Saturday, May 30, 2009

مكان


انا فى المكان حيث تركنى الرب و رحل .. و لم يعد بعد ليأخذنى

انا فى المكان حيث عطشى يرويه الظمأ .. و أشتهائى يشبعه الجوع

انا فى المكان حيث الظلام نور لى .. و البكاء هو ضحكاتى

انا لم أذهب هناك و هو لم يأتى .. تقابلنا لأن قصتى تشبه قصته .

-1-

ننتظر فى نفس المكان و نقرأ نفس الجرائد .. نتبادلها .. يجلس بجوارى منتظراً دورى حتى يأخد دوره . يعانى من مشكلة اعانيها و لما علم اننى لم اتخلص منها و اتيت للعلاج .. ارتاح و تنفس بهدوء معلناً سعادته بأنه ليس الوحيد . اضحك فتنهمر دموعى , اضمه الى صدرى معلناً تضامنى معه .

-2-

منتظرين فى العيادة , اتكأ على الأريكة و اخبرنى بأن عمله غير مرهق لا يؤرقه لكنه أصبح ممل و الملل يخنقه . كما يقول " انا سعيد جداً بعملى و فخور به , ابتكر انا طريقة جديدة كل شهر , اراقب و اتابع و ابتكر و اقوم بالتنفيذ . استغنيت عن مساعدىّ و أقوم  بالعمل بمفردى لمزيد من الأثارة و لكن ... و لكن آه من الملل . "

انهى فنجان القهوة و طلب ويسكى بالصودا و طبق سجق شرقى مزة . نظر الى و أكمل كلامه " كل شهر نفس العمل , عملية واحدة . تصل الىّ الصور و البيانات على الميل . اقوم بطباعتها و ادرس الموقف و ابدأ فى المراقبة حتى أفهم كيف يمكننى سرقتهم . اسرقهم و ابعث بسرقتى مشفوعة بالصور . اخر الشهر أذهب الى البنك فأجد ان رصيدى قد زاد " . صدقت على كلامه بأن طريقة العمل لا تتغير . أكمل " الشهر الماضى كانت الخطة بسيطة . فالولد الذى يجب على سرقته كان بطل سباحة , ابواه كانا حاضران نهائى بطولة السباحة . و كالعادة الولد - كان عنده 8 سنين على ما أتذكر – بعد المباراة , دخل غرفة الملابس للتغيير و لم يخرج . انتظراه والداه بالخارج و لما تأخر دخلا اليه , هههههههههههه , فوجدوه و قد تكسرت يداه و رجلاه . هههههههه .. فكرة بنت لذين . انتهت قصة بطولته و تحطمت امال والديه الى الأبد .. موجود هو الأن فى المستشفى يجلس و يتحرك على كرسى بعجل , ههههههه " ..

ضحكت كثيراً و قد أعجبتنى الفكرة .. بسيطة و سهلة و تستحق مكافأة فوق المرتب الشهرى . اخبرنى انه حصل بالفعل على مكافأة . أكمل حديثه بعد أن طلب كوب من الحلبة الحصى حتى يتطهر من أثار الخمر " اما اكبر مكافأة حصلت عليها فكانت من سنة تقريباً , طفلة صغيرة عمرها 3 سنوات ملائكية الوجه " . طلبت توضيح منه ( يبدو انه محترف و قد استفيد من خبراته ) . اخبرنى " والد الطفلة و والدتها قد ظلا محرومين من الخلفة لمدة 7 سنوات و قد ذهبا الى كثير من الأطباء الا ان الله لم يشأ لهما الى ان جاءت تلك الطفلة بعد 7 سنوات من الأنتظار . طفلة صغيرة جميلة ملائكية تحب النظر الى وجهها , سبحان من صور فعلاً , اية من أيات الله . اوكل الىّ ان اسرقها . اخذت الأوامر و بدأت فى المراقبة و لما خرجا من عند الطبيب بعد ان اخبرهما انهما لن يستطيعا الخلفة مرة أخرى , نفذت خطة بسيطة و سهلة . ماء ملكى , حمض كبريتيك مركز , هههههههههه , ستظل تلك الطفلة مشوهه الى الأبد , كل مرة سينظرا فى وجه تلك الطفلة سيبكيان الى الأبد . هههههههه "

