Sunday, March 22, 2009

عَقَل البعير -4



---

نحو التغيير

-1-

" وهذا السلوك الجماهيري يستمر على هذا النحو إلى أن تكتشف الجماهير أنها قد غرر بها أو خدعت, وحينئذ يتغير مسارها وتنقض بلا رحمة على من غرروا بها أو خدعوها, وقد يحدث هذا التحول بسبب كارثة كبرى تقع ( هزيمة عسكرية ساحقة أو انهيار اقتصادي يهدد لقمة العيش)  أو بسبب تراكم جرعات الوعي التي يبثها بعض المصلحون من أبناء الشعب. "

الحشود العمياء !

-2-

ان عدد الاشخاص الذين على استعداد لمقاومة السلطة أقل بكثير ممن هم على استعداد لطاعتها العمياء .

-3-

التغيير

متى يحدث التغيير ؟ نستطيع ان نتعرف على 3 وسائل او طرق للتغيير و كلها معتمدة على النص السابق .

الأولى : تحرك الجماهير نتيجة انهيار اقتصادى يهدد لقمة العيش

الثانية : تراكم جرعات الوعى

الثالثة : المصلحون من ابناء الشعب .

و هم يمكن اختصار كل واحدة منهم فى كلمة معبرة .

انتفاضة شعبية .. التنوير و الحداثة .. النخبة .

-4-

الانتفاضة الشعبية

اذا كانت الجماهير لا تعقل و لا تطلب الحقيقة , فهل انتفاضتها يعول عليها ؟ . فى القرن الماضى – القرن العشرين – حدثت 3 انتفاضات كبرى يمكن تذكرها الأولى انتفاضة سعد زغلول حيث قامت الجماهير بسد الطرق و الكبارى و تدمير المواصلات و حرق المحلات . حشود ضخمة تحركت و دمرت البلد و حرقتها بحجة انها نتفاضة شعبية . الثانية : حريق القاهرة الذى ادى الى ثورة 52 و يكفى من اسمه " حريق القاهرة " . اما الثالثة " انتفاضة 77 " التى حدثت نتيجة لرفع اسعار السلع الغذائية و التى ادت الى حرق و نهب البلد ,  و النظام الحالى يعى جيداً ما حدث و تعلم الدرس من سابقيه و لا يسعى لتكرار ما حدث و هو ما نلاحظه مع رفع الأسعار المتتالى دون أى انتفاضات " شعبية " .. فجرعات المخدر اكبر بكثير من احساس الحشود " الشعب " بالألم . غير أن تحرك الحشود يؤدى دائماً الى دمار و خراب . و ليس كل ما يريده الشعب هو فى الصالح العام . فثقافة القطيع هى التى تحكم !! .

-5-

جسد

فى كتابه المراقبة و المعاقبة , يكتب ميشيل فوكو أن جسد المحكوم عليه بالأعدام لا يستخدم فى الأعدام العلنى لأثبات حدوث او تنفيذ الحكم بل لأعلاء جسد الملك و تخويف الحشود التى ستذهب لمشاهدة الحكم و السيطرة عليها و على أجسادها فى المستقبل .

" القسوة تتضاعف بفعل الحشد (القطيع) ولذا فهو يَمضي لحضور عذابات يخاف منها "    

-6-

تفرز ثقافة الحشد العنف و التعصب :

 العنف لأن الحشود او القطيع يجد فى تجمعه قوة , فالفرد لا ينفصل عن الجموع . فهو خارج القطيع عديم الفائدة سريع الأستسلام و لكنه فى الجماعة يشعر بالأمان و القوة و عدم الخوف و تتم تلبية احتياجاته, لذا فهو يسعى دائماً للحفاظ على رباط هذه الجماعة حتى لو كان بالعنف . اما التعصب فهو ضمانة لأستمرار الفكرة الواحدة التى تسيطر او هى رباط هذه الحشود و تماسكها فهو يخشى كل جديد و يرفضه , فقد يكون هذا الجديد السبب فى تفرق الجماعة التى تؤمن له احتياجاته .

