الطوق الذي تفرضه شبكة الإعلام المؤسسي ، وتسمية الأشياء بأسمائها، و ذكر من فعل ، و ما فعل، وتعيين المستهدف ، كل ذلك قلب أول للسلطة وخطوة أولى في طريق صراعات أخرى ضد السلطة .

أن عام 2008 هو عام اللعب بالسلطة بلا منازع . هو قيام سلطات جديدة و أنهيار أخرى قديمة راسخة .

--

أنهى عام 2008 بفقرة لفوكو عن " ماهية السلطة " :

لا نعرف ماهية السلطة !!!

مازلنا نجهل ماهية السلطة . أفلم ننتظر حتى القرن التاسع عشر لنعرف ماهية الاستغلال. ولكن لعلنا مازلنا لا نعرف بعد ماهية السلطة. ولعل ماركس و فرويد لا يكفيان لمساعدتنا في معرفة هذا الشيء المغرق في الإلغاز، هذا الشيء الذي نراه ولا نراه ، الظاهر الخفى، الذي يعترضنا حيثما ولينا وجهنا، والذي نسميه السلطة . فليست نظرية الدولة ولا التحليل التقليدي لأجهزة الدولة بقادرين - دونما شك - على استنفاد مجال ممارسة السلطة وعملها، وإنها لأشد ما يجهله الناس اليوم : فمن يمارس السلطة ؟ وأين يمارسها ؟ فقد صرنا اليوم نعرف على وجه التقريب من يستغل ، وأين يمضي الربح ، والأيدي التي يمرّ بها وأين يستثمر من جديد ، أما السلطة (...) فنحن نعلم حق العلم أن ليس الحكام هم الذين بيدهم السلطة . غير أن فكرة " الطبقة الحاكمة " فكرة غير واضحة تمام الوضوح ولا هي ممحصة غاية التمحيص . " فالسيطرة " و" التسيير " و" الحكم " و " المجموعة الحاكمة " و" جهاز الدولة " إلخ ... جملة من الأفكار تحتاج إلى التحليل . ثم إنه ينبغي أيضا أن نعرف إلى أي مدى يمكن ممارسة السلطة وما هي الوسائط في ذلك وأي المنظمات ، الدقيقة غالبا، في تراتبها، وفي رقابتها، وفي حراستها، وفي موانعها وفي ضغوطها تمارس السلطة. فالسلطة تمارس حيثما يكون ثمة سلطة. فلا أحد - في واقع الأمور- يمتلكها، ومع ذلك ، فهي تمارس دوما في اتجاه معين ، فيكون البعض من جانب ويكون البعض الآخر من الجانب الآخر، ولسنا نعلم من الذي بالتحديد يملك السلطة ولكننا نعلم من لا يملكها (...) .

وينتظم كل صراع حول مركز مخصوص من مراكز السلطة ( حول واحد من هذه المراكز الصغيرة التي لا يحصرها العد، والتي قد يكون الواحد منها قائدا صغيرا أو حارس عمارة، أو مدير سجن ، أو قاضيا، أو مسؤولا نقابيا، أو رئيس تحرير جريدة ). و لئن كان تعيين هذه المراكز، و فضحها، و الحديث عنها على رؤوس الملإ من باب الصراع ، فليس ذلك راجع إلى أنه لم يكن أحد على وعي بذلك ، بل أن مرد ذلك إلى أن تناول الحديث في هذا الموضوع ، وكسر الطوق الذي تفرضه شبكة الإعلام المؤسسي ، وتسمية الأشياء بأسمائها، وذكر من فعل ، وما فعل، وتعيين المستهدف ، كل ذلك قلب أول للسلطة وخطوة أولى في طريق صراعات أخرى ضد السلطة (...) فخطاب الصراع لا يقابله اللاشعور، ولكن يقابله الكتمان (...) إنك لتجد سلسلة كاملة من وجوه اللبس متصلة بالمخفي، وبالمكبوت ، وبغير المصرح به ، وهي وجوه تمكن من القيام بتحليل نفسي بخس لما ينبغي أن يكون موضوع صراع . إذ لعل إزاحة الحجاب عن الكتمان أعسر من الكشف عن اللاشعور .

