Saturday, September 02, 2006

مصر التى فى خاطرى

مصر التي في خاطري

اقتربا من الطاولة فى هدوء , وضعا ما يحملانه من كتب و صحف عليها ,

جلسا على الكرسيين المتقابلين و سرعان ما أتى صبى القهوة و وضع أمامهم الدومينو و أكواب الشاي

بدءا فى اللعب و الكلام ...

كانا يجلسان بجوار عم قنديل الذي كان يقرأ الجريدة و بجواره فنجان القهوة

كان ذلك المشهد يتكرر يوميا بنفس أبطاله

الشابان يجلسان فى نفس المكان بجوار عم قنديل الذي كان ينصت يوميا الى كلامهم

كانا يتكلمان فى كل شئ و عم قنديل يسمع كل شئ و هو الصامت دائما

أنهى أحدهم حديثه و عقب الاخر :

- طيب ... أنت عارف الصحفي الشهير " احمد موسى " الكاتب فى إحدى الجرائد ...رئيس تحرير احدى الجرائد الأسبوعية ...عارفه ...ما هو بيقبض هو كمان

- لا طبعا ...ازاى ؟؟

- أقولك ...الحكومة كان عليها ضغط خارجي من اجل التحول الديموقراطي و خاصة بعد أحداث 11/9 ... فكان لابد ان تبرز دليل للغرب انها حكومة ديموقراطية فدفعت بامثاله لتثبت ديموقراطيتها ...لو عايز إثبات ... اقول لك ...الحكومة بتقبض على شباب و شابات فى المظاهرات بحجة اثارة الشغب و الهتاف بهتافات تحريضية ...تقوم تترك شخص يكتب مشاغبات و شتائم و تحريض على الثورة و يكتب فى جريدة أسبوعية تطبع و توزع و يقرأها الآلاف و لا يقبض عليه ...يا راجل اتقى الله

حاول عم قنديل فى كل حديث يسمعه ان يتدخل الا ان فشل تماما

فشل فى ان يتكلم ...

كان يريد ان يتدخل ...يناقشهم ...يجادلهم ...يتحاور معهم

إلا إن الكلمات أعلنت الاعتصام في ثنايا عقله

حنجرته و لسانه أعلنا العصيان على رغباته

رفضا ان يلبيا أوامره ...

حتى هو .... استأثر تلك الحالة !!!

هل اصبح مثل " أستاذ أنيس " في " ثرثرة فوق النيل " ؟

كان تسيطر عليه دائما فكرة واحدة

يريد أن يتخلص من نبوية و عليش و أم صابر و رؤوف علوان

أفاق من تأملاته على صوت الشابين مرة أخرى

قال أحدهم :

- أعوذ بالله ...ده فكر غربي كافر ...عيد ألام ...لازم نوقف الاحتفال به

- ليه ؟

- أنت عارف اصل عيد ألام ايه ؟ ...أقولك ... فى فرنسا ...كان الزوانى بعد ولادتهم نتيجة حملهم سفاحا ...تأخذ الحكومة الأطفال و تضعهم فى ملجأ .... و كانت ترفض ان يراهم أمهاتهم العاهرات ..فعملوا مظاهرات ...فسمحت الحكومة بيوم فى السنة يشوفوا أولادهم ... أولاد الحرام ....و سموا اليوم ده عيد ألام ...شفت اصله إيه بقى ...لازم نوقف الاحتفال بيه

شعر عم قنديل برغبة شديدة في القيء ... لم يستطع مقاومتها ,

نهض من مكانه دافعا الحساب و مضى في طريقه ,

وقف عند أول صندوق قمامة و كما يفعل يوميا ألقى الجريدة فى الصندوق ,

استند بيديه على الحائط ,حاول ان يفرغ معدته إلا انه فشل , شد قامته و استمر في سيره

كان يريد ان يصرخ إلا انه الصمت اللعين ,

لت تعد لديه القدرة على الكلام ,

لم يعد يشعر برغبة فى الكلام ,

كان يريد ان يصرخ , فقط يصرخ ....

