Saturday, November 06, 2010

الخروج الى الظلام - 1

مدخل 1

-1-

"إنها لحياة مزدوجة رهيبة حقًّا لا أظن أن هناك مخرجًا آخر منها سوى الجنون".. فرانز كافكا

اخبرنى الاول انه يعرف فرانز كافكا جيداً.. " كان صاحب بار بوسط البلد، والدى كلمنى عنه. لم اصدقه حتى ذهبت الى هناك.. تدخل البار وتطلب كوب من البيرة فيقدمها مع طبق مزة ملىء بالبسطرمة والجبن الرومى وزيتون كالاماتا معتبر يونانى .. وانت عارف البسطرمة اليونانى".. اما الثانى فسخر من كلماته واخبرنى ان فرانز هذا هو فرانز بيكنباور اللاعب الألمانى ألأسطورة.. لم يصمت الثالث الذى اضاف – بكلمات مقتضبة قاطعة – انه فرانز شوبرت وهو موسيقى نمساوى ولا يعرفه الا الناس التى تقدر الفن.. اما الأخير فأخبرنى انه فرانس "فريد شوقى" فى فيلم بطل للنهاية "وقام بدور لن يمحى من الذاكرة".. عندما عدت الى منزلى واعلمت زوجتى ان لا احد يعرف فرانز كافكا ملك الرواية الكابوسية، صاحب رواية التحول وقد تحول فيها البطل الى حشرة لعجزه عن مواجهة المجتمع، اجابت بأقتضاب انها تملك الحل واذا كنت أرغب بكل بساطة فى نصوص كابوسية فأليك واحدة من اهم النصوص الكابوسية فى تاريخ البلد.. ادارت التلفزيون على احدى المحطات المتخصصة فى اذاعة المسلسلات وطلبت منى مشاهدة مسلسل "الحقيقة والسراب" ويليه مسلسل "قمر " والأثنان من تأليف وبطولة "فيفى عبده"!!!..

-2-

العلامة الاولى لبداية الفهم هى الرغبة فى الموت.. فرانز كافكا

-3-

فصل من فصول كتاب " الخروج الى النهار: كتاب الموتى الفرعونى" الذى كتبه قدماء المصريون..

يطلق علي هذا الفصل "المحاكمة" ، أما عنوان الفصل الأصلي فهو: ما يقال عند دخول المرء إلى قاعة العدالة المطلقة وتبرئة نفسه من كل فعل مشين:

التحيات لك أيها الرب العظيم، رب العدل المطلق
جئتك سيدي وجيء بي لمشاهدة كمالك
أنا أعرفك وأعرف الآلهة الاثنين والأربعين
الذي معك في ساحة العدل المطلق
الذين يتعيشون على أصحاب السوء ويتغذون على دمائهم
في اليوم الذي فيه يقام الحساب أمام الكائن الجميل (أوزير)
جئتك أشاهد جمالك ويداي مرفوعتان ابتهالا لأسمك "العدل"
يا من عيناه بنتاه والعدل المطلق هو اسمه


جئتك بالعدل وزهقت لك الباطل
أنا أعطيتُ الحق لفاعله وأعطيت الظلم لمن جاء يحمله
لم أظلم إنساناً
لم أُسيء استخدام حيوان
لم أرتكب حماقة في مكان الحق
لم أعلم بما هو غير موجود
لم أنظر لعورة
لم أقم بزيادة وتيرة العمل المحدد (مسبقا) مع بداية النهار
لم آتي باسمي قبل اسم الإله
لم أغضب الرب
لم أبدد ميراث اليتيم
لم أفعل شيئاً مما نهاه الرب
لم أشي بعامل عند رئيسه
لم أتسبب في تعاسة
لم أترك جائعا
لم أتسبب في دموع
لم أقتل
لم أحرض على القتل
لم أعذب أحد