تأملته و هو يضحك و لم اتمالك نفسى . وقفت و انحنيت امام عبقريته , ظللت اصفق له حتى اوقفنى هو . و أجلسنى و طلب منى أن نذهب لنصلى العصر و نعود . تركته يذهب و اخرجت كتابى المقدس و بدأت فى قراءة سفر التكوين .

-3-

عاد و قد اشرق وجهه من الصلاة . اخبرته ان طريقتى فى العمل مختلفة عنه فأنا لا اترك الهدف حياً مثله . انا اتخلص منه مباشرة . أخبرته بتلك الأم التى أرضعت ابنها لبن مسموم و مات فى أحضانها و قد جنت تماماً و تعالج الأن . ضحك و أخبرنى بأنه فعلها بعد ذلك عندما قرأ الخبر فى الجرائد . أثنى علىّ و على فكرتى الأ انه اخبرنى بواحدة اطلق عليها تحفته الخالدة " التطعيم .. هههههههههه .. التطعيم يا أستاذ .. طفل جاء ليأخذ الجرعات المنشطة فتم حقنه بسرنجه ملوثة كانت لمدمن هيروين .. ثلاثة أيام متواصلة بثلاثة تطعيمات و انتهت قصته الى الأبد .. ههههههههههههه " . لم أتمالك نفسى من الضحك حتى أدمعت عينى . ظللنا نضحك حتى اوقفنى جرس الموبايل . كان أبونا يذكرنى بدرس الأحد عن سر الخلاص فأجبته بأنى قمت بتحضيره و لم انسى الموعد . نظر الى صديقى الجديد و سئلنى " عملية جديدة " ..اجبته : نعم , ابن الكاهن !! .

-4-

ظللنا نتبادل أطراف الحديث و الذكريات و انه بدأ العمل بأطلاق النار على الضحية و قتله بين يدى والديه الا انه مع الملل الذى أصابه قد طور طريقة العمل و بدأ فى ترك الضحية كعلامة أبدية للألم , ان يراه والداه دائماً امام اعينهم و قد اصبح بلا وجود . فتارة يحقن الطفل بفيروس نقص المناعة المكتسبة و يترك لأهله ورقة يخبرهم حتى لا يصاب أخرين بالمرض فمهما كان هو لا يحب الأذى , هو فقط يؤدى عمله . و تارة أخرى يقطع لسان تلك الطفلة التى تغنى فى الأوبرا و يرسله الى امها . و ثالثة يقطع يدين الولد الموهوب فى العزف على البيانو و يرسل اصابعه لأبيه . أما المرة التى اوجعت ضميره هى عندما قتل طفلة فى الصعيد و ادى ذلك الى اشعال فتنة دينية فهو يرى كرجل يؤدى فروض ربه أن الدين لله و الوطن للجميع . اكدت على كلامه بأن المؤمنين اخوة و انه لا فرق بين مسيحى و مسلم و اخبرته انى اراعى تلك النقطة جيداً " لأنه – كما تعلم يا صديقى – قد تثار بعض الحساسيات بسبب تلك الأحداث و الوطن و سلامته أهم شىء !! "

داهمنا الوقت و قد حان وقت صلاة المغرب , فطلبت منه ان نذهب الى الصلاة . تركنى فذهبت توضئت لأصلى المغرب و اخرج هو الكتاب المقدس و بدأ فى قراءة إنجيل لوقا .

