-1-
في الأساطير اليونانية ، بندورا هى أول امرأة على وجه الأرض .
امر زيوس الأله هيفستيوس اله النار و الحِرف بخلق بندورا وذلك باستخدام المياه والأرض. ثم توجه الى بقية الألهة و أمرها بأن تمنحها بعض من مواهبها ؛ أفروديت أعطتها الجمال ، أبولو أعطاها صوت موسيقى , هيرميس الإقناع ، وهلم جرا. ومن هنا جاء اسمها : بان-دورا .. "التى منحت – كل شىء ".
عندما سرق بروميثيوس النار من الألهة و اعطاها للانسان على الأرض , قرر زيوس الانتقام فأرسل اليه اول أمرأة – بندورا . رفضها بروميثيوس . فأرسلها زيوس الى شقيقه " ابيميثويس " , و ارسل معها صندوق و أمرها الا تفتحه مهما كانت الظروف . و لكن تحت ضغط الفضول فتحت بندورا الصندوق .
و نتيجة فتح الصندوق خرجت كل الشرور منه و توزعت على كافة انحاء الأرض . حاولت بندورا غلق الصندوق سريعاً و لكن كل محتوياته قد فرت منه و لم يبقى الا " الأمل " الذى ظل قابع فى أسفل الصندوق و أُغلق عليه الغطاء .
-2-
مجموعة من الرسائل يكتبها صاحبها و يتسائل فيها عن جدوى العقل بعد ان دمرته كل الشرور . مجموعة من الرسائل تكتب مسلسلة على حلقات لأن " مرارة " كاتب الرسائل اتفقعت و " معدش قادر خلاص " !! .
-3-
الرسالة الأولى
عن العقل الذى كان
بعض الأحداث تدفع العقل للجنون و تجعله يتوقف , لا ليتأمل الواقع و لكن ليسب و يلعن . انتشر فى الاونة الاخيرة نظرية القراءة " فى معاداة الصهيونية " !! . و هى ان تقرأ كافة كتاب و مقال معادى " لدولة إسرائيل " حتى ان أحدى الكاتبات التى ظهرن فى أحدى البرامج الحوارية أعلنت بكل فخر انها قرأت ما يتعدى ال150 كتاب كلهم عن معاداة الصهيونية و مناهضة لدولة " إسرائيل " , منهم 25 كتاب لنفس الكاتب !!! و 40 كتاب صادرة عن نفس دار النشر !!!. و لما سئلها المذيع : هل قرأتى أى شىء يدافع عن " قيام دولة اسرائيل او كتاب لكاتب ضهيونى او حتى مختارات إسرائيلية ( التى تصدر من مركز الأهرام للدراسات السياسية و الأستراتيجية ) " من باب الفضول او من أجل معرفة كيف يفكر الأخر ؟ .. اجابته بكل ثقة : لا داعى للقراءة فكل شىء معروف !!! .
-4-
كل شىء معروف
انتهت الرسالة الأولى و يتبقى السؤال :
اذا كنا نقبل فى الخلاف السياسى الحاد بين العروبة و الصهيونية ان لا نقرأ للأخر لنعرف ما يقوله من باب الفضول او حتى من باب العلم بالشىء , فلماذا نتعجب ممن يتلقون معرفتهم عن الأسلام من " زكريا بطرس " , او ممن مازال مقتنع بأن المسيحية هى شر مستطير و ان الأديرة هى مخازن سلاح دون أن يكلف نفسه حتى ان يذهب لزيارة دير ؟
لماذا نتعجب ممن لا يعرف شىء عن الأخر ثم يعلن بكل بجاحة: " لا داعى للمعرفة .. فكل شىء معروف " !!!!!!!!
-5-
العقل الأحادى
نحن نفعل نفس الشىء بكل بساطة , نقرأ فى اتجاه واحد , نستمتع بما نعرفه و نستزيد منه , نخاف من المجهول , نخاف من ان نعرف ما لا نعرفه فتصيبنا صدمة . نقرأ عن الليبرالية من كتابات أعدائها , نقرأ عن الديموقراطية من محبى الأشتراكية , نقرأ عن الغرب من الشرق المهزوم . نخشى على أنفسنا من الجهل , نخشى على انفسنا من اكتشافنا ان الأخر انسان قد يكون محترم و قد يكون أفضل من الصورة التى صنعناها له , فنستأثر و نستأنس الهجوم عليه حتى يستريح عقل لا يفكر و تهدأ نفس تعيش فى الجبن و الخوف .
--
يبدو ان " الأمل " الذى حبسته بندورا محاولة منها لحبس الشرور , لن يخرج ابداً من الصندوق ..