فى دولة مثل " مصر " .. بها " احتقان طائفى " و مع جماهير لا تعقل و لا تطلب الحقيقة , كما اوضحنا ,  بل تسير فى قطيع و يسهل السيطرة عليها و تضليلها معرفياً  .. , لك أن تتخيل حجم الكارثة اذا تحركت - كما يسعى البعض و ينفخ فى النار – تلك الحشود فى جماعية تحكمها صفتين : العنف و التعصب !! . ( نستطيع ان نعطى كثير من الأمثلة و بالأخص من الثورة الفرنسية التى قامت و ادت الى أن الجماهير قتلت و شنقت الملك و الملكة و الحاشية , ثم انقلبوا على قادتها – قادة الثورة -  و قامت بقتلهم و شنقهم أيضاً !!! , او نتذكر ان بداية ثورة يوليو المصرية المباركة ! قامت بشنق العاملين بمصنع نسيج " خميس و البقرى " !!! ) .

-7-

القابلية للإيحاء والاستهواء والاستلاب

حين يتدنى مستوى الجماهير التعليمي والثقافي , تصبح فريسة لأي شخصية قادرة على اللعب على مشاعرها وتصوراتها واحتياجاتها . فتندفع بلا عقل إلى التصديق والإتباع دون تثبت أو تحقق ويساعد على ذلك غريزة القطيع التي تشكل نوعا من الضغط الجماعي على الناس فيندفعون إلى اتجاه معين لا لشيء إلا لأن غيرهم مندفعين أو مساقين إلى نفس الاتجاه . و هناك من يدخل من هذا الباب محاولة منه لخلق فوضى عارمة !! .

-8-

مناخوليا اليسار و الفكر الأشتراكى !!

طرح الكاتب الشيوعي أحمد صادق سعد في دراسته القيّمة لانتفاضة 77 أن اليسار، حتى الراديكالي منه، كان مقيدا برؤية إصلاحية للحدث مناقضة لقوة الدفع السياسية للانتفاضة. سعد يثبت تقديره هذا بتحليل بيانات المنظمات اليسارية التي أدانت العنف وتبرأت من لعب دور في الانتفاضة وحصرت أهدافها في إسقاط القرارات الاقتصادية. 

سعد محق في تقديره، ولكن ليس لأن البيانات المركزية لتلك القوى وصلت للجماهير وأثرت فيها – فكما طرحنا، يغيب تأثير القوى السياسية المركزي في الأيام الأولى لأي انتفاضة – ولكن لأن هذه البيانات تكشف عن نوع التربية السياسية التي تلقتها عناصر تلك القوى والمتأثرون بها من المنغمسين في أوساط الجماهير، وتكشف بالتالي عن نوع المواقف التي دافع عنها هؤلاء، وهم نسبة مهمة ممن قادوا الأحداث، خلال المناقشات في المواقع المختلفة حول الوسائل والأهداف.

سعد يورد مثلا هاما. ففي أثناء المظاهرات كان يظهر مدافعون عن الذهاب لمجلس الشعب لرفع مطلب إلغاء القرارات الاقتصادية، وكان يظهر على الوجه المقابل تيار المواجهة العنيفة للسلطة ورموزها عبر إشعال الحرائق وتحطيم المحلات. لن يختلف معنا كثيرون على الأغلب إذا قلنا أن كثير من عناصر اليسار، بمختلف فصائله، كانت في "طليعة" المدافعين عن البديل الأول، وأن البديل الثاني المتحدي للنظام لم يجد من يصححه وينضجه ويخضعه للهدف الثوري ولمركزية النضال العمالي. لن يختلف معنا كثيرون إذا قلنا أن مَن يرى الاشتراكية هدفا مؤجَل، وهذا كان موقف معظم عناصر اليسار، لا يمكنه أن يسعى لدفع الانتفاضة باتجاه الثورة. ومَن يعتبر إسقاط النظام عمليا محض خيال، لا يمكنه أن يُطّور مطلب اقتصادي محدود (إلغاء القرارات الاقتصادية) إلى مطلب سياسي أكثر جذرية (إسقاط السلطة السياسية). ومن لا يملك رؤية واضحة للدور القيادي للطبقة العاملة، لا يمكنه أن يسعى بشكل منهجي إلى دفع انتفاضة العمال ومظاهراتهم في اتجاه الإضراب (ثم الإضراب العام) وفي اتجاه تكوين أشكال تنظيمية فاعلة للحركة العمالية تستطيع توفير فرصة لسيطرة الطبقة العاملة على قوى الانتفاضة بدلا من ترك العملية الانتفاضية ، كما حدث بالفعل بدءا من نهاية يوم 18 يناير، في يد قوى البرجوازية الصغيرة والبروليتاريا الرثة غير القادرة على امتلاك مشروع تكتيكي أو استراتيجي واضح المعالم .

