نحو التغيير
-1-
" وهذا السلوك الجماهيري يستمر على هذا النحو إلى أن تكتشف الجماهير أنها قد غرر بها أو خدعت, وحينئذ يتغير مسارها وتنقض بلا رحمة على من غرروا بها أو خدعوها, وقد يحدث هذا التحول بسبب كارثة كبرى تقع ( هزيمة عسكرية ساحقة أو انهيار اقتصادي يهدد لقمة العيش) أو بسبب تراكم جرعات الوعي التي يبثها بعض المصلحون من أبناء الشعب. "
الحشود العمياء !
-2-
التغيير
متى يحدث التغيير ؟ نستطيع ان نتعرف على 3 وسائل او طرق للتغيير و كلها معتمدة على النص السابق .
الأولى : تحرك الجماهير نتيجة انهيار اقتصادى يهدد لقمة العيش
الثانية : تراكم جرعات الوعى
الثالثة : المصلحون من ابناء الشعب .
و هم يمكن اختصار كل واحدة منهم فى كلمة معبرة .
انتفاضة شعبية .. التنوير و الحداثة .. النخبة .
-3-
اذا كانت الجماهير لا تعقل و يسهل تضليلها معرفياً .. فلا مفر اذا من التوعية .. او من
التنوير و الحداثة .
-4-
" إنني مستعد أن أموت من اجل أن أدعك تتكلم بحرية مع مخالفتي الكاملة لما تقول "
فولتير
-5-
ماهو التنوير ؟
يكتب لنا كانط عن ماهية التنوير :
التنوير هو خروج الإنسان من القصور الذي يرجع إليه هو ذاته. القصور هو عدم قدرة المرء على استخدام فهمه دون قيادة الغير. يكون هذا القصور راجعا إلى الذات إذا كان سببه لا يكمن في غياب الفهم، بل في غياب العزم والجرأة على استخدامه دون قيادة الغير ، تجرأ على استخدام فهمك الخاص ! هذا إذن هو شعار التنوير .
إن الكسل والجبن هما السبب الذي يجعل طائفة كبيرة من الناس يظلون، عن طيب خاطر، قاصرين طوال حياتهم، حتى بعد أن تكون الطبيعة قد حررتهم، منذ مدة طويلة، من كل قيادة خارجية والذي يجعل آخرين ينصبون أنفسهم بسهولة أوصياء عليهم. إنه من المريح جدًّا أن يكون المرء قاصرا. إذا كان لدي كتاب له فهم نيابة عني، وواعظ له ضمير نيابة عني، وطبيب يحدد لي نظام تغذيتي .. الخ، فإني لن أحتاج إلى أن أجتهد بنفسي. ليس من الضروري أن أفكر ما دمت قادرا على أداء الثمن ؛ ذلك أن الآخرين سيتحملون هذا العمل المزعج نيابة عني. أما أن الأغلبية الساحقة من يعتبرون أن الخطوة نحو الرُّشْد، فضلا عن أنها شاقة، خطيرة جدًّا كذلك، فهذا ما سبق أن دبره أولئك الأوصياء الذين يتحملون الإشراف العام عليهم بطيبوبة تامة. فبعد أن يجعلوا أولا ماشيتهم مغفلة، وبعد أن يحرصوا بعناية على ألا يسمح لـهذه المخلوقات الهادئة بأن تتجرأ على القيام بخطوة واحدة خارج عربة المشي التي حبسوها داخلها ، بعد ذلك يبينون لهم الخطر الذي يتهددهم إذا ما حاولوا المشي بمفردهم. صحيح أن هذا الخطر ليس بالذات جد كبير، لأنهم سينتهون بتعلم المشي بعد أن يسقطوا بضع مرات .
أما أن ينور جمهور ذاته، فهذا بالأحرى ممكن، بل إنه تقريبا أمر محتم إذا كان هذا الجمهور متمتعا بالحرية. ذلك أنه، في هذه الحالة، سيوجد دائما، حتى بين من نصبوا أنفسهم أوصياء على الأغلبية، بعض الذين يفكرون بأنفسهم، والذين، بعد أن يتخلصوا هم أنفسهم من ربقة القصور، ينشرون حواليهم روح تقدير عقلي لقيمة كل إنسان واستعداده لأن يفكر اعتمادا على نفسه. والغريب هنا أن الجمهور الذي سبق أن وضع من قبلهم تحت ربقة هذا القصور، يجبرهم بعد ذلك، هو أيضا، على أن يظلوا تحتها، إذا حرضه على ذلك بعض أوصيائه العاجزين عن التنوير. إلى هذا الحد يكون ترسيخ الأحكام المسبقة مضرا، لأنها في الأخير تنتقم لنفسها من أولئك الذين كانوا هم أنفسهم أو أسلافهم واضعيها. لـهذا، لا يمكن لجمهور أن يبلغ التنوير إلا ببطء .