  

فوكو

--

مر عام 2008 بطوفان من أستغلال السلطة , و ربنا يستر من عام 2009 , الذى أسموه قبل أن يبدأ بعام الكساد الأقتصادى .

--

مر عام و جاء عام جديد  .

Happy New Year

و عام كساد أقتصادى سعيد .

Wednesday, December 24, 2008

حاف كده


بابا نويل لقى نفسه وحيد , فنزل بنفسه يوزع الهدايا على الناس . و هو بيلف لقى بنت مُزة جامدة جداً عندها بتاع 23 او 24 سنة . راح مطلع احسن هدية عنده و اداها للبنت . البنت فرحت قوى و قالتله : متشكرة أوى يا بابا نويل . راح غمز لها بابا نويل و قالها : قوليلى يا نويل حاف كده من غير بابا .

---

كل سنة و أنتم طيبين

حاف كده و خبط لزق

--

 

Sunday, December 21, 2008

العهد الأتى


فلما كثرت أيامى على الأرض و تعاظمت وحدتى  . و كانت الأرض خربة خالية . صرخت بصوت عظيم : الهى الهى لماذا تركتنى ؟ . فأبتسم الرب فى تحنن و قال : ليس جيداً أن نتركه وحيداً , فلنعطيه معيناً نظيراً . فكانت يد الرب علىّ فأخرجنى بالروح الى الوادى , و قال لى تنبأ يا ابن الأنسان . فقلت :  حبيبتى بين النساء كالوردة وسط الأشواك . فاوقعنى الرب فى سبات عميق . ثم قال لى هلم خارجاً . فخرجت الى مراعٍ خضر فوجدتها جالسة بطمأنينة تحت شجرة فذهبت و جلست هناك . ثم قال الرب : لأنه هكذا يترك الرجل اباه و امه و يلتصق بامرأته فيصير الأثنان جسداً واحدا . نظرت الى عينيها فوجدت ارضاً جديدة و سماءاً جديدة , و الأرض القديمة و السماء القديمة تزولان . فخفت و قلت : ما لى و لك يا امرأة لم تأتى ساعتى بعد !! . أبتَسَمَت و قالت لى : الحق الحق اقول لك اليوم تكون معى فى الفردوس .

 

---------

الأصحاح الاول و الأخير

من سفر الحياة

العهد الأتى

--

قريباً

Tuesday, December 16, 2008

جزمة فى الكلوب


هل تسمحون لى بالتحذلق و القول بأن ما فعله منتظر الزيدى ما هو الا محض هراء لا يستحق كل هذه الدوشة و السعادة و الانبساط ؟

هل تسمحون لى بأن أعلن أن ما حدث فى العراق يدخل تحت بند قلة الأدب ؟

هل استطيع ان القى كرسى فى الكلوب و أسئل منتظر الزيدى : هل كنت لتفعلها لو كان صدام هو من يقف امامك ؟

هل استطيع ان اضع بنزين على النار و اسئل جمهور المصفقين : اليست الحرية و الديموقراطية الأمريكية التى دخلت العراق هى السبب فى القاءه بالجزمة ؟ هل ممكن ان يتكرر المشهد فى أى دولة عربية اخرى من الدول ذات السيادة ؟

هل استطيع ان اكون حكيماً و اطلب من العربى ان : قبل ان تقذف بالحذاء فى وجه الأمريكى البغيض , عليك ان تنزع الخازوق من مؤخرتك الكريمة ! .

هل أستطيع ان أطلب من النساء التى زغردت فى برنامج مصطفى بكرى على قناة الساعة شماتة فى " بوش " , ان يقفوا دقيقة حداد لمن اخذوا بالجزمة فى حادث العبارة  ؟

هل أستطيع ان أعلن أنى ضحكت على امة ضحكت من جهلها الأمم ؟

--

طبعاً لا أستطيع ان اكتب اى مما سبق او حتى أعلنه , لأن الثوريين النشطاء سيرجمونى و يتهمونى بالعمالة و الخيانة و أنى من مثبطى الهمم و من واسعى الذمم و لابد انى من القابضين من السفارة و ينزل غضبهم على نافوخى و تصب لعناتهم فوق رأسى و تنهال دعواتهم علىّ كى اموت , لذا فأنى اتقاءاً لشر " الثوار العرب " و لأنى شخص خواف يخشى اعلان كلمته , فاننى اعلن , مسايرةً للموجة :