المنغمسين ! , البرجوازية ! , البروليتاريا الرثة ! , العناصر ! , الدور القيادى للطبقة العاملة ! , الحركة العمالية ! , النضال ! , مشروع تكتيكى !!!!! .

ثم يقال عن ما حدث هو خطأ تنظيمى يسهل تداركه .. و مازال اليسار يسعى لتداركه حتى الأن !!! ( طولة العمر ليك يا حج ) .

 

 

يتبع ..

 

4 comments:

^ H@fSS@^ said...

يا مهون المصايب يا رب

حستنى لما تخلص
ابقى اديني رنة عشان اعرف ان ده اخر مقال من سلسلة المقالات دي

الا قولي
فكرك ليه قفلوا برنامج نادي السينما؟

تحياتي

أبوفارس said...

ده تعليقى عند أسكندرانى..حطه عندك كوبى وباست
تمام
*****************
كده أنا عامل زى "صادق
أفندى" فى مسرحية فؤاد المهندس وشويكار "أنا فين وأنت فين"...معلهش حقكوا عليا..أنا قلت حوار ولم أعنى به أنكم قاعدين على قهوه تتكلموا وبينكم براد شاى ..أنا أقصد أنكما تتطرقا تقريبا لنفس الموضوع من طرفين متناقضين..وبشكل متميز..وأنى مستمتع بقدح الدماغ ده..بس خلاص...وحقكم عليا أنا...ولازلت متابع وأحتفظ بحقى فى التعليق..تحياتى وصادق مودتى..خالد

أبوفارس said...