" نور ...ايه الى جابك يا نور ؟ "

لم تعد لديه رغبة فى أن يعيش , و لا رغبة في أن يموت .

لماذا يتحكم فينا أمثال نبوية و عليش ؟ لماذا لابد ان يكون مثل أستاذ أنيس ؟

من الذي أهدانا رؤوف علوان ؟ من الذي سرق صوته و سجن كلماته ؟

لماذا خلقنا الله فى وسط هذا الفساد ؟ لماذا يسمح به في حياتنا ؟

لماذا لا يتدخل و يخلصنا مما نحن فيه ؟

لماذا ...لماذا ...لماذا .... يارب ؟؟؟

شعر ان فكره يقوده الى الكفر

و لكن " قليل من الكفر يصلح الإيمان "

نعم ... لابد أن يكفر

يكفر بكل ما يحيط به ...يرفضه ...

حتى يستطيع ان يغيره

ان يبدله ...ان يبدأ من جديد

كان يسير متمهلا لا يعرف الى اين تقوده قدماه ,

كان يسير لا يعرف إلى أين يذهب .....

................................

الوقت ليلا ....

و الأنوار تلقى بالظلال على الأرض و على حوائط المنازل

كان عبد الله الحرامى يجلس عند أول الشارع و أمامه منضدة موضوع عليها " رصة " من أحجار الشيشة و كان أحد الصبيان " السيس " يقوم بتعمير الحجر بالحشيش قبل وضعه على النارجيلة التي تمر على كل فرد من الجالسين مع عبد الله

مرت إحدى السيدات ملقية السلام فهب عبد الله واقفا :

- رايحة فين يا ام إسماعيل ؟

- رايحة اجيب الدوا من الأجزخانة ...احسن الواد تعبان قوى

- طب هاتى الفلوس و روحى انتى

اخذ عبد الله النقود و توجه الى الصيدلية , اشترى الدواء و عاد إلى منزل أم إسماعيل ,سلمها الدواء داعيا لأبنها بالشفاء .....

و عبد الله الحرامى لمن لا يعرف هو من " الأولاد الأشقياء " و تلميذ نجيب للبلطجى المتقاعد " عربي شخصية " و الولد الشقى كما هو معروف عنه حشاشا و بلطجيا و سفاح و قاتل عند اللزوم إلا ان الشقاوة لها آدابها فهو يقوم بخدمة آهل منطقته و يقف بجانبهم و يخدمهم مضحيا بحياته لو تتطلب الأمر و عبد الله الحرامى هذا يحبه كل أهل منطقته و خاصة الأطفال حيث يقوم بلعب الكرة معهم بعد صلاة الجمعة إلا أن مشكلة عبد الله التي تفسد حياته هي أزمته الثقافية مع الشرطة التي يطلق عليها الحكومة ....

فدائما بينه و بين الحكومة سوء تفاهم متواصل لا يمكن حله لا بالوسائل السلمية و لا بأي وسيلة أخرى ....

إلا إن سند عبد الله الحرامى فى سوء التفاهم هذا هم الأهالي ,,

في إي " كبسة " تقوم الحكومة بها من اجل اعتقال عبد الله يقوم الأهالي بتهريبه و إخفاءه من أعين الحكومة متحملين فى ذلك كل وسائل البطش و الإيذاء التي تتبعها معهم الحكومة

عرج عبد الله اثناء عودته على إحدى موزعي الحشيش للاستزادة حتى لا تنتهي السهرة مبكرا و أثناء عودته مر على مجموعة من الحرس جالسين أمام فيلا و كان قد شعر بالعطش

- لو سمحت ممكن اشرب ميه

- يلا يله من هنا ....مش ناقصين زبالة

- طب ليه الغلط ده يا بيه ...دانا بطلب بق ميه

- غور يا ابن ال .... يلعن ....