هيييه , هيييه , هيييييه .. انا سعيد باللى حصل فى العراق , يلا نصقف كلنا , انا شمتان فى " بوش " زيى زييكم , انا يا جماعة موافقكم , انا بصقف و بهلل زيكم اهه . و بحيى البطل , برافو يا بطل يا محرر العرب . بليز , لو سمحتم اقبلونى فرد من افراد الجماعة الثورية , ممكن لو سمحتم ؟ صدقونى انا بصقف زيكم اهه . هييييه .

---

قيل و العهدة على القائل :

سيتم تحويل جميع القصور الملكية و الجمهورية بالدول العربية الى بيوت عبادة و مساجد لله , حتى تطمئن القلوب و الأفئدة بأنه لن يدخلها أحد مرتدياً " حذائه " !!! .

 

Saturday, December 13, 2008

بشتكة


احتفالاً بنادى بشتكة ( الأهلى سابقاً ) , قرر أتحاد الكرة المصرى أرسال حداشر توك توك الى المطار بدلاً من الأوتوبيسات لأستقبال اللاعبين و أعادتهم الى النادى ( و حيبعتلهم التكاتك من غير كاسيت كمان ) . و ستكون التكاتك ماركة " البطة الشقية .. للزفلطة اليابانية " .

و يظل السؤال حائراً معلقاً و لم نجد له اجابة :

هل نادى بشتكة , معاه حاجة ياخد فيها ؟ و لا نلفله فى قراطيس ؟

---

هشتكم يا باتشوكا ..و بشتكم

حبيب قلبى

--

تحديث :

وصل الى علمنا أن بشتكة ( الأهلى سابقاً )  حينزل فى مطار امبابة بطائرات شراعية علشان مش عايزين وجع دماغ فى مطار القاهرة الدولى . و قيل أيضاً تتمة للأحتفال انهم حيودوهم يفسحوهم عند عم شنكليح بتاع المراجيح , و كان حيدبحلهم خروف , بس للأسف الخروف اتسرق من المعلم زلاؤطة . و قيل أيضاً و العهدة على الراوى , ان الهدف الضائع من بشتكة حيبعتو المفتش " كرومبو " يدور عليه . 

Thursday, December 11, 2008

الصندوق الأسود


أسرار الصندوق الأسود

--

لى أصدقاء فى هذا العالم أصدقاء قساة . خطفوا طارئرات . أحتجزوا رهائن . زرعوا عبوات . زوروا باسبورات و تحايلوا على المطارات . أختاروا أسماء مستعارة و عاشوا فى ظلها . تمردوا على النظام و طاردوا " العدو فى كل مكان " و عادوا من الرحلة . هذا أصيب فى روحه و قهرته الأيام . و ذلك أصيب فى جسده و يعيش مع الأدوية و الذكريات . و ثالث دفن على بعد آلاف الأميال من التراب الذى كان يناديه .

أنهم رفاق الدكتور وديع حداد مسؤول المجال الخارجى فى " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " التى أرتبط أسمها طويلاً بأسم قائدها الراحل الدكتور جورج حبش . طالبان فلسطينيان التقيا على مقاعد الجامعة الأمريكية فى بيروت . اغرقتهما النكبة فى أسئلة عن حال الأمة و مستقبلها .

قبل عقود من طارئرات أسامة بن لادن أنهكمت مجموعة فى قيادة " الجبهة الشعبية " فى بحث عن وسيلة لهز ضمير العالم و تذكيره بالظلم اللاحق بالفلسطينيين . كان الغرض أيضاً توسيع دائرة المعركة مع إسرائيل الى كل مكان . هكذا أقر مبدأ خطف الطائرات . و سيقع على عاتق وديع حداد مسؤول المجال العسكرى الخارجى عبء التخطيط و التنفيذ و أستقطاب " الرفاق الاجانب " المعادين للأمبريالية الى حد الأستعداد لمقاتلتها على مسارح قريبة و بعيدة .

