Sunday, June 03, 2007

خطايا


....

ثم حملتنى الروح الى اعلى

فوق قمة الجبل و ارتنى جميع ممالك الارض

و نظرت الى الملاك فقال لى

اذا اردت ان تكتب سطرا

عليك ان تقرأ كتابا

و اذا اردت ان تكتب بيتا

عليك ان تقرأ ديوانا

اما انا فأريك ما لم تره عين

و لم تسمع به اذن

فاكتبه حتى لا ننسى

فقد صنعت الالهة و نصبت

و حان الوقت لكى يعبدها الناس

و يسجدون لها

.......

فأوقفنى الملاك عند مدخل المدينة

و رأيت الناس يدخلون و يخرجون

فأعلمنى الملاك

لا تبحث ... فألهك داخلك

اسمع صوته ... و لبى ندائه

فانت السميع العليم

و اشار الى احد الانبياء

الداخلين الى المدينة

......


فوجدتنى اجلس خلف هذا الزجاج

و امامى نبى العهد الذى اشار اليه

قدم لى حقيبة ملئى بورق عملة

اخذتها منه فى حنكة و سرعة اذهلتنى

و بدات فى العد حتى انتهيت

و وضعتها فى الخزينة و اعطيته رقم الحساب

فاخذه فرحا و وضعه امامه على هذه القطعة الرخامية

سجد و صرخ بصوت عظيم

سيأتى ما لا قد املك شراءه الان

و لكنى استعد له

و بشر برقم الحساب ان كنا له عابدون

فتبعه الخلق من حوله و سجدوا معه

و حصلت زلزلة عظيمة و اظلمت الارض

...............


فحملتنى الروح

فوجدتنى كالطفل الصغير نصف عار

العب مع الاطفال فى هذا الممر من المدينة

ابى ات من بعيد يترنح و يتعرق بشدة

يحملنى و يدخل

نجلس حول المائدة ... ننتظر الطعام

و امى تغليه فى القدر ...فلا ينتهى

فيسجد ابى امام القدر الذى يغلى

و نحن وراءه

و يصرخ بصوت عظيم

نشكرك ايها الجوع ... يا من يغلى فى القدر

فقد اعطيتنا مفتاح الملكوت

فبدونك و بدون عذاباتك

بدون مرضك و جهلك

بدون موتك و انتحاراتك

ما كتبت لنا الجنة

فنحن ...نحن اتباعك

و لا نبغى الاك ... الها

فلن نكفر بك ابدا

انت مولانا ... فاذلنا حتى نرحل الى النعيم

فشعرت باعياء شديد من شدة الجوع

و سقط

......


فحملتنى الروح و رفعتنى الى قمة جبل عال

و ارانى الملاك قصر الملك من فوق جناحيه

و حملنى الى هناك

فوجدت الملك يجلس على عرشه

و حوله الناس سعداء فرحين

الجميع يضحك

فأتى ذلك النبى و طلب حق الحقوق

فأعطاه الملك ما اراد و طلب من رفاقه

ان يلبوا طلب النبى ... فخرج معهم

وقف الملك فجريت و حملت سيفه و قدمته له

فاخذه منى و سجد للعرش

و صرخ بصوت عظيم

انا الحق

ان لم اكن استجيب لك يا الهى

فألعنى

فها هو خادمك الامين يسعى لرضاك

فانت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين

فأصمت اذنى صرخة عظيمة

فغطى الملاك اذنى و عينى بجناحيه

و وجدتنى انزف من جرح غائر فى جنبى

.............


معلق انا على مشانق الصباح

و جبهتى من الموت محنية

لأنى لم احنها حية

هكذا تنبأ النبى الذى كان عند الملك

مصلوب انا الى جواره فى هذا القبو

ابكى

فصرخت فى الحراس

انا عطشان ... اعطنى لأشرب

فلم يستجب لى احد

صرخ النبى بصوت عظيم

و صمت

و لكن صراخ السوط الهب اذنى و ظهرى

و عندما حان وقت الصلاة توقف الجميع

وجدت السوط يتحرك فى هدوء حولنا

و جميع الحراس يسجدون واحد تلو الاخر

فصرخ قائدهم

المجد للسوط معبود الحراس

الذى جعل الجميع يقولون نعم

المجد للسوط معبود الحراس

الذى اخرج الصراخ من الالم

احنيت رأسى فرفعها الملاك

و غطى جروحى و حملنى

............