- الله يسامحك يا باشا

مضى عبد الله فى وجوم حتى وصل الى أصدقائه ....فهب إبراهيم حمتو و هو سفاح سابق متسائلا :

- مالك يا برنس ؟

حكى لهم ما حدث فشد إبراهيم على كتفيه و أعلن انه لابد من التوجه لهؤلاء لتعريفهم الصواب من الخطأ .انطلق عبد الله الى المنزل مسرعا و عاد حاملا فى يديه إحدى الوسائل المستخدمة فى إقناع الآخرين ...بلطة

و من سوء الحظ أن حمتو كان خاليا من السلاح إلا من سيف فأضطر ان يتصل بآخرين من النوع الذي يخدم لوجه الله . تقابل الجمع و كان عددهم بضع و عشرين , البعض متسلح بزجاجات مليئة بالبنزين مسدودة الفوهات بقطع من القماش و الآخر بأسلحة من مبتكراته و توجهوا الى الفيلا المعنية و ما ان رآهم الحرس حتى دخلوا الفيلا متحامين ببوابتها .

خلع عبد الله الحرامى و إبراهيم حمتو ملابس النصف العلوي حتى لا تتسخ من جو المعركة و كان ذلك إيذانا ببدئها . و كأي جماعة محترفة القوا بداية الزجاجات الحارقة حتى اشتعلت البوابة الخشبية فأقتحمها الرجال يتقدمهم الحرامى و حمتو عاريا الصدر .

و لم تمضى عشر دقائق و اصبح كل شئ - نبات و حيوان و بشر - قد انتقل الى رحمة الله و تركت الفيلا مشتعلة و خرجت الجماعة من الداخل في مشهد مهيب من وسط النيران .

ارتدى الحرامى و حمتو ملابسهما و ألقى عبد الله كلمة محييا كل من ساهم و لو بزجاجة حارقة – و هو اضعف الإيمان - ساعدت على هذا الإنجاز و شاكرا كل من ضحى بوقته فى سبيل أن نعيش حياة افضل خالية من مثيري الشغب , عديمي التربية , فاقدي الإحساس بالمسئولية تجاه الوحدة الإنسانية من أمثال هؤلاء الحراس و أصحاب تلك الفيلا !

انصرف الجمع و مضى حمتو مع عبد الله باحثين عن مكان لاكمال السهرة حتى لا تفسد الليلة

............................

كانت أصابعه المدربة

تتحسس سطح الخزينة

في قلق

كان يريد ما بداخلها

مازالت كلمات " محسن ممتاز " تتردد في أذنه

- خد بالك يا رأفت ...مصر أمانة بين ايديك

فتح باب الخزينة ...و شاهد الميكروفيلم موضوع على إحدى الأرفف

تساقطت قطرات عرق باردة على جبينه

مد يديه ليلتقط الميكروفيلم إلا انه شعر بيد تهز كتفيه

- قوم يا ابني ...المنبه عمال يضرب ... و أنت مش سامعه ...قوم علشان تلحق الكلية

انتفض تاج من نومه و لعن اليوم الذي دخل فيه الكلية . اغتسل سريعا و ارتدى ثيابه و انطلق الى محطة المترو المزدحمة كالعادة منتظرا القطار

كانت يديه تداعب سلسلة المفاتيح باحثة عن مفتاح السيارة حتى وجده

ركب السيارة و بجواره فتاته , انطلق بسرعة عالية مظهرا مهارة فى القيادة متفاديا كل من سبقه على الطريق . ضحكت حبيبته و وضعت رأسها على كتفه الأيمن و أحاطت بيديها يده اليمنى ,شعر بالنشوة فزاد سرعة السيارة . تطاير شعر الفتاة نتيجة اندفاع الهواء من النافذة فشعر بالسعادة المطلقة حتى ظهر فجأة أمامه شخص فضغط بكل قوة المكابح فتوقفت السيارة و ارتطمت رأسه نتيجة للقصور الذاتي .