-5-

عدت فرشم الصليب و اغلق الكتاب المقدس . طلبنا نعناع مغلى و ينسون . تنهدت ببطء و زفر هو زفرة حارة . أكملنا حديثنا حتى حان دورى . فوجئنا بأننا سندخل سوياً  . دلفنا الى غرفة الطبيب الذى استقبلنا ببشاشة و أشار الينا بالجلوس . و طلب منى الكلام فحكيت له اننى اعانى من الملل كما يعانيه صديقى . صدق صديقى على كلامى و اخبره انه على الرغم من الأبتكارات  التى ادخلها الا انه يعانى ايضاً من الملل . ضحك الطبيب و اخبرنا انه يعلم ذلك من الميل الذى ارسلناه نشتكى من الملل و أنه مر بهذه التجربة و انه بفضلها اصبح لا يشعر بالممل نهائياً الأن . بكى الطبيب و اخبرنا انه يشعر بالخوف و الترقب و الأنتظار و انه يفعل كل شىء بجوع حقيقى و شهوة فعلية لأنه يريد ان يعيش " فاهمين انا عايز أعيش "  . و أخرج مسدسه يريد ان يقتلنا و هو يصرخ فى وجهنا : اذهبوا و لا تعودا الى هنا مرة أخرى . اخرجت مسدسى و اطلقت النار على الطبيب فى هدوء . سقط الطبيب ميتاً . فوجئت بأن صديقى قد اخرج سلاحه و اطلق النار ايضاً على الطبيب . نظر كل واحد منا الى الأخر و ضحكنا . كانت تلك كما يبدو عملية مشتركة من ضمن تلك المهام الجانبية التى توكل الينا بخلاف عملنا الرئيسى.

صافحت صديقى الجديد و اخبرته انه لابد من لقاء فى القريب . اكد على كلامى بأنه هو أيضاً يريد أن يرانى و لكنه مشغول بعملية جديدة الأن و يتوق الى تنفيذها . تصافحنا و اذ به يطعننى فى رقبتى من الخلف فأسقط على الأرض . لا استطيع ان احرك و لا عضلة واحدة .

-6-

مال صديقى الجديد على و هو يقول " انا عارف انك تسمعنى و ترانى جيداً و لكن لا يمكنك تحريك عضلاتك .. الخنجر مسموم و ستعود لطبيعتك بعد سنة على اقصى تقدير , فكما تعرف لا ينبغى ان اترك شاهد خلفى .. سامحنى .. ربنا يحميك و يحفظك .. انا حبيتك بجد لهذا لم اقتلك .. انت الوحيد الذى صفق لى .. لقد طلبت لك الأسعاف و ستنقل الى المستشفى و بعدها سأكون سافرت الى الخارج و لن ترانى مرة اخرى " .. استدار و هو يزيل القناع من على وجهه . لم المح وجهه الحقيقى . اطفأ النور و هو خارج من الغرفة قائلاً " لأنه حرام الأستهلاك على الفاضى لغاية ما تيجى الشرطة و الأسعاف .. لابد من الحفاظ على البيئة " .

كنت أريد ان اصرخ فى وجهه بانه حمار و انى انا الأستاذ و لكنى لم استطع تحريك عضلاتى . صرخت فى أعماقى " صدقت انى لن اراك مرة اخرى .. انت حمار حمار .. انا سأعيش حتى لو ظللت سنة هكذا .. الم تفهم بعد يا حمار ؟ .. انا لا أشعر بالملل .. انا كنت هنا لأتخلص منك انت و الطبيب .. كانت تلك أيضاً عملية جانبية .. انا نجحت و انت لا .. انت لا تعرف .. لقد قتلت زوجتك و طفلك قبل أن اتى الى هنا .. السنا سارقو اطفال ؟ و قد ازدت علي الطفل زوجتك لأحصل على مكافأة كبيرة .. اما أنت فستنفجر بك السيارة ما أن تركبها .. الم تقل انت : انه لا ينبغى ان نترك احد خلفنا ؟ .. انا ساحيا .. اما انت فلا .. فأنا لا اترك الهدف حياً مثلما تفعل يا حمار .. انا اتخلص منه نهائياً "

