Saturday, February 10, 2007

لماذا مات اسامة الدناصورى ؟

بغض النظر عن المصائر و الاقدار
و القسمة و النصيب
و المقدر و المكتوب
و الاجل و اى مقدسات و ثوابت دينية
نؤمن بها جميعا كجزء من تكويننا
بغض النظر عن ان الشبهات تدور حول اثنين من القتلة
و خاصة
حمدى ابو جليل و محمد هاشم
الا ان السؤال يظل مطروحا
لماذا مات اسامة الديناصورى ؟

الى البداية ...
اشترى جرائد الاسبوع مرة واحدة
يوم الاربعاء ...يحتفظ بها من اجلى عم عطية
بيشيلها على جنب لغاية ما اخدها
المهم
عند عودتى ...يأخذهما ابى منى فى هدوء الغاضب
ليقرأهم قبلى ... و كلما انتهى من احداهم ...يقتحم غرفتى
و يقذفها فى وجهى قائلا
ايه الهبل الى بتقراه ده ....
ثم يعود الى غرفته ... يعاود قراءة ما تبقى منهم
الى ان دخل على باخبار الادب ضاحكا
انت عرفت ان فى واحد اسمه اسامة الديناصورى مات
ايوه ... عارف
و عندك حاجة له ...قريتله حاجة
لأ ... مقريتش حاجة قبل كده
ضحك ابى بصوت عالى كعادته و رد بحسم ساخر
و طبعا علشان مات و انت مغفل و تافه ... حتنزل
و تجيب كل اصداراته و كتبه و دواوينه ...صح
مش كده ...انا عارف ... انا عارف
لو الناشر عرف...ان فى واحد تافه زيك بيعمل الحاجات دى
كان قتله من زمان

صحيح ... ان ابى ليس من المشتبه فيهم فى قضية وفاة اسامة
و لكن بعد تلك الكلمات ...قد يكون هو المشتبه به رقم واحد

نعود الى رواية
كلبى الهرم ... كلبى الحبيب
التى اشتريتها من دار ميريت
محمد هاشم ... المشتبه به رقم 2

لقد القمتنى حجرا
ص174

بدأت فى قراءتها و لم ابرح مكانى
الا بعد ان انهيتها ...
هى ليست رواية كما كتب على غلافها الخارجى
بل من الممكن تسميتها ... نصوص
متتاليات ... يوميات
تتكلم الرواية او بالاحرى
تلعنك و تقذف فى وجهك حمما من سخرية سوداء
انسان يعانى ... لن اتكلم عن امراضه فيكفى ان تعرف
انه بدا منذ السابعة يعانى من انسداد فى مجارى البول و مثانة عصبية
قذف داخلى ... تبول لا ارادى ...نهاية بضعف سمع و فشل كلوى
و انسداد فى شرايين الرقبة و بعض من شرايين اليد اليسرى
و مات و هو على وشك الدخول فى معاناة مع سرطان المثانة
و لكنه متشبث بالحياة ليس لأخر قطرة فى دمه
بل حتى اخر قطرة فى دم تلك الحياة و روح هذا الكون

لقد خدعتنى يا صديقى
ص 68

اسف للوصف
و لكنه يحكى لك معاناته ...يغلفها بأسلوب ساخر
و كلمات رشيقة ... متتالية ...سهلة ... اسلوب بسيط
جذاب ... لا تملك معه الا ان تنحنى لقريحة كاتب متميز
و شاعر عظيم
لن تستطيع ان تترك الكتاب دون ان تنهيه لسببين
الاول هو جمال الاسلوب و بساطته ...الذى يستحوذ عليك
تماما ...فلا تفوق منه الا و انت انهيت الكتاب
و الثانى هو
انك لو تركت الكتاب لن تعود اليه
فهو ملىء ...مشحون
بمأساة شخص ... بتجربة ...حية ..كتبها قبيل وفاته
تجرحك و تدميك
تشعر معها ...بكم انت حقير ..لأنك تملك صحة و حياة منطلقة
مواعيده ...مربوطة دائما ...بعمليات الغسيل
لا يقدر ان ينام فى مواصلات او عند اصدقاء او غرباء
لانه مربوط دائما بطقوس نومه و صحوه
طقوس ... رهيبة ...اسطورية ... اذا صح التعبير

امى تحبنى
امه كانت تعرف
امه كانت تعرف انه سيموت قبلها
امه كانت تعرف جيدا
كل ما كان يتعبها ليس قلة صلاته او تدخينه
كل ما كان يتعبها ...أرق الانتظار ... حرقة قلب الام
على انتظار موت ابنها الحبيب
هذا ما قراته فى الفصل الذى يحمل عنوان
امى تحبنى