من مقدمة المؤلف

---

ما سماه الغرب " امبراطورية الإرهاب " كان بالنسبة للدكتور وديع حداد لقاء طبيعياً بين ثوار وهبوا انفسهم لمعركة ضد الظلم داخل بلدانهم و على مستوى العالم كله . كان بدهياً أن يشعر الموساد الأسرائيلى بالقلق , فقد كان حداد قادراً على أن يضرب فى هذه القارة أو تلك . و كان من حق الغرب أن يقلق . فحداد يقود حرب بلا هوادة , و كان قادراً على مفاجأة خصومه فى باريس أو لندن أو روما أو نيروبى . يصعب ضبط حركاته و احتواء اندفعاته . قد يكون المهاجم المانياً أو يابانياً أو تركياً أو إيرانياً . جنسيات كثيرة و شبكات معقدة و وثائق مستعارة و أسماء مستعارة .

بعد العمليات الأولى " للمجال الخارجى " توافدت مجموعات ثورية من بدلان مختلفة الى الشرق الأوسط تطرق باب حداد . و بعد المرور بالتنظيم الطالبى ل" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " و الإعلام فيها كان حداد يستقبل من يتوسم الجدية فى عملهم .

تبدأ العلاقة ببلورة الأرضية السياسية و حين تتأكد صلابتها يبدأ التعاون وفق برنامج محدد . تبادل معلومات و توفير وثائق و أسلحة و تسهيلات و تدريبات و أحياناً مباشرة فى العمليات .

تحول حداد رمزاً و ملاذاً . و تحول " المجال الخارجى " معهداً للثوار تخرج منه من هزوا العالم بعنف : " سالم " الفنزويلى الذى لم يكن غير كارلوس , مريم اليابانية التى لم تكن غير نوريكو شيغينوبو زعيمة " الجيش الأحمر " , و " مجاهد " الأرمنى الذى لم يكن غير أغوب أغوبيان زعيم الجيش السرى الأرمنى لتحرير أرمينيا " . سالم يقيم اليوم فى سجنه الفرنسى . مريم سجينة فى بلادها و مجاهد جندله الرصاص . سقطوا بعد رحيله . ربما بسبب غياب المظلة و ربما أيضاً لأنهم وقعوا فى ما كان يحميهم منه : نسج علاقات مع دول و أجهزة فضلاً عن الوقوع فى النجومية .

جاؤوا من البعيد الى المعسكرات الصغيرة . قلة تدربت فى الأردن قبل إخراج المقاومة الفلسطينية منه . قسم تدرب فى لبنان . بعضهم فى مقديشيو . لكن المعهد الكبير كان فى عدن .

متى تأسس معسكر عدن ؟

ظهرت الفكرة فى 1971 و بدأت الأتصالات مع المسؤولين هناك . الحقيقة انه فى كل بلد لنا فيه نشاط عسكرى كنا نحتاج الى معسكر . المقصود وجود مكان جاهز لأستقبال و تدريب العناصر التابعة لنا أو الأصدقاء . من المعسكرات التى تذكر فى شكل كامل و متكامل معسكر عدن الذى أستمر طويلاً أى من بداية السبعينيات الى وقت قصير قبل انتهاء اليمن الديموقراطى بقيام بين شطرى اليمن .

من من الألمان مثلاً ؟

تنظيمات الجيش الأحمر الذين يعرفون أيضاً ببادر – ماينهوف أو اختصار ال" راف – raf  " و " الثانى من حزيران " و الخلايا الثورية " .

هل جاء أحد من فرنسا ؟

لم تأت مجموعات من فرنسا . فى المقابل جاء كثيرون من الأسبان . جاءت مجموعات " إيتا " . الاشخاص صادقون فى التعامل و التوجه و الأستعداد للعطاء , لكن ينقصهم التماسك الذى ميز الألمان . كما جاءت تنظيمات يسارية محدودة من إيطاليا . لكن ليس " الألوية الحمراء " . لم نستقبل الألوية الحمراء لأننا كنا على أعتقاد انهم مخترقون و لم نكن على أستعداد لهدر الوقت فى التأكد من صحة الأختراق و حجمه . جاء الهولنديون و تدربوا . و فى ضوء الأحتكاك لمسنا حجم مشكلة الفراغ التى يعيشها الشاب الهولندى . لم تكن قضيتهم مجذّرة .