فالثورة قد تطيح بالاستبداد الشخصي والاضطهاد المتعطش للمصلحة المادية أو السلطة، ولكن لا يمكن أن تؤدي أبدا إلى إصلاح حقيقي لنمط التفكير ، بل فقط إلى استخدام أحكام مسبقة جديدة، مثلما كانت تستخدم القديمة، كشريط موجه للأغلبية التي لا تفكر. وإنه من أجل هذا التنوير لا يتطلب الأمر شيئا آخر غير الحرية .
-6-
ومع الآسف مازال هناك في مجتمعاتنا من يظن بأن حرية الفكر تقود إلى الكفر، وأن حرية المرأة تقود إلى الفسق، وأن العقل محدود فلا يمكن إطلاقه إلا كما نفعل مع طير القفص بتعريضه للهلاك. وهناك من يرى أن كل الخطر في تلقي العلوم الإنسانية في الفلسفة والتاريخ وعلم النفس والاجتماع ،فهذه أفكار أربع تأسيسية تناقض الفكر مع الإيمان، والعقل محدود الطاقة، ويجب عدم السماح للكفر بالتعبير عن نفسه خوفاً من هزيمة الإيمان إذا ظهر في ساحة المواجهة.
فولتير
-7-
الحضارات
الحضارات لا تموت بل تتحول .. تستمر فى دورات .. فالحضارة الفرعونية لم تمت بل حاضرة فى الحضارات الأغريقية و اليونانية و الرومانية .. الذين بدورهم حاضرين فى الحضارة العربية .. التى بدورها لم تمت .. بل حاضرة فى الحضارة الأوروبية .. فالحضارات لا تموت بل تتحول من شكل الى أخر .. من أسم الى أخر .. تنتقل من مكان الى اخر .. و من زمن الى أخر .. فهى فى النهاية ملك للأنسانية كلها ..
أرنولد توينبى
-8-
ان سبب التخلف العربي عائد الى الانغلاق الكامل داخل يقينيات القرون الوسطى التي تتخذ صفة الحقيقة الالهية المقدسة التي لا تناقش ولا تخضع للعقل بأي شكل .
لقد أصبحت أوروبا بفعل التطورات التجارية والسياسية والدينية مهيمنة من كل النواحي منذ القرن السادس عشر وما صارت اليه أوروبا على مدار خمسة أو ستة قرون كان بفضل الاصلاح الديني في القرن السادس عشر، ثم الثورة العلمية الحديثة على يد غاليله وديكارت ونيوتن في القرن السابع عشر، ثم فلسفة التنوير في القرن الثامن عشر، وهي الفلسفة التي أدت الى نقد الدوغماتية المسيحية المتحجرة، وفتح ثغرة في جدار التاريخ المسدود. وشهدت في القرن التاسع عشر الثورة الصناعية التي تواصلت انجازاتها في القرن العشرين . كل هذا اعتماداً على ما وصلها من الحضارة العربية !! ..
فهل الله – نور السماوات و الأرض – يقف ضد التنوير فى العالم العربى ؟؟
-9-
من يقف ضد التنوير ؟ **
إن الحضارة العربية الاسلامية الكبيرة قد استوعبت التراث الاغريقي الروماني وانتصرت عسكرياً على ما عاداها، بل كانت متفوقة على الغرب اقتصادياً وثقافياً طوال قرون عدة . ثم عارضت السلطات العثمانية دخول المطبعة الى الامبراطورية طوال ثلاثة قرون خوفاً من دخول الأفكار الجديدة. وهذا يعني: " ان المرض الحقيقي الذي يعانيه العالم العربى هو نقص الحرية. إن لم نقل انعدام الحرية".
هذا يعني : " انه لا يوجد دين يسمح بالتطور ودين يمنعه كما يزعم البعض هنا أو في الغرب. و الدليل على ذلك ان الحداثة في أوروبا اصطدمت بالمسيحية أو قل بالفهم المتزمت لها مثلما تصطدم حالياً بالاصولية الاسلامية سواء بسواء. فالفهم المستنير للدين هو الذي يشكل بداية الانطلاقة الحضارية، وهو الذي يحرر الطاقات المكبوتة أو المكبلة. ومن دونه لا يمكن للحضارة ان تتشكل ولا للنزعة الانسانية ان تسود ".
فالتنوير ليس حكرا على العقل الغربي إذ هناك تنوير اقتصادي مزلزل في شرق آسيا وتنوير ماركسي مادي في الصين و تنوير لاهوتى فى أمريكا اللاتينية و تنوير ديني روحي عرفته الحضارة العربية الاسلامية في عصور الازدهار وتنوير فلسفي عند الإغريق وتنوير سياسي شيده العالم الهندي في مرحلة ما بعد الاستعمار البريطاني و تنوير علمي تقني شهدته الحضارة القارية الأوربية وامتد إلى العالم الأنجلوساكسوني الجديد .