حائط المبكى
لا اعلم اذا كان ما كتبه عن سهير زوجته
حقيقى ام مختلط بخيال الكاتب
و لكنه لو ربع ما كتبه اسامة عن زوجته وقع فى زماننا
فلا يمكننى و لا يسعنى الا ان انحنى امام زوجة
تدخل فى عداد ... الارباب
لا اعلم ...و لكن كلما تخيلتها
او اشعر بانى سأقابلها حتى لو صدفة
تدمع عيناى ... لا يمكن ان يكون هناك
خارج باب شقتى كائنات تمشى على قدمين
كسهير ...حائط مبكاه

جنة الفشل الكلوى
يحكى اسامة عن علاقته باجهزة الغسيل و العملية
و الممرضات و الاطباء و غرف المستشفيات ...بحميمية
تقترب ... الى الوله
حياته
التى صنعتها ابر القسطرة و اجهزة الغسيل
هى كل ما يملك لكى يقدمه لقارىء يظن ان
الرواية بهدف التسلية
لا يبحث اسامة عن شفقة او تعاطف
فهو يرثى لحالك انت ...انت ايها القارىء
يسخر منك ... بسخريته المريرة من تهالكه و ضعفه
يسبح فى كون مصنوع من كلمات ... هل تعرف انه كان
يحمل اوراق ما يكتبه ليقراءها لأصدقائه ...
فرحة طفل ... بملابس العيد
يكتب فصل عن عذابه الجسدى ... النفسى
برشاقة قلم ... ثم يحمله ليقرأه ... فيسمع
اهات ...اعجاب و الم
و لكنه فخور

لماذا مات اسامة الدناصورى ؟
المشتبه به الاول : حمدى ابو جليل
فاجأنى حمدى قائلا :
بص يا اسامة ... بعد الكتاب ده , تقدر تعمل الى انت عايزه بقى .
... تقصد يعنى , انى اقدر اموت دلوقتى و انا مرتاح ؟
عاوز تموت ... موت ... انت حر
( وجعتنى الملاحظة , بقدر ما ملأتنى بالزهو )
بس انا بقى قاعدلك يا حمدى يا ابو جليل و الغى بقى فكرة موتى من حسبانك خالص
ص 183-184



المشتبه به الثانى : محمد هاشم
يحدث مثلا ان نكون جالسين فى الدار ( ميريت ) مع بقية الاصدقاء , و اسأله اى سؤال , مثلا :
انت حتسهر فين الليلة
فى الجوريون
اكون قد سمعتها صحيحة :( فى الجوريون ) و اكتفيت . و لكنه لا بكتفى , بل يأتى ليميل على رأسى , و اضعا فمه فى اذنى و يصرخ : الجوريون . ثم يمضى و هو يدارى ضحكته .
ص132


لماذا مات اسامة الدناصورى ؟
مات ...لأنه كالبطل الاغريقى
انهى ملحمته الخاصة و تحول الى نصف اله
تنبأ ... فصدقت نبؤته
تلقى وحيه ... و بشر برسالته
فوجد صداها عند المبشرين
انتهى دوره الكونى ... فقررت الالهة
انه ان الاوان لكى يستريح
لكى يجلس فى حجر المسكونة كشاهد
على افعال البشر ... موفورى الصحة

قد يكون كل ذلك من الاسباب
لكن
لا احد يعلم حتى الان
لماذا مات اسامة الدناصورى ؟

4 comments:

تــسنيـم said...

إييه يا ابني ده.. إنت كائن خرافي وصفك وحروفك فوق الوصف .. أنا أول مرة أقرألك واعذر حماقتي ولكن مجيئي متأخرة خيرا لي من أن أمضي في طريقي دون أن أصطدم بكلماتك.

أنا قريت عن الدناصوري في مدونة كراكيب نهى وشيماء صراحة خنقة.. لكن عرفت الدناصوري هنا عندك.

أعتذر عما مضى من عمري التدويني دون ان أقرأ لك.

تحياتي وكامل احترامي

halwasa-masrya said...

عباس .. انا عملت بنصحيتك واشتريت الكتاب بس لسه مقريتوش عشان كان عندى شغل ... هقراه النهردة .. اسامة الدناصورى ده كان جميل اوى .. ربنا يرحمه ... اكيد كل اوجاعه فى الدنيا هتخف عنه سيئات كتير ..

ربنا يكرمك .. يمكن السطور اللى انت كاتبها عن المشتبهيم حلوين جايز يخلوا ناس بتدوس على ناس تفوق
جايز الناس تبطل تيجى على نقط الوجع فى اللى قداهم وتدوس عليها
جايز الناس تحب بعض.. جايز

عباس العبد said...

متشكر جدا يا تسنيم على ذوقك
فى الكلام
و بتمنى تعجبك بقية التدوينات
و انصحك فعلا بقراءة
كتاب اسامة الدناصورى

بالنسبة لهلوسة
انا متأكد انه حيعجبك جدا

شكرا لزيارتكم

هشام الصباحي said...

سيظل قاتلان جميلان على قيد الحياة
حمدى ابو جليل
محمد هاشم




وسيظل ابداع اسامة الناصورى صامدا ضد الموت



هشام الصباحى