لم الوث ماء النهر
لم أنقص قرابين المعبد
لم أستبيح خبز الآلهة
لم أسلب قرابين الموتى
لم أزني
لم أنجس نفسي في الأماكن الطاهرة في معبد إله مدينتي
لم أزد ولم أنقص المكيال
لم أغش في مقياس الأرض
لم أتلاعب في مثقال الميزان
ولم أزحزح مؤشر الميزان
لم أنتزع لبن من فم رضيع
لم أحرم قطيع عن مرعاه
لم أقتنص طيوراً من براري الآلهة ولا سمكة من بحيراتها
لم أمنع ماء الفيضان في موسمه
لم أبني سداً للمياه الجارية
لم أطفئ ناراً عند أهمية إشعالها
لم ألوث قربان اللحم في أيام الأعياد
لم أتعرض لقطيع من ممتلكات المعبد
لم أسد طريق موكب الإله
فأنا طاهر، طا هر، وطهارتي مثل طهارة طائر البينو

أنت يا واسع الخطوة الآتي من هليوبوليس
أنا لم أرتكب ظلماً

"
التحيات لكم أيتها الآلهة، أنا أعرفكم وأعرف أسمائكم
ليتني لا أسقط في مذبحكم
ليتكم لا تضخموا من السيئات التي بي عند هذا الرب
الذي أنتم في صحبته، ولن تأتي أمامكم خطيئة مني
تحدثوا عني بالحق أمام رب الخلق
فأنا أقمت العدل في بلد المحبوب مصر
ولم أُغضب أي إله ولم تصدر مني معصية للملك الحاكم
التحيات لكم أيتها الآلهة التي في قاعة العدل المطلق
بأجسادكم الخالية من الكذب
الذين يتعيشون بالحقيقة في هليوبوليس
بالقرب من حورس الذي في قرصه الشمسي
أنقذني من "بابي" الذي يتعيش على الأحشاء في يوم الامتحان العظيم
انظروا، أنا جئت إليكم بلا خطيئة وبلا شر
لا شر داخلي ولا شكوى ضدي ولا أحد يعارض ما تفوهت به
فأنا أتحدث بالحق وأقترب من العدل

فعلت ما أراده الناس وما رضيت به الآلهة، أرضيت الله بما أراد
...

وفي الختام , يقول الإله تحوتي:
إن أفعاله وجدت صالحة في الميزان الأعظم
وهذا الأوزيري لم يرتكب إثماً ولم يصنع شراً

والوحش الذي يلتهم قلوب الأموات الذين يرتكبون الآثام , لن يكون له سلطة عليه .
المتوفى يصعد إلي السماء عن طريق سلم خلق خصيصاً لهذه المهمة , صنعه الإله رع والإله حورس

يمكن قراءة النص كاملاً هنا

-4-

تستطيع ان تغلق تلك الصفحات ولا تهتم بما هو مكتوب.. من المفضل ان تنتقل الى مشاهدة التلفزيون فمؤخرة روبى افضل من مقدمة ابن خلدون وكلمات السر المستخدمة فى الأنتصار على اعدائك من نوع "خالتى بتسلم عليك" افضل من فتح المعابر واشد من القوافل الطبية.. وتحولاتك الراسمالية المحببة الى نفسك افضل من تصديع رأسك بكلمات عن حقوق العمالة المصرية.. فقراءة كتاب "هؤلاء نكحونى" لتلك الكاتبة العظيمة، افضل بكثر من ارهاق عينيك بحروف الكترونية مكتوبة بفنط اسود مضيئ امامك على شاشة كمبيوتر..

فما ستقرأه هو مقتطفات من كتاب"الخروج الى الظلام: كتاب الموتى" الذى يكتبه حدثاء المصريون واعتقد انك ستجد ما لا يسعدك. فمن الافضل ان لا تعرف!!!...

1 comment:

آخر أيام الخريف said...

مش ممكن !!! انت بجد مدهش ..اسلوب كتابتك "يغوى" بالمتابعة فعلاً :)))واحدة من أجمل المدونات العربية اللى دخلتها

تقبل خالص تحياتى