Friday, March 07, 2008

بجوار رجل اعرفه


بجوار رجل اعرفه

محمد فتحى

مجموعة قصصية – اصدارات دار ميريت – الطبعة الاولى 2008

.............

اللعب مع بيشوى

لم اعد العب مع بيشوى لأسباب عديدة ليس من بينها ان البنت اخته اسمها " بربارة " , فقد حذرنى ابى الا اسخر من اسماء القديسين حتى لو كانوا من يحملونها يستحقون ضرب الجزم . صحيح ان ضرب الجزم هذا كان من نصيبى دائما لأننى لا استطيع ان اصمت حين ارى بربارة و هى تمسك الشنطة الشبك التى تضع فيها العيش المفقع بعد ان يبرد علشان ميعجنش فأصرخ مناديا اياها وسط الشارع :" يا بت يا بربارااااااا .. يا برابييييير ... يا بربوووووووور ", و تمشى وراءها العيال و هم يزفونها " البربور اهه اهه ... البربور اهه اهه " و تساعد بربارة على تأكيد الحكاية حين تبكى و تنتحب فينزل المخاط من انفها بالكيلو , و يفرح العيال و يتعالى ضحكهم بشدة , الا اننى كنت العب مع بيشوى بعدها بمنتهى البراءة و لا كأنى جعلت اخته اراجوزا منذ قليل , و كان متسامحا فى هذا الصدد و يكتفى بعض مؤخرتى .

لم اعد العب مع بيشوى لأسباب عديدة ليس من بينها انه بطحنى ذات مرة بقالب طوب احمر عنما تبولت فى كوب العصير الذى يشرب منه دون ان يرانى ( مالى انا اذا كان قد ابتعد عن كوب عصيره كل هذه المدة ), و حين انتبه لما حدث – و لا اعرف كيف انتبه من البداية – كان قد انتهى من شرب العصير فى رشفات بطيئة و كأنه استغرب الطعم فى البداية , ثم لم يصدق خياله فيما ذهب اليه بعد شم رائحة الصنان , ثم ادرك حجم الكارثة حين افلتت منى ضحكة شيطانية , قبل ان ينتقم بيشوى منى مثل انتقام اميتاب باتشان فى فيلم صراع الجبابرة الذى شاهته على غرزة ابانوب ابو محمد , و الذى اسمى ابنه بهذا الاسم بعد ان مات كل اولاده الذين كان يسميهم باسماء على منول صموئيل و فلتس و صليب .

لم اعد العب م بيشوى لأسباب عديدة ليس من بينها انه كاسرنى فى ماتش الدورة الرمضانية بعد ان قلت له " مال امك انت و مال الدورة الرمضانية ... انت مش كوفتس ياض ؟ .., و الحق يقال انه لم يرد الا بأبتسامة خجولة , سرعان مازالت عندما مررت الكرة من بين قدميه و انا اقول له :" خروقه يا كوفتس " , و سرعان ما تحولت ابتسامته الى سباب عندما خبطته بالكرة فى وجهه , و كان حظ اهله انها خبطته فى الدمل الموجود من مدة بين شفته العليا و فتحة مناخيره الشمال , و كان حظ اهلى انا المهبب عنما اكتشف بيشوى انه فقد سنتين من الشوطة , فانتظر اللحظة المناسبة قبل ان يقصنى من الخلف . صحيح انه طرد بسببها , و ان فريقى نال ضربة جزاء فزنا بيها بالمباراة , لكن قدمى ظلت فى الجبس بعدها شهرين كاملين كان بيشوى يمر خلالهما ليغيظنى و هو ينادى من تحت البلكونة :" مش هتيجى تلعب كورة يا ابو رجل مسلوخة " و انا اموت فى لعب الكرة , و فى خروقة بيشوى .

لم اعد العب مع بيشوى لأسباب عديدة ليس من بينها انه يسكن فى العشة الخشب عند شريط القطار الذى تحذرنى امه من المشى فوقه كى لا يدهسنى السواق المفترى الذى دهس من قبلى ثلاث عيال , و لا لأنه لم يعد ينادينى منذ فترة حتى اركب خلفه على العجلة , ولا لأنه ضرب بربارة بسببى عندما بصقت فى وجهى و سبتنى بأمى , لكن لأسباب منطقية تتلخص فى ان عشة بيشوى الخشب احترقت , و كان بيشوى و بربارة بداخلها .

.................