ارتطمت رأسه بإحدى الأعمدة القائمة في وسط المترو و وجد نفسه فى المحطة التي يبغيها فنزل و سار حتى الكلية . دخل المدرج الممتلئ بمئات الطلبة ...صعد حيث يجلس أصدقائه و جلس بجوارهم

دخل الدكتور و بدأ فى الشرح , حاول مخلصا أن ينصت للشرح إلا أن الصوت كان ضعيفا أو شبه منعدم حتى ما يصله كان غير مفهوم لأن الدكتور كان قد باع المذكرة و لم يعد يهتم بالمحاضرة . و ضع رأسه بين يديه و اغمض عينيه .

دخل المدرج حاملا ميكروفون و آلة لعرض الصور

كان قد حول المنهج الى مجموعة من الصور مكتوب عليها الشرح

ركب العمال جهاز العرض و أوصل الميكروفون بوصلته المجهزة

و بدأ فى الشرح موضحا كلامه بالرسومات على شاشة العرض

و ما ان انتهى حتى بدأ الطلاب في الأسئلة التي أجابها بانتظام و حنكة

حتى اطمئن ان الجميع فهم ما يريد شرحه فاخرج ورقة مكتوب عليها أسماء بعض المراجع التي سوف تساعدهم على التعمق و الاستزادة و ما أن بدأ في إملاء الأسماء حتى قاطعه صوت :

- الحيوان إلى نايم ورا ده ... قوم يله .... هات الكارنيه يا روح أمك و اطلع بره

رفع رأسه فوجد أن الكلام موجه إليه ...أعطى الدكتور البطاقة الجامعية و انصرف خارج المدرج منتظرا زملائه

أشعل سيجارة و بدأ يفكر في فتاته

هل سينتهي بهم الحال كما انتهى بكثيرين ؟ فشل ذريع و نهاية قصة حب تتحطم أمواجها على صخرة الواقع ؟

كان يشعر أن مستقبله اصبح خلفه ...لا يراه

كان يشعر بالاختناق ... بالغضب

و غضبه في حالة ازدياد ...يتفاقم ...يرتفع كالجبال

ينسال كالحمم ...يحرق روحه فى بطء

كانت نفسه ملبدة بالغيوم ...غيوم لا تنقشع و لا تمطر

مطر يطفئ غضبه ....يريحه ...يخلصه من عذابه

كان قد ابتكر وسيلة ليتخلص من ذلك العذاب

الحلم

كان يغمض عينيه و يحلم بما يخلصه من عذابه

كان يريد ان يتفكك ...يتكسر ...يتفتت

يريد ان يصبح ذات أخرى غير ذاته

ذات جديدة ...تناسبه و تتناسب مع احلامه

الا انه فى ذلك فشل ايضا

حتى احلامه لم تكتمل

دائما ما كان يحدث شىء قبل اكتمال حلمه

و قبل نشوة الحلم

يحدث ما يفيقه منه ...من الحلم

و يعيده الى ذاته ...الى روحه المحترقة

....

افاق من تاملاته على صوت الجلبة التى صنعها تدافع الطلبة من المدرج

سار مع اصدقائه عائدا الى محطة المترو

نزل من السيارة امام تلك البناية

و اتجه ناحية المقاول ليعرف الاسعار

و بدأ فى التفاوض على شراء شقتين حتى ارتفع رنين هاتفه المحمول

كان شريكه يكلمه ... يحثه على العودة مسرعا

لأتمام الصفقة مع إحدى شركات المقاولات الكبرى

انهى المكالمة و عاد ليكمل نقاشه مع المقاول

حتى ارتطم براسه شىء

فرفع نظره فوجد امرأة تقول له :

- معلهش ...يا ابنى ... غصب عنى... المشبك وقع من ايدى

ضحك اصدقائه و علق احدهم :

- انت اتبهدلت انهاردة ..تعال معايا و انا حبسطك

..........................................

