كان الأطفال يغنون للقمر المكسوف و كنت أود أن أغنى معهم , و لكنى كنت أجلس لأرتل القرآن امام أبى . و من عجيب الصدفة أن ذكر القمر قد ورد فى الآيات التى كنت أقرأها تلك الليلة .
و فى الصباح كنت أجلس امام المنزل بعد عودتى مع ابى من صلاة الفجر انتظر شروق الشمس . فلما رأيت قرصها الأحمر المستدير خلف النخيل أشرت بأصبعى اليها و قلت " هذا ربى هذا أكبر ! " كنت أعرف القصة من أولها الى أخرها فبدأت بالشمس مباشرة من باب الأختصار , لأننى قد عرفت انه لا قائدة من مناجاة النجوم و القمر كما علمت من سورة الأنعام .
و كان أبى على مقربة منى و سمع ما قلت فجاء الى و سألنى مبتسماً ماذا أفعل ؟ فقلت له :
" انا بدور على ربنا . "
" ربنا مش ضايع يا أبنى علشان تدور عليه " قال و أبسامته غير المألوفة لاتزال على شفتيه .
" طب و هو كان ضايع لما سيدنا أبراهيم كان بيدور عليه ؟ " سألته بمكر
" لأ .. إن الله موجود قبل الموجودات . هو الأول و الآخر و هو الظاهر و الباطن " قال أبى بصبر و أستمر فى خطبته المصغرة " و بعدين سيدنا أبراهيم وجد ربنا بفطرة الأنبياء و حكمة الحكماء " .
" بس سيدنا أبراهيم رفض دين قومه . ممكن أنا ارفض دين قومى ؟ " سألته بتحد لم يعهده منى .
" سيدنا أبراهيم رفض دين قومه لأنه كان دين الضلال . اما دينّا فهو دين الحق " رد أبى ببلاغته التى لم تجدينى .
" بس قوم أبراهيم كانوا برضه مفكرين إن دينهم هو دين الحق . و سيدنا أبراهيم كسر أصنامهم . مش ممكن ديننا النهارده بقى دين الضلال و ان احنا محتاجين دين جديد ؟ " سألت أبى و انا أشعر انى تخطيت حدودى .
فجأة تحول ابتسامة المعرفة المرتسمة على وجه أبى إلى أبتسامة حرج ثم الى تجهم صامت ثم قال بعدها :
" و أنت بقى عايز تدوّر على ربنا ليه ؟ "
"عايز أعرف هو مين و عايز مننا إيه "
" أسمع يا أبنى مفيش حاجة أسمها تدور على ربنا . الموضوع مش سبهللة ! البحث عن الإدراك إدراك و البحث فى ذات الله إشراك . يدرك الأشياء و لا تدركه الأشياء "
" ربنا كان فين قبل ما يخلقنا . و كان بيعمل إيه ؟ و خلقنا ليه ؟ " سألته من جديد .
" كان عرشه على الماء و كان كنزاً مخفياً و كان يريد أن يعُرف فخلق الخلق ليعرفوه و يعبدوه " جاءت إجابة أبى المحترفة دون أدنى تأخير .
" يعنى ربنا كان وحيد علشان كده خلقنا ؟ " أنفلت منى السؤال دون ان أفكر فى تبعاته .
" اخرس يا سافل يا أبن الكلب ! " قال أبى متضجراً و عيناه محمرتين من الغضب " أنا مش عارف مين الى بيحشى دماغك بالكلام الفارغ دا . الظاهر إن قعادك مع المجاذيب الدراويش بوظ نافوخك .. ما تصدقش المخابيل دول الى عايشين عالة على حساب خلق الله .. ربنا مخلقناش علشان نرقص و نذكر . ربنا خلقنا علشان نعمر الأرض و نسبح بحمده . إنسى الكلام الفارغ ده نهائى , و لو سمعتك بقول العك ده تانى حاقطم رقبتك "
ذهب أبى غاضباً و ترك عشرات الأسئلة تتراقص فى رأسى . ما الفرق بين أبى و أب أبراهيم ؟ " أنى أراك و قومك فى ضلال مبين " ! يا إلهى ! إلى من أذهب ؟ من أسأل أذا أردت السؤال عنك ؟ أنت لا تجيبنى كما وعدت فى قرآنك . و أبى – ظلك على الأرض – يغضب إذا أطلت الحديث عنك ! لم يفهم أبى أسئلتى و لكنى حاولت ان افهم غضبه . ربما أحس أبى ان أبنه الذى كان يريد ان يورثه القرآن غير جدير بهذه المهمة . ربما فهم للمرة الأولى ان حفظ القرآن يحتاج لأكثر من ذاكرة فولاذية . ربما أحس أن كل مجهوده طوال السنين السابقة ضاعت هباءً منثوراً ..
-------
الرواية : " وداعاً أيتها السماء "
حامد عبد الصمد
دار ميريت
====================
" أريد كاتباً إخوانجياً مشهوراً , و أخر ماركسياً عتويلاً و كاتباً شيوعياً من التائبين و اخر ناصرياً متهوراً , و صحفياً ناصرياً عقلانياً .. أريد باقة تساعدنى فى الخلطة التى أتمنى ان اقدمها , و على مرجان قد يساعدنى فى ذلك .. و فى الوقت نفسه أبحث عن من يدير عملية أشباك قوية و مخططة بدقة مع الصحف التى تهاجمنى .. على مرجان هذا قد يفيدنى فى ذلك .
--
مقال على مرجان بعنوان " الله لا يحب الفساد " يتحدث فيه عمن تاجروا بالوطن و باعوه .. عن اللذين اخذوا مئات الافدنة بملاليم و باعوها بملايين .. يطعم كتاباته بآيات قرآنية و احاديث شريفة و كلام شيوعيين .. لم احذف كلمة واحدة من مقاله . فالمقال رسالة فحواها أن فاروق عوض ليس الفاسد الوحيد .. هناك المئات لم يمسهم احد بسوء و لم تهاجمهم الجرائد و لم ينهش لحمهم الصحفيون الذين ظهروا فجأة على الجرائد و فى التلفزيونات . اكثر من مسئول سابق و حالى أشادوا بمقال على مرجان هذا .. فى الزمان الأول , عندما كان يشدي احد بمقال أو تحقيق كتبه احد المحدريين , أنقله على الفور الى الأرشيف او قسم الأستماع و لا أسمح له مرة أخرى بكتابة حرف واحد .. الأمر يختلف الأن .. انا فى حاجة الى أكثر من على مرجان واحد و اذا أستطعت استدراجه و إقناعه بكتابة اكثر من مقال فى الأسبوع للجريدة سيصبح إضافة لها .. طلبت السكرتارية ليطلبوا لى رقم تليفون على مرجان .
-------
الرواية : " الواطى "
محمد غزلان
دار أكتب
===============
التابوت
--
إختارها تابوتاً له
و أحبها
بكل ما تبقى فيه من قلب
و فى الليلة الأولى أهداها
خاتماً و وردة و أهدى جسدها بريق سكينه
فصار حضنه
تابوتها
و صارت هى
جثته المفضلة
-------
شعر : " أقراص المسكن "
هانى سامى
دار ملامح