الشباك

التزمت الصمت تماما حين قال لى ابى انه رآنى و انا امارس العادة السرية من شباك الحمام . لم ارفع رأسى لزوم حبك الدور و إعطائه انطباعاً بأننى أشعر بالذنب . هاجمتنى اسئلة وقحة تصب فى بوتقة : كيف رآنى ابى من شباك الحمام ,و هل اعتاد مراقبتى ام انها المرة الاولى ؟ , لكن كلامه الصارم كان يخرجنى من تركيزى فى هذا الهراء و هو يردد عبارات محفوظة لمثل هذه المواقف – ربما قيلت له فى موقف مشابه – عن وجوب حفظ الفرج , و ان من يحفظ منيه فى الصغر يكون عند حسن ظنه فى الكبر , و غيرها من الترهات .

كان درسى المستفاد من هذه الواقعة أن اتأكد من اغلاق النافذة جيدا فى مثل هذه المواقف , و زدت من احتياطاتى بأن امتنع عن ممارسة العادة السرية أثناء وجود والدى فى المنزل , و احتطت اكثر باغلاق الباب بالترباس و إغلاق كل الانوار فى حالة وجود الجميع خارج المنزل حتى اجد مبررا عند تاخرى فى فتح الباب اذا كنت امارس الحب مع كاميرون دياز او انجيلينا جولى على الكنبة المجاورة للباب .

ظل الموقف يطارنى و يصر على اقتحام ذاكرتى بعدها بسنوان خاصة اذا اثنى على ابى امام احد من اصدقائه او معارفنا , و حين التحقت بكلية الطب اكتشفت ان كل ما كانوا يخيفوننا به من اضرار العادة السرية مجرد وهم , فالأمر – طبيا – لا يتعدى ممارسة اى عادة اخرى تؤثر عليك سلبا اذا افرطت فيها , و تؤتى ثمارها معك اذا اعتدلت .

صحيح ان الامر زاد معى بعد ان تعرفت على العزيزتين روبى و هيفاء و تزوجتهما معا و كلتاهما تعرف انها ضرة للأخرى , لكننى كنت حريصا على الامتناع عن قنوات الاغانى خاصة فى رمضان حتى يقبل الله صومى , و كثيرا – بعدما سافر ابى للخارج و تركتنى امى لتعيش مع شقيقى الاكبر – ما قررت الافطار فى رمضان بمشاهدة الموفى تشانيل او شارون ستون مع مايكل دوجلاس فى غريزة اساسية , و كنت اضطر معظم الوقت الى الشجار مع مايكل – دوجلاس لا ابن الجيران – حتى افوز باللحظة المهمة التى ينفجر فيها ماء الحياة , و الحق يقال أن شارون ستون كانت كريمة معى فلم تمتنع و لو مرة واحدة .

اليوم دخلت المنزل دون كلام , و لا حتى تحية لزوجتى التى تزوجتها منذ ستة اشهر تقريبا ظنا منى اننى بذلك ارضى أمى التى رفضت ان اكون طبيب امتياز دون زواج حتى لا تنال منى ممرضات فأتزوجها بعد ان تحكى لزميلاتها عن زنقى لها فى غرفة العناية المركزة بعد انصرافهن .

مررت بزوجتى دون ان اعيرها انتباها بعد مشادة الصباح المعتادة التى كانت صامتة فيها على غبر العادة بنظرة شاردة ذاهلة الا لم افهمها سوى الان حين قالت لى بنبرة ذات مغزى : إبقى اقفل شباك الحمام كويس .

......................

أبونا حزقيال

كانت هذه هى القاعدة و ما سواها استثناء .

نقابل ابونا حزقيال فى الصباح و هو فى طريقه الى كنيسة العذراء بينما نحن نلعب و نلسع النسوان و البنات الصغيرات بالأستك فى صدورهن قبل ان نجرى . يعطينا ابونا حزقيال الارواح من فنضام و بونبونى و شيكولاته فنقبل يده فرحين و نبتسم له فى ود و هو يؤكد علينا حضور قداس يوم الاحد و نحن فى قمة سعادتنا بالثواب الذى سنناله و بتقبيل ماريان التى لا نراها سوى يوم الاحد , و بترك اللبان على المقاعد اثناء الترانيم ليلاقى الجميع الامرين و هم يحاولون إزالتها من بناطيلهم او جيباتهن عند المؤخرة تماماً مما يسمح لنا بتفقد كل المؤخرات الرجراجة الجميلة فى لحظة واحدة و الجميع يلتفت ليرى ماذا حل به , و حين نخرج كنا نواصل لسع النسوان بالأساتك مستمتعين بتلبيس الامر بأكلمه للولد عمر المسلم الذى ينتظرنا فى الخارج كى نواصل اللعب بعد القداس .

