
نظرية الدبوس : الأنثى ضد المرأة
--
On doit pieger notre propre culture avec notre propre culture.
Michel Foucault
علينا أن نفخخ ثقافة مجتمعنا بثقافتنا الخاصة
ميشيل فوكو
--
مدخل تاريخى : فلننعش الذاكرة
كتب البعض مؤخراً عن أن " كلنا ليلى " أصبحوا " كلنا نُهى " .. ثم ظهر بوست يليه بعنوان " مش كلنا نهى " .. نعود بالذاكرة قليلاً و نتذكر موقف " الليلات " و " النُهات " فى أحدى قضايا التحرش :
منذ فترة كتبت مُدَوِنة بوست عن حالة تحرش , تعرضت لها أثناء وجودها فى أحدى المواصلات العامة , و لم تدرى ما تفعله فأثرت الصمت و الحكى فى ألم . جاءت كل التعليقات النسائية تضامنية من نوع " قلبى عندك يا أختشى " . تحكى كل واحدة منهم قصة تحرش مرت بها لتخبر المتضررة بأنها ليست وحدها فى هذا العالم الذكورى المتوحش . و كانت اكبر و أهم نصيحة قدمت " هى نصائح و أرشادات ركوب المواصلات " . و هى على الفتاة أن تحمل معها " دبوس " و اذا زنقت جداً معاها ممكن " ترقع بالصوت العالى " . كان هذا اقصى ما تفتق عنه ذهنية المعلقات . أى و الله , دبوس و ترقع بالصوت العالى .
و لما كتب البعض يشجب و يرفض تلك السلبية و انه كان ينبغى ان يشتم و يضرب و يجرر هذا الحيوان الى القسم , تعرضوا لهجوم غريب . و يتذكر معى كراكيب هذا الموقف , لأنه اكثر واحد تعرض للهجوم .
" علشان انتم مبتقدّروش .. و ايش فهمكم انتم فى التحرش .. انتم مش بتمروا بظروفنا .. و لازم نتضامن معنوياً مع الفتاة " و كتب شخص عن ان الناس أتعودت و انه لا ينبغى أن نغضب و نندهش و اخرى كتبت عن انها هى - المتحرش بها - اللى غلطانة .
محدش من الثائرات " الليلات و النُهات " فى وقتها أعلن عن ضرورة " القبض و محاكمة المتحرش " . كله تضامن معنوياً مع الضحية و لم يجاهر احد الا بنظرية الدبوس . أما دلوقتى فأصبحن كلهن ثائرات و الحمد لله .
للأسف محدش فكر فى اللى عملته نهى رشدى , و لا واحدة فكرت فى كده .. رغم ان مدونة مثلهم هى من تعرضت لحالة التحرش تلك , محدش قالها انتى غلطانة , كان لازم تبلغى البوليس .
لا " كلنا نهى " حملة ذات معنى و لا " مش كلنا نهى " أيضاً . لأن مش كلنا نهى معناها أن البعض نهى و البعض لأ . انا بقول مفيش و لا واحدة نهى .
--
نهى هى الأستثناء الذى يثبت القاعدة . نهى لأن " ثقافتها مغايرة مختلفة * " تملك حرية " الخمس المتعلمات ( اصحاب الصورة فى البوست السابق ) , أستطاعت تفخيخ \ تفجير ثقافة مجتمعها بثقافتها الشخصية و حققت العدالة من وجهة نظرها ** . نهى خرجت من " الأحتباس الدينى " و ثقافة " التضامن المعنوى " و دافعت عن جسدها الذى هو منحة الهية .
صحيح انها فعلت شىء طبيعى " ايون طبيعى *** " مش بطولة و لا حاجة . لكن هى فى نظرى " كسرت النمط " و خرجت عن " المألوف " و هو ما لم و لن يفعله " ثوار الانترنت " .
--
صلاة
نشكرك يارب على كل حال و من أجل كل حال و فى كل حال .. و نشكرك على نعمك علينا و نشكرك على ان " نهى رشدى " مبتقراش مدونات , لأنها لو كانت بتقرا مدونات كانت مشيت بدبوس و بعد ما الواد تحرش بيها , كانت " شكته بالدبوس " , و قالتله " أبعد من هنا يا وحش " و بقت مدونة عظيمة .. الشكر و الحمد ليك يا رب .. آمين .
--
و لكن ما هو سر " الثورة " و الفوران الرهيب الذى حدث فى عالم التدوين و خاصة المدونات النسوية ؟
يتبع ..
--------
* الثقافة المغايرة استغلها البعض ليبرر ان ظروف نهى لن تتكرر !!! .
** العدالة تختلف من وجهة نظر البعض , و هو ما سنتطرق له
*** الحدث طبيعى فعلاً و هو ده الصح و المظبوط , أى حد بيتعرض لأنتهاك بيبلغ البوليس :
السرقة .. انتهاك حرمة المال .. بتبلغ البوليس
القتل .. انتهاك حرمة النفس .. بتبلغ البوليس
التحرش .. انتهاك لحرمة الجسد .. هتك عرض .. بتبلغ البوليس
أى ان ما فعلته نهى هو الطبيعى .. لكن احنا فى مجتمع ثوار و مناضلين زى ما انتم عارفين .. فاكيد بنعمل اللى هو مش طبيعى !! .