دخل تاج مع أصدقائه الى واحد من تلك البارات المشهورة

جلسوا على مائدة فى احدى الاركان و استدعوا الخادم

الذى اقبل مسرعا ينتظر طلباتهم

فطلب واحد منهم بالنيابة عن الباقي :

- 10 زجاجات بيرة و 10 سجائر ما بعد الحداثة

انطلق الخادم فى سرعة ليحضر الطلبات و اقترب اخر حاملا اطباق الفول النابت و الخيار و الطماطم و الترمس

كان عم قنديل يجلس على إحدى الموائد

و أمامه زجاجة خمر و كاس نصف ملئي و كان يرفعها الى فمه فى بطء و يرتشف منها فى بطء مستمتعا بطعم المرارة فى حلقه حتى رفع رأسه فى بطء ليرى صاحب الصوت المرتفع الذي شق سكون السكارى

كان عبد الله الحرامى و ابراهيم حمتو على الباب :

- و له يا حوكة ... التظبيط يا وله

و حوكة لمن لم يذهب الى هذا المكان من قبل هو المسئول الاول عن ترتيب الامشاط و الاثمان و الارباع و الانصاص على الارفف و وضع زجاجات البيرة فى الثلاجة الداخلية و الخارجية لكى تقدم مثلجة للعملاء و هو لا يخدم الزبائن و لكنه فقط يظهر عند دفع الحساب الا ان عميل فى قامة و اهمية عبد الله كان لابد من ان يقوم بخدمتهم من هو فى اهمية حوكة

اندفع حوكة الى المنضدة التى توجه اليها عبد الله و بدء فى اعدادها و استدعى خادمين فى سرعة ليضعا اطباق المزة ثم وقف ينتظر الاوامر

نظر اليه حمتو فى رضا و طلب منه :

- نصين و 10 قزايز بيرة و 10 سجائر ما بعد الحداثة

- عندى حاجة جديدة يا بشوات ... حاجات تفكيكية و حاجات بنيوية ...تجربوا الصنف

- مفيش مانع ...خمسة و خمسة

اسرع حوكة فى اعداد الطلبات و عاد بها اليهم و وضعها على المنضدة

وقع بصر حمتو على عم قنديل فألتفت الى عبد الله قائلا :

- مش ده عم قنديل ...ايه الى جابه هنا

التفت اليه عبد الله و استدعى حوكة الذي اتى مسرعا

- مين ده يا حوكة

- منعرفوش ...اول مرة يجى ...تحب نمشيه يا باشا ؟

- لأ

نهض عبد الاه من مكانه و توجه الى عم قنديل الذي كان فى غاية الحداثة

- ايه الى جاب حضرتك هنا يا عم قنديل ؟

اشار عن قنديل بيديه بأنه لا يعرف و لم ينطق بكلمة كعادته

اقترب منه عبد الله و وضع يديه تحت ابطيه رافعا اياه ثم علا صوته مناديا حمتو

- حمتو تعال ساعدنى ...وقف تاكسى يا حوكة

جرا عم قنديل الى الخارج و وضعاه فى السيارة و ركب معه حمتو

- متمشيش يا حرامى ...حوصله و ارجعلك

عاد عبد الله الى البار و كان صوت تاج و زملائه قد ارتفع

انزل تاج الكاس و قد انهاه , اخذ نفسا عميقا من السيجارة ثم نفثه فى بطء و سأل احد اصدقائه :

- هم ليه بيقولوا علينا شباب فاسد ؟

- علشان احنا معندناش احساس بالمسئولية , و نهرب من الواقع بالخيال , و بنشرب خمرة و حشيش و مبسوطين من الى احنا بنعمله

- بس انا مش مبسوط من الى انا بعمله ... و بعدين انا عندى احساس بالمسئولية ... كل الى بيخلينى اعمل كده انى حاسس بالعجز ... و انا مش بهرب من الواقع و لا من المستقبل لان لا فى واقع و لا حيبقى فى مستقبل