ولكن أنا لى تعليق سريع على ماقلته هنا ياباشمهندز..بص ياسيدى الفاضل..
أنا شخصيا مؤمن تماما وبعد السن ده كله أن مجتمع بلا يسار هو مجتمع بلا مستقبل...ﻷن اليسار -بالمعنى العريض لكلمه اليسار-هو القوه السياسيه الوحيده التى تنظر للمستقبل..تختلف مع رؤيته أو تتفق ده موضوع تانى..اليسار لايوجد لديه عصر ذهبى قديم يحن للرجوع أليه..ولا ماضى تليد..وشامخ يريد أسترجاعه..اليسارى الحقيقى يؤمن أن أجمل اﻷيام هى تلك التى لم نعشها بعد...ده أولا...حضرتك مهندس وحتفهم النقطه دى بسهوله...حركه المجتمع اﻷنسانى أى مجتمع أنسانى هى محصلة حركة القوى السياسيه المختلفه فيه...فلو وجد مجتمع -كالمجتمع المصرى اﻷن -كل القوى الناشطه فيه تريد أسترجاع لحظه تاريخيه راحت وعدت..حركته الوحيده ستكون للخلف..مصر اﻷن بها قوى تريد العوه للخمسينيات من القرن العشرين -هذا هو عصرهم الذهبى- أخرين عاوزين يرجعوا شويتين لورا حوالى القرن السابع الميلادى..بالله عليك أين يذهب هذا المجتمع..ودى تانيا... تالثا..اليسار هو القوه السياسيه الوحيده التى تمارس النقد الذاتى والموضوعى طوال الوقت..كجزء أساسى من فعلهم السياسى..لانؤمن بنظريه المؤامره...ولا بمقولة صدق العزم منى ولكن الدهر أبا..هناك ظروف موضوعيه وذاتيه للفشل والنجاح..شاور لى كده على فوه سياسيه أخرى فى الواقع المصرى اليوم بتقول "أحنا غلطنا"..مافهمناش الواقع صح..أو قدراتنا الذاتيه لم ترق لتحديات الواقع...وعندك ماكتبه "صادق سعد" يندرج تحت بند النقد الذاتى..واللى أنا شخصيا مختلف معه..فى حين يتفق معه ياسر مثلا...نقطه أخرى..الدور الحقيقى لليسار هو توعيه..تعليم ثم قياده الجماهير فى نضالها اليومى..وليس الفعل بالنيابه عنها...اليسارى الحقيقى أحدى قدميه وسط الناس اﻷخرى تسبقهم بخطوه..وعينه على اﻷفق...نقطه أخيره أنا أتفق معك فى نقد العنف الزائد فى ممارسات ستالين..ولكن لاتنسى أن أكثر من دفع التمن هم أعضاء الحزب نفسه لمقاومتهم له..تلتين اللجنه المركزيه وحوالى ٩٠% من أعضاء الحزب الذين شاركوا فى الثوره ثم الحرب اﻷهليه...ولكن...العنف جزء أساسى ومكون رئيسى من حركه التاريخ..أقرء ماكتبه فرويد عن العنف بعد الحرب العالميه اﻷولى..وأسمح لى أن أسألك..ماحجم العنف الذى مارسته الكنيسه الكاثوليكيه -حاملة تعاليم السيد المسيح التى لايختلف أثنان على مثاليتها ودعودتها للمحبه والسلام- ماحجم العنف الذى مارسته لتثبيت دعائم سلطتها الدينيه والدنيويه..وهنا لاأتكلم عن كام واحد أتحرقوا أو تم تعذيبهم..أتكلم عن أباده الهراطقه من أول الغنوصيين حتى الهيوجونت فى فرنسا...وأبادة ملايين السكان اﻷصليين فى العالم الجديد وغيره وغيره...لسه عندى كلام عن ضرورة التغيير ولكن كفايه كده اﻷن...أسف على اﻷطاله..تحياتى وصادق مودتى..خالد

عباس العبد said...

حفصت
مصايب ؟ كده برضه يا حفصت يا بنتى
عموماً فاضل اتنين
مستنى رأيك
===
ابو فارس
انا فاهم قصد حضرتك يا صديقى العزيز .. اللى اتحمق قوى هو اسكندانى مش انا .. انا كل اللى عملته انه لما اتهمنى بأنى اقص و الزق رحت واخد من عنده الرد بتاعه و عته تانى بس قلبته عليه ( اكيد اخدت بالك من انى مستخدم نفس العبارات ) .. تريقة مش أكتر
انا و اسكندرانى اصدقاء بس نحب نهرج بس
--
بالنسبة لرد حضرتك
انا مقلتش ان اليسار وحش او ليس قوة تقدمية انا قصدى زى ما حيبان فى الحلقتين الفاضلين
انا فاهم قصد حضرتك و مستوعبه تماماً
كل الفكرة ان اليسار المصرى يسار " بيهرج " و كل نماذجه بأسثناءات قليلة هى نماذج غير مشرفة
جايز حضرتك علشان تعرف ناس من 68 او يساريين قدماء كانوا مؤمنين بالتقدمية
لكن انت ما شفتش بتوع اليومين دول
بتوع التكعيبة و افتر ايت و و ما شابهما
اليسار هو مهندس حركات التحرر ( حتى لاهوت التحرير مبنى على فكر اليسار و حضرتك عارف ) بس فى مصر اللى انا بتكلم عليها - مصر الحالية
اشك كثيراً فى الفكرة دى