اصوات الغناء و الطرب

يقف الملاك عند المدخل

ادعوه ليدخل فيرفض

اقدم له احدى الاكواب فيرفض

قطعة لحم ... فيأبى

تركته و انصرفت اوزع ما فى القدر

و انا اضحك

الراقصة تتعرى و الرجال يصرخون

تتمايل و تتخلص من ثيابها قطعة قطعة

يتدافع الرجال و يتزاحمون

فابعدهم انا و بقية الحراس

و تندفع بقية النساء و تبدأ امطار من خمر

تهطل على الاجساد و تبرق السماء نقودا

و ترعد باصواتنا الهازئة الساخرة

فيسجد نبيهم و يتركه جسده و يطفو امامه

و تتبعه بقية الاجساد

فيبدو كل واحد و امامه يعلو جسده

فيسجد الجميع للجسد العالى

فيبكى الملاك عند الباب و تئن الروح التى

تحملنى

و تنزل نار اكلة اشعر بلهيبها يحرقنى

فيحملنى الملاك على جناحيه و يرحل بعيدا

........


اطفىء النار التى اشتعلت فى ثيابى

بماء النهر الذى اقف فى وسطه

فيقبل على احداهم و يشكرنى

فانا النبى المنتظر

يشكرنى لأنى اتيت اغتسل

فى نهر الحقيقة و اخرج كتابا

و بدأ يقرأ علوما و اسفارا

و لما انتهى

بدأ ثان فى قراءة اسفارا اخرى

و لما انتهى بدا ثالث فى قراءة اسفاره

و ظللنا هكذا الف عام

حتى مات ثلث الناس من المرض

فلما انتهيت انا

بدأ الاول فى شرح اسفاره و لما انتهى

بدأ الثانى و لما انتهى بدأ الثالث

و ظللنا هكذا الف عام

حتى مات ثلث الناس من الفقر

فلما انتهيت من شرح اسفارى

بدا الاول فى الشجار مع الثانى

حول الحقيقة و لما انتهيا

بدا الثانى فى شجار مع الثالث حول الحقيقة

و هكذا ظللنا الف عام

حتى مات ثلث الناس من الجهل

و لما انتهينا

سجد الجميع ... كل لكتابه

جف النهر و ماتت الاسماك

و لم يبقى الاى واقفا

بجوار الملاك اما الروح فتركتنى

...........

اعادنى الملاك مرة اخرى الى قمة الجبل

و ذكرنى

لا تنسى ... ان تنسى جميع ما رأيت

فاختار نبيك و الهك و اتبعه

فصرخت ماذا تريد منى ؟

لماذا اريتنى ؟ ... لماذا اختبرتنى ؟

فلم يجب الا بدموعه

تنزل على تغسلنى

و تركنى و انصرف و ظللت واقفا انتظر

...........

عادت الروح الى مرة اخرى و حملتنى

و اعادتنى حيثما كنت

امام باب المدينة

............


دخلت المدينة

و اخذتنى قدماى الى المنزل

و جدت زوجتى و اطفالى

فى انتظارى

قبلت زوجتى و جلست العب مع اطفالى

حتى ناما

فحملتهما الى السرير فلمحت الملاك عند

طرفه يجلس مبتسما

اما الروح ...

فلم تعد تفارقنى

..................


5 comments:

Anonymous said...

و ما لها أن تفارقك يا هذا

يالهول ما رأيت

لأ حلوة يا عباس.. فيها فكرة ملهمة قوي

Mirage said...

دى رؤيا يوحنا الرابع دى ولا ايه ؟

zenzana said...

للاسف لا علم لي بالنقد
او الكلام المكلكع اللي انت عارفه بتاع المثقفين
لكن النص حلو جدا وانا حسيته كويس

عذرا ع التعليق المسخوط دا لكن ف الغالب انا أقرأ بس ولا أجرؤ علي التعليق
تحياتي

Alexandrian far away said...

أسفار رائعة يا عزيزى عباس
حقيقة من أقوى ما قرات من فترة طويلة
النص قوي ومتماسك
تناصك مع نص (النبي ) لجبران رائع ومضيف بلا أتكاء ولا أقتباس
تضميناتك جاءت بمكانها
حقيقة نص قوى وممتع ومبهج
أشكرك لنشره
أبهجت يومى

Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.