- انت بتقولى انا ...قول للبهايم الى بتقول علينا كده

كان الصوت قد ارتفع عند كلمة " بهائم " فألتفت اليهم عبد الله ليسكتهم محاولة لاستعادة الهدوء فى المكان فوجد تاج فى حالة تفكيكية متقدمة

- ايه الى جابك هنا يا استاذ تاج ؟؟ ميصحش الى بتعمله ده

- اعرفكم باحسن واحد عندنا فى المنطقة

حي عبد الله الشباب ثم التفت الى تاج و جذبه اليه فحاول تاج ان يفلت من قبضته و لكنه فشل فهب زملائه لنجدته الا ان مطواة صغيرة اخرجها عبد الله ألجمتهم

- وقف تاكسى يا حوكة ... و حساب الناس دى عندى ... و لو العيال دى جت تانى مدخلهاش يا حوكة ... بلاش العيال ديه يا حوكة

- حاضر يا باشا

- لو رجع حمتو قبلى ...قله يستنى

ركب عبد الله مع تاج فى السيارة و انطلقا عائدين الى منزل تاج

......................

ضحكت من قلبى و صديقى يحكى لى ما سبق

و اكمل نهاية الحكاية بأن الحكومة كانت فى انتظار عبد الله و حمتو عند عودتهم لانهما مشتبه فيهما فى قضية الفيلا و حدث كالعادة معركة يشيب لهولها الغراب استخدم فيها عبد الله أنابيب البوتاجاز و الزجاجات الحارقة و السلاح الحي و قد نجح أهالي الحى فى تهريبهما و اخفاءهما عن الاعين مدة طويلة الا ان نتيجة المعركة كانت محزنة

- ايه الى حصل

- قبضوا على عم قنديل علشان كان مع حمتو و اثناء الضرب الى شغال بين عبد الله و الحكومة جت رصاصة فى تاج قتلته

- غريب اوى الموضوع ده ...ان صايع زى ده يخرج تاج من البار

- ابدا ...اصل العيال الاشقيا دى عندها مبدأ و بتحفظ الجميل و تاج هو الى علم عبد الله و ابراهيم القراءة و الكتابة علشان كده بيشيلوه فوق رأسهم و يعتبروه كبيرهم

- و عم قنديل خرج و لا لسه ؟

- اضحك ... فضلوا يضربوا فى عم قنديل 3 ايام و برضه متكلمش لغاية ما عرض على النيابة و هو قدامها ... راح رافع راسه الى فوق و صرخ " نور ...ايه الى جابك يا نور " و سكت بعديها خالص ...راح النيابة افرجت عنه

- و هو ليه مبيتكلمش ؟

- اصل بعيد عنك من مخلفات اليسار و كان عضو اتحاد الطلبة سنة 71 و 72 فتقريبا مخه سافر

طلبت ان نغادر المكان فنادى صديقى

- الحساب يا حوكة

دفع صديقى الحساب و خرجنا فى اتجاه السيارة الا انى تذكرت شيئا فسألت :

- تفتكر ان احنا زى ما قال تاج شباب فاسد

- انت حاسس بأيه ؟

- انا مش حاسس بحاجة خالص

- تمام ...هو ده المطلوب ...كده انت على الطريق الصحيح ........سيبك بقى من الكلام الكبير ده ....ايه رأيك فى حتة بلدى نقضى معاها الليلة

- مفيش مانع

صعدنا الى السيارة و اتجهنا الى احدى الاحياء المتخصصة فى " الحتت البلدى " , اخرجت سيجارة بنيوية و اشعلتها و كانت كلمة عم قنديل تتردد فى اذنى " نور ...ايه الى جابك يا نور ؟؟"

تمت

1 comment:

Anonymous said...

قصه ممتازه خلتنى اقراها من اولها لاخرها منغير ماأرمش حتى