Thursday, December 11, 2008

الصندوق الأسود


أسرار الصندوق الأسود

--

لى أصدقاء فى هذا العالم أصدقاء قساة . خطفوا طارئرات . أحتجزوا رهائن . زرعوا عبوات . زوروا باسبورات و تحايلوا على المطارات . أختاروا أسماء مستعارة و عاشوا فى ظلها . تمردوا على النظام و طاردوا " العدو فى كل مكان " و عادوا من الرحلة . هذا أصيب فى روحه و قهرته الأيام . و ذلك أصيب فى جسده و يعيش مع الأدوية و الذكريات . و ثالث دفن على بعد آلاف الأميال من التراب الذى كان يناديه .

أنهم رفاق الدكتور وديع حداد مسؤول المجال الخارجى فى " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " التى أرتبط أسمها طويلاً بأسم قائدها الراحل الدكتور جورج حبش . طالبان فلسطينيان التقيا على مقاعد الجامعة الأمريكية فى بيروت . اغرقتهما النكبة فى أسئلة عن حال الأمة و مستقبلها .

قبل عقود من طارئرات أسامة بن لادن أنهكمت مجموعة فى قيادة " الجبهة الشعبية " فى بحث عن وسيلة لهز ضمير العالم و تذكيره بالظلم اللاحق بالفلسطينيين . كان الغرض أيضاً توسيع دائرة المعركة مع إسرائيل الى كل مكان . هكذا أقر مبدأ خطف الطائرات . و سيقع على عاتق وديع حداد مسؤول المجال العسكرى الخارجى عبء التخطيط و التنفيذ و أستقطاب " الرفاق الاجانب " المعادين للأمبريالية الى حد الأستعداد لمقاتلتها على مسارح قريبة و بعيدة .

من مقدمة المؤلف

---

ما سماه الغرب " امبراطورية الإرهاب " كان بالنسبة للدكتور وديع حداد لقاء طبيعياً بين ثوار وهبوا انفسهم لمعركة ضد الظلم داخل بلدانهم و على مستوى العالم كله . كان بدهياً أن يشعر الموساد الأسرائيلى بالقلق , فقد كان حداد قادراً على أن يضرب فى هذه القارة أو تلك . و كان من حق الغرب أن يقلق . فحداد يقود حرب بلا هوادة , و كان قادراً على مفاجأة خصومه فى باريس أو لندن أو روما أو نيروبى . يصعب ضبط حركاته و احتواء اندفعاته . قد يكون المهاجم المانياً أو يابانياً أو تركياً أو إيرانياً . جنسيات كثيرة و شبكات معقدة و وثائق مستعارة و أسماء مستعارة .

بعد العمليات الأولى " للمجال الخارجى " توافدت مجموعات ثورية من بدلان مختلفة الى الشرق الأوسط تطرق باب حداد . و بعد المرور بالتنظيم الطالبى ل" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " و الإعلام فيها كان حداد يستقبل من يتوسم الجدية فى عملهم .

تبدأ العلاقة ببلورة الأرضية السياسية و حين تتأكد صلابتها يبدأ التعاون وفق برنامج محدد . تبادل معلومات و توفير وثائق و أسلحة و تسهيلات و تدريبات و أحياناً مباشرة فى العمليات .

تحول حداد رمزاً و ملاذاً . و تحول " المجال الخارجى " معهداً للثوار تخرج منه من هزوا العالم بعنف : " سالم " الفنزويلى الذى لم يكن غير كارلوس , مريم اليابانية التى لم تكن غير نوريكو شيغينوبو زعيمة " الجيش الأحمر " , و " مجاهد " الأرمنى الذى لم يكن غير أغوب أغوبيان زعيم الجيش السرى الأرمنى لتحرير أرمينيا " . سالم يقيم اليوم فى سجنه الفرنسى . مريم سجينة فى بلادها و مجاهد جندله الرصاص . سقطوا بعد رحيله . ربما بسبب غياب المظلة و ربما أيضاً لأنهم وقعوا فى ما كان يحميهم منه : نسج علاقات مع دول و أجهزة فضلاً عن الوقوع فى النجومية .

جاؤوا من البعيد الى المعسكرات الصغيرة . قلة تدربت فى الأردن قبل إخراج المقاومة الفلسطينية منه . قسم تدرب فى لبنان . بعضهم فى مقديشيو . لكن المعهد الكبير كان فى عدن .

متى تأسس معسكر عدن ؟

ظهرت الفكرة فى 1971 و بدأت الأتصالات مع المسؤولين هناك . الحقيقة انه فى كل بلد لنا فيه نشاط عسكرى كنا نحتاج الى معسكر . المقصود وجود مكان جاهز لأستقبال و تدريب العناصر التابعة لنا أو الأصدقاء . من المعسكرات التى تذكر فى شكل كامل و متكامل معسكر عدن الذى أستمر طويلاً أى من بداية السبعينيات الى وقت قصير قبل انتهاء اليمن الديموقراطى بقيام بين شطرى اليمن .

من من الألمان مثلاً ؟

تنظيمات الجيش الأحمر الذين يعرفون أيضاً ببادر – ماينهوف أو اختصار ال" راف – raf  " و " الثانى من حزيران " و الخلايا الثورية " .