كذلك جاءت مجموعات صغيرة من نيكاراجوا . جاء الساندينيون و جاء باتريك ارغويللو الشاب الذى أستشهد فى عملية خطف الطائرة التى شاركت فيها " ليلى خالد " . جاء افراد من شيلى و مجموعات من سان سلفادور , لكن لم نلمس لديها بنية تنيظيمية . جاء شباب من أصول عربية نزح اجدادهم الى تلك البلاد . جاء أشخاص من مجاهدى خلق و انقطعت العلاقة معهم بعد انتصار الثورة . جاءت الجبهة الشعبية لتحرير تركيا و فئلت يسارية اخرى . كنا نستقبل جرحاهم أيضاً إذ كنا نرى هذه المجموعات جزءاً من الثورة العالمية . و لم يترر الأتراك فى العطاء .

و جاء اليابانيون أيضاً و لهم خصوصيتهم السيكولوجية . صادقون حتى الموت . متى أتخذوا قراراً لا يعودون عنه . أصحاب صدقية عالية . و الدليل هجوم " الجيش الأحمر اليابانى " فى مطار اللد . يحبون النقاش و الأخذ و الرد و لكن حين يتخذ القرار يتبعه التنفيذ .

-----

جزء من كتاب

" وديع حداد – كارلوس – جورج حبش – أنيس النقاش

أسرار الصندوق الأسود "

حوارات

غسان شربل

دار رياض الريس للكتب و النشر

المقطع منقول من الفصل الثالث بعنوان

" عملية مطار اللد .. العلاقة مع المنظمات الأممية "

جزء من الحوارات الخاصة بوديع حداد . 

Saturday, December 06, 2008

فرائض واجبة

متى تمارس السلطة سلوكاً عنيفاً يصل الى حد الغضب المستعر و ممارسة الانتقام و التصفية الدموية الفعلية للعامة حين يتطاولون و يتجرأون عليها ؟

أتصور ان يحدث هذا التحول السلطوى من اللامبالاة للغضب و التهديد و العنف القمعى حين تنتبه السلطة لأمكانات الخطر المضمرة فى هذه المساحات للخطاب الذى يتداوله العامة من وراء ظهرها , ينال فعلياً من سطوتها و هيبتها !! تلك الهيبة التى أسست على القوة و القمع و الأستبداد و الخوف و لم تبن على تعاقد أجتماعى و رضى و قبول و تبادل للحقوق و الواجبات بين الراعى و الرعية !! إن السلطة تعى بغتة الأمكانات الخطرة لتنامى هذا الخطاب و تطوره و تراكمه و انتشاره و الذى قد يغدو تربة خصبة ممهدة لحدوث التمرد الفعلى أو الثورة الحقيقية , حيث يعد أنذاراً مبكراً ملوحاً بأمكانات اختلال العلاقة بين السلطة و الرعية بل و أختلال النظام و الأمن و أختراق العدى للحمى , كما ذكرنا آنفاً !! و تزداد وطأة المسألة و خطورتها حين لا يكتفى هؤلاء الرعاع بالأقاويل و الشائعات بيد أنهم يحاصرون السلطة و يراقبونها و يخترقون عوالمها السرية منتكهين قدسيتها المزعومة .

يروى التوحيدى فى الأمتاع كما يلى :

" قال الوزير فى بعض الليالى : قد و الله ضاق صدرى بالغيظ لما يبلغنى عن العامة من خوضها فى حديثنا و ذكرها أمورنا , و تتبعها لأسرارنا , و تنقيرها عن مكنون أحوالنا , و مكتوم شأننا و ما أدرى ما أصنع بها , و أنى لأهم فى الوقت بعد الوقت بقطع السنة و أيد و أرجل و تنكيل شديد , لعل ذلك يطرح الهيبة و يحسم المادة و يقطع هذه العادة لحاهم الله , مالهم لا يقبلون على شئونهم المهمة , و معايشهم النافعة , و فرائضهم الواجبة ؟ و لم ينقبون عما ليس لهم و يرجفون بما لا يجدى عليهم , و لو حققوا ما يقولون ما كان لهم فيه عائدة و لا فائدة "