-10-
نحو التنوير
إن تنوير الحشد ليس مسألة مستحيلة وممتنعة بل تدخل في دائرة الممكن بشرط أن تتوفر لهم الحرية وينتشر بينهم روح التقدير العقلي للقيمة الخاصة بكل إنسان.ولن يصل الحشد إلى التنوير دفعة واحدة وبسرعة بل لابد من التدرج وتحقيق التنوير عبر مراحل من خلال التربية والتمرس والتدريب،”فالجمهور لا يمكن أن يصل إلى الأنوار إلا ببطء" ." فإذا سئلنا إذن:هل نعيش حاليا في عصر مستنير؟ فإليكم الجواب:كلا،بل في عصر يسير نحو التنوير "
فوكو – كانط
-11-
التنوير الحقيقي هو مساءلة الحاضر ، أنطولوجيا الحاضر ،لأن الحاضر انتماء لعصر يختلف عن غيره من العصور ، ولأنه يحمل بصمات تنبئ بعالم جديد بصدد التشكل،ثم هو”نقطة تحول نحو فجر عالم جديد”. فالتنوير يتطلب تغيير في العلاقة بين الإرادة والسلطات من أجل الاستخدام الشرعي والحر للعقل حتى يعوض التفكير الفردي الكتاب , والضمير المرشد الأخلاقي , والانهماك بالذات الطبيب , . لأن التنوير صيرورة خروج من حالة معينة كانت عليها الإرادة تتميز بالشلل والعجز إلى حالة جديدة تتميز بالتصميم والعزم .
ميشيل فوكو
-12-
من يقود التنوير ؟
”فالذين توصلوا إلى التحرر من القصور والمشي بخطى ثابتة بالجهد الخاص لعقلهم هم قلة”..
كانط
فهل النخبة قادرة على تنوير الجمهور ؟
------
** المساءلة هنا لا تقتصر على الفكر الأسلامى العربى الذى يمارس سيطرة ما على الفكر الأنسانى , فالكنيسة المصرية ايضاً مبدعة و خلاقة فى هذا المجال !! . فكما ترفع المؤسسات الدينية الأسلامية قضايا على بعض الكتاب و المفكرين لأن ما يكتبونه ضد " الدين " , ترفع الكنيسة فى مؤازرة شعبية و وحدة وطنية – مع أخواننا المسلمين - قضايا ضد الفنون من أدب و سينما !!! .
4 comments:
و تنوير ديني روحي عرفته الحضارة العربية الاسلامية في عصور الازدهار
يعني ممكن إقامة نهضة تنويرية لا تتعارض مع الدين و لا تقصره على المسجد و لا تحاربه بإعتباره رجوع للعهود السحيقة القدم ؟
معااااااااااااااااااك
أنا عارف إنى مش هاشوف عصر مستنير
لكن هل ممكن ألمس تغيير فى المستقبل المنظور
لو عكسنا كلامك على الحراك السياسى الكائن فى مصر
لوجدنا أن مطالب حركةكفاية لو تحققت كلها مش هاتعمل حاجة
إقرا البوست دا
http://dantyelmasry.blogspot.com/2008/02/blog-post.html
كده أحنا مش مختلفين على فكره..أنا لاأدافع عن اليسار المصرى ولايحزنون..أدرك أن فاهم وواعى...أنا بس أنتهزت الفرصه..وقلت كلمتين يمكن يفتحوا عقل حد..وبالذات الرجل عندك بسم الله ماشاء الله لاتنقطع..زى الغناء فى دار أبى ربيعه كده..فكما تعلم هناك من يؤمن إيمانا راسخا أن البسارى هو من يأكل ويكتب بأيده الشمال..وأخرين يبسملوا ويستغفروا أن ذكرت كلمه يسار أمامهم..سيبك ممن يتحسسوا مسدساتهم -ولانخليها سنجتهم- حين يسمعوا الكلمه...اﻷفتر أيت أعرفه طبعا..أنما أيه التكغيبه دى..أيامنا كانت البستان للغلابه وريش للمتريشين...معاك ومتابع ولى كلام بعدين....تحياتى وصادق مودتى..خالد
مهندس مصرى
ممكن طبعاً اقامة اى نهضة معتمدة على التنوير
لكن الفكرة انك لا تنظر الى الخلف
التنوير زمنى آنى .. بمعنى انك تشوف انت عايز ايه دلوقتى و ايه اللى يفيدك دلوقتى .. لأنك باصص على المستقبل .. مش باصص على مجد قديم و تسعى لتقليده
الكنيسة فى امريكا اللاتينية عملت لاهوت بأكلمه اسمه لاهوت التحرير
و ممكن استاذنا ابو فارس يفيدك فى الموضوع ده اكتر منى لأنه يعرف ناس من مؤسسى اللاهوت ده
===
دانتى المصرى
كفاية ايدك منها و القبر
قريت البوست و مختلف فى بعض التفاصيل
===
ابو فارس
الله يخليك يا كبيير
هل اجبت حضرتك على السؤال الخاص بوجود الله اللى طرحته فى احدى تعليقاتك و لا انا قصرت فى حاجة ؟
Post a Comment