اليوم الذى تغيرت فيه القاعدة هو اليوم الذى رأتنا فيه ام ماريان و نحن نقبل البنت لتأخذها و تهرب جميعا غير عالمين بعاقبة الامر .

و فى الاحد التالى مر ابونا حزقيال بجانبنا فى طريقه للكنيسة عابسا مقطب الجبين دون ان يعطينا الارواح او يبادلنا الابتسام و توعدنا بعقاب الرب الشديد على خطيئتنا فى حق ماريان , و لم اكن اعرف كيف سيعاقبنا الرب و يترك ماريان .

مر يومان انتظرنا فيهما ابونا ان بهدأ فلم يهدأ .

أن يغفر فلم يغفر .

أن يعطينا نصيبنا المعتاد من البونبونى و الشيكولاتة فلم يعطنا شيئاً , و لم يكن أمامنا سوى ما فعلناه .

كان مقبلا علينا بكل رهبته و عبوسه السخيف , منشغلا بالابتسام لكل البشر سوانا , و لم ينتبه الا و الاستك يلسعه بقشره اليوسف افندى فى مؤخرته , و لأنه لم يقل أى حتى يحفظ هيبته فقد توجه اليه وليم ابن طنط ايفون محاولا تقبيل يده , و حين اعطاها له ابونا كانت لسعة الأستك الثانية تجبره على سحبها بسرعة , و حين تلفت حوله باحثا عنا بوجهه المحتقن كان وليم يبصق على كفه قبل ان يجرى بعيداً , و قبل ان يغضب ابونا كان ماريو يدلق جردل الماء فوق رأس ابونا حزقيال بمحض الصدفة المقصودة من بلكونة بيتهم ,و لأن عمر الذى يسكن فى البلكونة التى تعلو ماريو كان مسافرا فى هذه الاثناء , فقد كان من الصعب ان ننكر أى تفاصيل , و كانت هذه هى المرة الاولى التى تعطى فيها الكنيسة حرماناً لأطفال لم يتعدى عمرهم عشر سنوات , و كان صاحب الحرمان أبونا حزقيال الذى مات بعدها بيومين .

.................

مجموعة جميلة جدا

شيقة جدا

ممتعة جدا

تستحق القراءة و الاقتناء

........

احلى نصوصها

بجوار رجل اعرفه

تاكسى و ركبة مقدسة

حسين الذى ... !!!

تأمين حراسة

جملة مفيدة

ياية !!!!

سيدنا رزق

حذاء جديد

Offer

4 comments:

Solo said...

المجموعة شكلها رائعة فعلا .. و الكاتب أسلوبه جميل و سلس .. وكمان لفت نظري تفاعل و إشتباك الكاتب مع الحياة المشتركة لأخواتنا الأقباط .. و تصوير هذه التفاصيل التلقائية الظريفة بشكل خفيف و جذاب .. و دي حاجة مش كثيرة الحدوث .. إن شاء الله أجيب المجموعة و أكملها .. و شكرا جزيلا علي تعريفنا بالمجموعة .

^ H@fSS@^ said...

الله يخرب بيت الشيطان
انا حجيب ايه و لا ايه
و البنت المسكينة اللي جاية من مصر دي اشيلها ايه و لا ايه؟
مؤكد فيها دفع وزن زيادة
منك لله
ارجوك متجبش سيرة كتب جديد لغاية ما انزل مصر تاني و ابقى اكتبهم في ورقة منفصلة عشان بس انزل اخدها منك و فريرة على المكتبات
حرام حرام
بتعايروني بالشح اللي انا عايشة فيه
حرام
مش ذل ده؟ ها
مش ذل؟
ليه بتعمل فيا كده يا عبس
انا زعلتك في حاجة ؟؟

ماشي
ماشي

^ H@fSS@^ said...

اه و صحيح
يار يت تطبع قصصك انت كمان وتكتب عليها اهداء ليا عشان لما يعدي الزمن ابيعا بالغالي ف يمزاد و اقول انا كنت اعرف الاديب رامز شرقاوي باشا
هههههههههههههههههه

عطشان said...

المجموعة فعلاً تحفة يا رامز
و انت بتقراها بتحس بأستمتاع فظيع

تصور لو محمد فتحى راح المرسى !