أختراق العامة

إن السلطة التى تمتلك مفاتيح السيطرة فيما يبدو للوهلة الأولى , و التى يندس عسسها و رقباؤها فى كل مكان تكتشف على حين غرة , و من خلال هذه الممارسات الفضولية للعامة عجزها عن إحكام السيطرة الكاملة على هؤلاء . و لعلها تواجه عدم قدرتها على أختراق عوالمهم السرية , بالقدر نفسه و الدرجة نفسها التى بها يخترقون أسرارها و يستبيحون خصوصياتها , و يخوضون فى سيرتها خوضاً ينال من هيبتها و قداستها . و هكذا تدرك السلطة بغتة مدى الحصار الذى يمارسه عليها هؤلاء الرعاع , السيل الغثاء , و كيف يضيقون الخناق عليها بما يؤدى لقلب التراتب القمعى لحسابهم . فرغم كل أشكال الزجر و إمكانات الوعيد فأن هؤلاء العامة الهمج لم يكفوا أبداً عن ممارستهم المزعجة و المتحدية و المخترقة لسياجات السلطة و حدودها المقدسة . و لعل المبالغة فى التهديد السلطة بقطع الألسنة و الأيدى و الأرجل و التنكيل الشديد بهؤلاء الرعاع لا تكشف فحسب عن الوجه الأستبدادى القمعى للسلطة الظالمة بقدر ما تكشف عن كم التهديد الذى قد يشكله البسطاء بفضولهم و شائعاتهم , و من ثم عن كم الخوف و القلق و العجز السلطوى إزاء الممارسات . بل يمكننا القول أن العنف السلطوى إزاء هؤلاء هو أقصى ما تقدر عليه أو تملكه , و هو ما يشى بعجزها عن السيطرة الفعلية , السيطرة على وعى هذه الجماعات و امتلاك ولاء الروح و و التغلغل فى عمق الداخل حيث يحاصر النظام الفرد و الجماعة من الداخل , و ليس من الخارج , و هذه هى السطوة الحقة !!

الطابع المقدس للسلطة

و من المفارقات اللافتة فى هذا السياق أنه بينما تمارس السلطة كل حقوقها , بل تتجاوزها جوراً و طغياناً و بغياً , و إذ تسعى لإلهاء الرعية , و تغييب وعيهم و نفى حضورهم و فاعلياتهم , فأنها لا تكف عن مطالبتهم بأداء فرائضهم الواجبة و المحتومة !! و لعل فى أستخدام كلمة فرائض واجبة ما يوحى بالطابع المقدس للسلطة أو ما تحاول إيهام الرعية به , و نشره بينهم و تشكيل صورتها و سطوتها من خلاله فى مرايا وعيهم و زرعه فى ضمائرهم و أرواحهم . و هو الأمر الذى يفسده العامة حين يخوضون فى أخبارها و يفتشون فى أسرارها و يتجرأون عليها فينتهكون مساحات القداسة و الخضوع و الطاعة المطلقة و الفريضة الواجبة !! و لعلنا لا نبالغ إذا قرأنا هذا الزهو السلطوى بدوره فى أطار العجز و الخوف أكثر من كونه إعلاناً عن الحضور و السطوة , بل انه ممارسة دفاعية عالية الصوت تكشف عن نقيضها العميق , حيث الأهتزاز السلطوى فى أزمنة العبث و العنف و التصفيات الدائمة .

 

---

د . هالة فؤاد

جزء من مقال " متى يغضب السلطان ؟ "

نشر بالعدد 601 بمجلة " العربى " ديسمبر 2008 

Monday, December 01, 2008

فرج


" ليس المهم أن يكون الأنسان ماركسياً أو مسلماً او بوذياً او مسيحياً و لكن المهم أن يكون ماركسياً شريفاً او مسلماً شريفاً أو مسيحياً حقاً "

 

سهام

--

من رواية فرج

للكاتبة رضوى عاشور

أصدارات دار الشروق