هل جاء أحد من فرنسا ؟

لم تأت مجموعات من فرنسا . فى المقابل جاء كثيرون من الأسبان . جاءت مجموعات " إيتا " . الاشخاص صادقون فى التعامل و التوجه و الأستعداد للعطاء , لكن ينقصهم التماسك الذى ميز الألمان . كما جاءت تنظيمات يسارية محدودة من إيطاليا . لكن ليس " الألوية الحمراء " . لم نستقبل الألوية الحمراء لأننا كنا على أعتقاد انهم مخترقون و لم نكن على أستعداد لهدر الوقت فى التأكد من صحة الأختراق و حجمه . جاء الهولنديون و تدربوا . و فى ضوء الأحتكاك لمسنا حجم مشكلة الفراغ التى يعيشها الشاب الهولندى . لم تكن قضيتهم مجذّرة .

كذلك جاءت مجموعات صغيرة من نيكاراجوا . جاء الساندينيون و جاء باتريك ارغويللو الشاب الذى أستشهد فى عملية خطف الطائرة التى شاركت فيها " ليلى خالد " . جاء افراد من شيلى و مجموعات من سان سلفادور , لكن لم نلمس لديها بنية تنيظيمية . جاء شباب من أصول عربية نزح اجدادهم الى تلك البلاد . جاء أشخاص من مجاهدى خلق و انقطعت العلاقة معهم بعد انتصار الثورة . جاءت الجبهة الشعبية لتحرير تركيا و فئلت يسارية اخرى . كنا نستقبل جرحاهم أيضاً إذ كنا نرى هذه المجموعات جزءاً من الثورة العالمية . و لم يترر الأتراك فى العطاء .

و جاء اليابانيون أيضاً و لهم خصوصيتهم السيكولوجية . صادقون حتى الموت . متى أتخذوا قراراً لا يعودون عنه . أصحاب صدقية عالية . و الدليل هجوم " الجيش الأحمر اليابانى " فى مطار اللد . يحبون النقاش و الأخذ و الرد و لكن حين يتخذ القرار يتبعه التنفيذ .

-----

جزء من كتاب

" وديع حداد – كارلوس – جورج حبش – أنيس النقاش

أسرار الصندوق الأسود "

حوارات

غسان شربل

دار رياض الريس للكتب و النشر

المقطع منقول من الفصل الثالث بعنوان

" عملية مطار اللد .. العلاقة مع المنظمات الأممية "

جزء من الحوارات الخاصة بوديع حداد . 

3 comments:

الازهرى said...

العزيز رامز

اقف احتراما لهذا الصحفى الجاد
ولمجهوده فى اظهار الحقائق وسط كل هذه الاكاذيب التى نعيشها

وشكرا لك على المعلومات القيمة فى جزء لم اكن اعلم عنه سوى النذر القليل

الثورات التى تشتعل فى كل مكان دليل على حالة القمع التى يعيشها الانسان باختلاف اجناسه وان المظلومين اذا كانوا جادين فانهم يجدون الطريق لاطلاق الصرخة وايصال صوتهم الى العالم مهما كانت الضغوط
كما اجد الرسالة القديمة وهى ان من يشعر بالظلم فانه يواجه الظلم فى كل مكان مهما تغير شكله وهذ يذكرنى بمقولة المواطن العالمى التى ترددت فى منتصف القرن الماضى

واسمح لى ان اسألك
بدأت فكرة وديع حداد بطالبين فى مدرج يتناقشان
فهل توافق على ما يقوله الزملاء من ان المدونين حركة قادرة على تغيير اشياء كثيرة بل وربما تغيير النظام كله ؟
تحياتى دوما

عين فى الجنة said...

عزيزى الباشمهندس

يقول المثل الانجليزى
birds of feather fall together
او بالعربى الطيور على اشكالها تقع
كلهم ارهابيين يا عزيزى كلهم قتلة يروعون الامنين ويتركون المجرمين

أبوفارس said...

أعتقد يارامز أن مابسمى بالعنف الثورى هو جزء من موضوع أكبر وأكثر تعقيدا وهو موضوع العنف ذاته..لماذا نلجئ الى العنف فى التعامل؟؟ هل السبب عدم القدره على التفاهم..؟؟تضارب المصالح وتقاطعها ؟؟بحيث أن تحقيق مصلحه طرف ما تستدعى أنتفاء مصلحه طرف أخر !!وبالتالى العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق مصالح متناقضه ولو على المدى القصير..أم أن العنف جزء أصيل من الطبيعه اﻷنسانيه..ميثولوجيا اﻷديان اﻷبراهيميه تدعى أننا نسل اﻷخ القاتل..فى رؤيه عميقه لتأصل العنف البشرى..برغم كل ماندعى من تقدم وتطور فالقرن العشرين مثلا هو أكثر فترات التاريخ المكتوب عنفا على اﻷطلاق..بدايات القرن الحالى لاتدعو للتفائل بالمناسبه..ولكن تظل قضيه العنف الثورى..أو أستعمال العنف لتحقيق العداله أو أسترجاع حق ضائع مسأله شائكه ومحفوفه بالمنزلقات..الدليل على ذلك هو تصاعد وتيره ودرجه العنف فى شرقنا التعبس على مدار القرن الماضى حتى وصلنا إلى مايشبه عملية أنتحار جماعى..لفه بسيطه على تعليقات القراء فى الجزيره أو العربيه تجعلنى أصاب يالذعر..رفض الآخر أيا كان..اﻷطمئنان لما أقول أنه صواب مطلق لايحتمل الخطاء..هى مقدمات للعنف المتزايد فى شرقنا السعيد والمرشح فقط للأندفاع للأمام للأسف...تحياتى وكل سنه وأنت طيب..خالد