وصل الى مسامعى صوت الأنفجار . و اهتز موبايلى مرتين متتاليتين .. مساعدى يخبرنى ان الهدف كان فى السيارة ( عرفه من ملابسه ).. حاولت ان اضحك الا اننى فشلت فنزلت دموعى .. اتنفس ببطء شديد .. لقد أنهيت مهمتى بأقل خسائر .. سأحصد مكافأة كبيرة ما أن اقف على رجلى .. هذا الى جانب صلوات الكاهن التى ستلد زوجته اليوم أبنه ,, الذى خططت لقتله بعد عام , يوم عيد ميلاد الأبن ,  السنة القادمة سأقتل الأبن . ما ان يعرف الكاهن بما حدث لى حتى ستنهال علىّ صلواته و سيظل بجوارى فى المستشفى  . او لست انا خادم الرب الأمين ؟ . الحمد لله , كل شىء يسير حسب الخطة .. اما الأن فأمامى سنة من الراحة و الرعاية و الأستجمام .

---

انا فى المكان حيث تركنى الرب و رحل .. و لم يعد بعد ليأخذنى

انا فى المكان حيث عطشى يرويه الظمأ .. و أشتهائى يشبعه الجوع

انا فى المكان حيث الظلام نور لى .. و البكاء هو ضحكاتى .

انا لم أذهب هناك و هو لم يأتى .. تقابلنا لأن قصتى تشبه قصته .

انا فى المكان حيث احيا حتى الأن اما هو فلا ... لا تنسونى فى صلواتكم .

 

15 comments:

^ H@fSS@^ said...

WHAT THE PUCK????

Desert cat said...

يحفظك الرب وتزداد مكافآتك
بس ارجوك انا عايزة اعيش
:))

karakib said...

i think i can get what you want to say !!

TAFATEFO said...

تقريباً فاهم نص الرسالة

TAFATEFO said...

@Hany beik
+1

^ H@fSS@^ said...

يا قداستك انا متلخبطة
و مخضوضة كمان
مش فاهمة
يعني هي دي اللي بيقولوا علهيا حكمة ربنا يا مؤمن؟؟

على باب الله said...

ملعوبة

: )

ربيع said...

افضى بقى و اعمل الكبيرة يا كبير

أبوفارس said...

رامز..ركز وسيبك من معارك النت ومقارعة طواحين الهوا..فهى إضاعه للوقت والجهد..بلا عائد..موهبتك واضحه..تفرغ للكتابه اﻷبداعيه..سٌتضيف ....جميله جدا..تحياتى وصادق مودتى..خالد

الكلمة نور said...

معلم كبير انت
كبير اوى

Unknown said...

عبقري!

عباس العبد said...

اعتذر عن التأخر فى الرد بسبب سفرى خارج حود المكان
===
حفصة
هى دى حكمة ربنا يا مؤمنة ؟
===
قطة الصحراء
متخافيش حيسيبك تعيشى ..
===
كراكيب
انا مش قصدى أى حاجة

عباس العبد said...

مصطفى
انا مقلتش حاجة و متحملهاش أى حاجة
اللى فهمته من اول قراءة له هو الصح
خد النص على انه نص عادى مش محمل ب" عظات " .. حتفهم قصدى علطول
===
على باب الله
متشكر يا فندم
===
ربيع
عينى يا ريس

عباس العبد said...

ابو فارس
شكراً على الأطراء الجميل ده .. بجد متشكر
بس على الله مايكونش سخرية و لا حاجة
===
الكلمة نور
الله يخليك و نورت المدونة
===
ملكة
متشكر يا فندم

أبوفارس said...

أبدا يارامز وبصدق..لديك موهبه واضحه..وقدره على السخريه الراقيه..تحتاج منك العنايه بها وصقلها..وببعض الجديه وكثير من المجهود فعلا يمكن أن تقدم شئ جيد فى الكتابه اﻷبداعيه..أعتقد القصه القصيره..أو الروايه القصيره "النوفيلا" ﻷن لديك القدره على ألتقاط اللحظه بشكل جيد...تحياتى وحمدالله بالسلامه من شرق العوينات..!!خالد