Wednesday, October 24, 2012

التتار الجديد


مكتبة بغداد

أسسها الخليفة العباسي هارون الرشيد . والذي حكم من سنة 170هـ إلى سنة 193 هـ، ثم ازدهرت المكتبة جداً في عهد المأمون  من سنة 198 هجرية إلى سنة 218 هجرية.. وما زال الخلفاء العباسيون  بعدهم يضيفون إلى المكتبة الكتب والنفائس حتى صارت داراً للعلم لا يُتخيل كمّ العلم بداخلها!!.. جمعت فيها كل العلوم والآداب والفنون.. من علوم شرعية كتفسير القرآن والحديث والفقه والعقيدة والأخلاق، ومن علوم حياتية كالطب والفلك والهندسة والكيمياء والفيزياء والجغرافيا وعلوم الأرض، ومن علوم إنسانية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع والأدب والتاريخ والفلسفة وغير ذلك.. هذا كله بالإضافة إلى ملايين الأبيات من الشعر، وعشرات الآلاف من القصص والنثر.. فإن أضفت إلى كل ما سبق الترجمات المختلفة لكل العلوم، الأجنبية سواء اليونانية أو الفارسية أو الهندية أو غير ذلك علمت أنك تتحدث عن معجزة حقيقية من معجزات ذلك الزمان.
كانت مكتبة بغداد تشتمل على عدد ضخم من الحجرات، وقد خصصت كل مجموعة من الحجرات لكل مادة من مواد العلم، فهناك حجرات معينة لكتب الفقه، وحجرات أخرى لكتب الطب، وهناك حجرات ثالثة لكتب الكيمياء ورابعة للبحوث السياسية وهكذا.. وكان في المكتبة المئات من الموظفين الذين يقومون على رعايتها، ويواظبون على استمرار تجديدها.. وكان هناك "النساخون" الذين ينسخون من كل كتاب أكثر من نسخة، وكان هناك "المناولون" الذين يناولون الناس الكتب من أماكنها المرتفعة، وكان هناك "المترجمون" الذين يترجمون الكتب الأجنبية، وكان هناك "الباحثون" الذين يبحثون لك عن نقطة معينة من نقاط العلم في هذه المكتبة الهائلة!.. وكانت هناك غرف خاصة للمطالعة، وغرف خاصة للمدارسة وحلقات النقاش والندوات العلمية، وغرف خاصة للترفيه والأكل والشرب، بل وكانت هناك غرف للإقامة لطلاب العلم الذين جاءوا من مسافات بعيدة!..
نحن إذن نتحدث عن جامعة هائلة.. وليست مجرد مكتبة من المكتبات.. ملايين الكتب في مكتبة واحدة في زمان ليس فيه طباعة!!..
لقد حمل التتار الكتب الثمينة.. ملايين الكتب الثمينة... وفي بساطة شديدة -لا تخلو من حماقة وغباء- ألقوا بها جميعاً في نهر دجلة!!!!.. لقد كان الظن أن يحمل التتار هذه الكتب القيمة إلى "قراقورم" عاصمة المغول ليستفيدوا- وهم لا يزالون في مرحلة الطفولة الحضارية - من هذا العلم النفيس.. لكن التتار أمة همجية.. لا تقرأ ولا تريد أن تتعلم.. يعيشون للشهوات والملذات فقط.. ألقى التتار بمجهود القرون الماضية في نهر دجلة.. حتى تحول لون مياه نهر دجلة إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب.. وحتى قيل أن الفارس التتري كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة أخرى!!..

No comments: